الروابدة : لا أحد يرفع “قارمات ضدنا” (حوار وفيديو)

 

• كنتُ جاهزاً لدفع الثمن في أيّ موقف، ولا يزال رأيي قائماً بقانون الانتخاب

• البرامج العقائدية هي صناعة ضمير أمةٍ وليست ترجمةَ واقع أمةٍ

• قرار تغيير رئاسة “الأعيان” كان مُفاجئاً وهذا سبب استقالتي

• القوى الليبرالية واحدة ممن “شوّش” عليّ وأثرها بسيط

• هنالك من لا يؤثرون أن يكون غيرهم أكثر قدرة على النجاح

• كل دولة عربية تبنّت هويةً وطنيةً واُنكرت علينا هويتنا الوطنية

• تعرضتُ للديجتاليين عندما انطلقوا ليديروا البلدَ بعقليةٍ لا تعرفُ واقعَ الوطنِ

• البيروقراطيةُ ليسَت سُبّةً لكننا نرفضُ التعقيدَ والروتينَ

• نريد من الديجتاليين أن يأخذوا أدوارهم الواقعية ولم أقل إنهم خرّبوا الاقتصاد

• ما افضت إليه نتيجة قانون اللامركزية كارثةً إداريةً

• لدينا سياسيون لكنهم تحوّلوا إلى قلة، أما البقية كبرتهم المناصب

• كان هنالك هواية اعدام كل القيادات حتى خلت الساحة

• صار السياسي الاردني لا (يسترجي) أن يتحدث خشية “الاتهامية”

• كل ما رُوي حول استقالتي من رئاسة الحكومة اصطناعات

• لم نتعامل مع قضية اللاجئين بمنتهى الوعي

• الديمقراطية التركية تصدت للانقلاب ونحن وقفنا الى جانب الحكومة المنتخبة

 

  هلا أخبار – لا يجدُ رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبد الرؤوف الروابدة نفسه في موضع يُبعده عن الحديث في الشأن العام بل ويسترسل، وإن كان هو اليوم ليس في أي موقع رسمي. الروابدة رجلُ السياسةِ والخبرةِ لا يُحبّذ الخوضَ كثيراً في تفاصيل يراها “فرعيات لا تُنتج أثراً”، بينما يطلق العنان لتفكيره وآراءه ومواقفه دونما تردد، ويعتقد أنه كان جاهزاً لدفع ثمن مواقفه السياسية التي يجدها تصب في مصلحة الوطن والحُكم.

تختلف آراء الروابدة بين الثابت والمتغيّر ويرسم لنفسه ضوابط وخطوطاً في كل محطة، فلا يتجاوز حدود الوطن أو النظام في مفاصل حاسمة بينما ينبري بحماسة للدفاع عن مواقفه الجدلية في تفاصيل الشأن المحلي. لا يزال عند رأيه فيما يتعلق بقانون الإنتخاب الذي انتقده أثناء رئاسته مجلس الأعيان ويؤكد أن نتائج مواقفه بدأت تظهر مع بدء الحراك الإنتخابي، ومع ذلك فإنه لا يخفي دعمه لإنجاح العملية الإنتخابية اليوم “لأنها مصلحة وطنية”.

وفي حين يعدّ الروابدة نفسه من أباء “الأقاليم” في الاردن ويُذكّر بأنه طرح رأياً مُبكراً حولها، يقول أن ما افضت إليه نتائج القانون ليست لامركزية وإنما “مركزية مُخففة” ويُصرّ على أهمية أن تكون الشخصية المعنوية لمجلس المنطقة لا للمنطقة ذاتها. وبينما ينفي رئيس الوزراء الاسبق اتهامه لـ “الليبراليين” بأنهم دمرّوا اقتصاد البلد، يعود مجدداً للتمسك بموقفه نحوهم حينما يقول إن للسياسة رجالَها، وهو يرى اليوم أن “ظاهرة الديجتالية” انحسرت في الأردن.

الروابدة في حوار اجرته (هلا أخبار) دعا أن لا تُرفع “قارمات ضد” من يبدي موقفاً بعد أن عُرفت مواقفه ب”مصداقية متناهية” وقُيّمت – حسب توصيفه-، غير آبهٍ بمن يريد أن يغضبَ مما يبديه من آراء وأفكار.

وتالياً نص الحوار :

هلا أخبار : نشكرك على قبول اللقاء دولة الرئيس، أنت قريب من صحفيين وإن كنت أحياناً لا تحب الصحافة؟

الروابدة : لا يوجد انسان لا يحب الصحافة، وأنا افرّق بين الصحافة الجادة والصحافة التي تلعب على الحبال، وهل هنالك انسان يشتغل في العمل السياسي لا يحب الصحافة.

هلا أخبار : هنالك من يعتبر أن صدرك يضيق بالنقد؟

الروابدة : لا اعتقد أن هنالك انساناً لا يضيق صدره بالنقد الجارح، النقد المقبول هو الذي ينصب على الموضوع وليس على الشخص وينصب على القضية ولديه بديل، أما النقد من أجل النقد ولتسجيل المواقف فقط لا اعتقد أن أحداً لا يكره ذلك.

هلا أخبار : هل هنالك تصفية حسابات بين السياسيين عبر المنابر ؟

الروابدة : لا شك، هذا دائماً موجود في أي بلد فيه ديمقراطية، فالسياسيون “ببلشوا” ببعض والصحافيين كذلك، وهنالك مواقف غير جادة والذكي من يحاول أن يتجاوز هذا الأمر، لأن مصلحة الوطن اولى من أي صراع وكلنا يتضاءل حينما تصبح مصلحة الوطن هي العليا.

هلا أخبار : خبر ازعجك وكان فيه تجنٍ لا المعلومة؟ ا

لروابدة : أحياناً ليس تجنياً هنالك أمر جديد حصل معي، فأنا اجريت مقابلة تلفزيونية على فضائية العربية أخيراً، وسمعت بعضهم يقول إنها دفعت ربع مليون لاجراء المقابلة، وأنا تمنيت لو دفعت وهذا لا يغضب فهي ليست فساداً ولا رشوة لكن الكذب من أجل الكذب فقط هو الذي يُغضبُكَ.

هلا اخبار : قلتَ ذاتَ يومٍ ” لقد أكلنا رجالَنا أكلَ عزيزٍ مقتدر ولم يتبق على الساحة الساسية أحدٌ يقول لا”؟ هل قلتَ لا ودفعت ثمنها سياسياً؟

الروابدة : بلا نقاش في ذلك، طيلة عمري السياسي عندما يكون هنالك موقفٌ يخالف رأيي أقول لا، لكني لا أقول لا مجردة لان (لاء المجردة) هي رفض مطلق مرفوض ويجب وضع البديل، وكنت أقول رأيي في الموضوع الفلاني وما هو البديل الذي اقترحه وهذا هو الذي يُعظّم موقفَ الحكم، والدولةُ من حقها ان تستمع لرأي من يخالف رأي الحكومات وهذا الذي كان يعنيني، وكنت جاهزاً في دفع الثمن في أي موقف لي والثمن مصلحة وطنية ومصلحة نظام الحكم.

هلا اخبار : هل مراكز القوى في الدولة تتقبل النصح أو المشورة أو الرأي القاسي من رجل الدولة وابن النظام كما تتقبله من المعارض؟

الروابدة : لا شكّ جدلياً أن انظمةَ الحكمِ تكون اكثر تقبلاً لرأي المعارض لانها تحب أن تستمع إليه لتتقرب منه وليتقرب منها، لكن عادةً ابن الحُكم الأصلُ فيه أنه موالٍ، وهنالك فرق بين الموالاة بالموافقة والموالاة بالاختلاف.

أحياناً لانك موالٍ تختلف مع رأيٍ يصدر عن جهاز الحكم، وهذا الاختلاف هو لمصلحة الحكم وترشيد الحكم وتحسين نوعيته لأن البشر ليسوا سواء “ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة”.

أنت تتعامل مع واقع سياسي والواقع السياسي القاعدة فيه الاختلاف، مثل قانون الانتخاب لي رأي فيه يختلف عن رأي الحكومة ولا يزال رأيي قائماً واعتقد أن الزمن بدأ يبرر ما قلت، لكنه اليوم قانون موجود والآن مصلحتي أن تُقبل الناس على الانتخابات وأن تنجح العملية الانتخابية لأنها مصلحة وطنية لكنني لست مع القانون الانتخابي لا اعتقد أنه يمثل مصلحة الوطن.

هلا اخبار : قيل إن هذا القانون سيشجع الائتلافات؟

الروابدة : اعتقد أنه يشجع الاختلافات وليس الائتلافات، وهذه القاعدة بدأت تتضح لدينا على الصورة، الناس ليس مختبراً تستطيع أن تجري فيه تجارب فهم بشر أصحاب فكر ورأي، والأصل التعامل مع كل القوى والفعاليات وكل الآراء ثم تغربلها لتخرج برأي جامع اقرب ما يمكن إلى مصلحة الوطن ولا يجوز ان تقول هذا هو المصلحة وهذا ليس مصلحة، وأن يستفرد بعض بموقف على اعتبار انهم اكثر فهماً أو أكثر وعياً أو أكثر دقة هذا لن يوصل الى الحقيقة.

هلا اخبار : هنالك جدلية حول من يصنع التغيير، أهو القانون أم الناس أم الارادة السياسية؟

الروابدة : “ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، القاعدة أن الارادة السياسية أولا وهذه الارادة موجودة وهي صادرة عن جلالة الملك إننا نريد ديمقراطية وانتخابات حقيقية توصل ممثلين حقيقين للمواطنين، لكن ترجمة هذه الارادة هي المشكلة، (من سيتولى ترجمة هذه الارادة السياسية إلى عمل والى فعالية؟)، لا احد يختلف عن أن الانتخاب النسبي افضل من الانتخاب الفردي وأن الانتخاب بالقائمة أفضل من انتخاب الاعضاء المستقلين لكن كيف والنوعية؟

هذا هو الذي نتناقش فيه لذلك يجب ان تلتقي الارادة السياسية والاجراءات التنفيذية التي ستُترجم على شكل قانون والتعبير الحر، والحرية حرية وصول الناخب الى الصندوق وحرية وضع ورقته في الصندوق ثم ترجمة نتيجتها، فأيّ تراجع في عدد المواطنين المقبلين على الانتخاب لن يعطينا صورة حقيقية لمطالب الوطن. اذن، محاولة رفع النسبة المئوية للناخبين هي التي تعطينا ترجمة حقيقية، وارتفاعها يعتمد على حركة حزبية فاعلة وقوى المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني ويعتمد على قانون يترجم إرادة الناس.

هلا أخبار : الناس ربما لا تؤمن بمجلس النواب بعد أن تزعزت الثقة بسبب أداء بعض المجالس السابقة؟

الروابدة : الأصل في القاعدة الديمقراطية أنها لا يُمكن ان تقوم إلا على ارادة حزبية واذا لم تتوفر حركة حزبية حقيقية، والحركة الحزبية في يقيني هي الحركة الوطنية حركة الاحزاب ذات المخططات وذات البرامج التي تترجم حاجات الناس وليست البرامج العقائدية لأن البرامج العقائدية هي صناعة ضمير أمة وليست ترجمة واقع امة. هذه الاحزاب ما دامت ليست موجودة سيلجأ الناس إلى أساليب التجمع الطبيعية والتي ستبدأ عبر التجمع بالدم (الاقارب والاهل) ومن ثم المناطقي (الاقليمية والجهوية) ثم الطائفية ثم الدينية ثم المال السياسي ثم أثر المجتمع المدني، كلها تتجمع لتصنع قناعات المواطن، ولا تزال الحركة الحزبية في مرحلة اسميها “جنينية” لم تترجم حالها على ارض الواقع لتمثل على الاقل نصف الواحد بالمئة من الشعب الاردني.

وفي هذه المرحلة واجابنا ان نقنع الناس ان يتقدموا بأحزاب برامجية وليست احزاباً عقائدية أو شكلية أو أحزاب أشخاص، احزاب تترجم نفسها تهتم بقضايا المواطن، (وما هي قضايا المواطن؟) هي كيف تحل المديونية؟ كيف تحل مشكلة البطالة؟ كيف تحل مشكلة الفقر؟ كيف تحل مشكلة المياه؟ وكيف تحل مشكلة الصحة؟ ووكيف تحل مشكلة التعليم؟) وهذه قضايا تؤثّر بالمواطنين والاصل أن تصنع قرارهم أمّا أن تعدهم بأمور طوباوية وخيالية هذا لا يقنع أيّ مواطن ولن ينتج ديمقراطية حقيقية.

هلا أخبار : طالما نتحدث عن مجلس النواب، لنتطرق إلى مجلس الأعيان ونسألك هنا هل كان قرار تغيير رئاسة مجلس الاعيان مفاجئاً بالنسبة اليك؟. الروابدة : طبعاً ما في شك كان مفاجئاً. هلا أخبار : لماذا آثرت الاستقالة؟

الروابدة : لم اعتقد أنني قادر على آداء وظيفتي الحقيقية إذا بقيت في هذا المجلس، فإذا كنتُ غير قادرٍ على أن أقود هذا المجلس فكيف ساكون قادراً على أن اكون دفعة رئيسة من خلال عضويته.

هلا أخبار : هل تعتقد أن هنالك من (شوّش) على عبد الرؤوف الروابدة خلال تلك الفترة؟

الروابدة : ومن قال لك إن ذلك ليس صحيحاً.

هلا اخبار : هل تتهم القوى الليبرالية كما أثار البعض؟

الروابدة : لا، هذه القوى الليبرالية واحدة من القوى، هنالك قوى متعددة وكثيرة وأعداء النجاح كثر في بلدنا، القوى الليبرالية الديجالتية واحدة منها وبسيطة واثرها ليس بذلك الضخامة، هنالك المنافسون وهنالك من يريدون الكرسي وهنالك من لا يؤثرون أن يكون أكثر قدرة على النجاح منهم وهي موجودة في أي دولة وفي أي حكم.

هلا أخبار : اتهمك بعض النواب خلال رئاسة الأعيان ب(الحزم) و(الاستئثار) ببعض الجلسات نحو مواقفك وآرائك؟

الروابدة : لستُ في مجال الرد على من يتهم، أنا في مجال الرد عليك في تقييمك في دوري للرئاسة، ألا تريدون أن تكون رئاسة النواب ورئاسة الأعيان حازمة بأن تتيح المجال للاشخاص بأن يبدوا آراءهم وتنتهي بالتصويت ويؤخذ القرار بالأغلبية، أما إذا كان المقصود هو اضاعة وقت المجلس في حوارات لا تجدي انا لست مع هذا الموقف. الاصل في قيادات لمجالس ليس توزيع الادوار (أنت تحدث وأنت اسكت)، بل أن تقود الحوارَ الحقيقيَ الحرَ وبمجرد أن يبدي أحدهم رأيه وينتهي تنتقل إلى الآخر وثم ينتهي الجميع من الحديث فتحسم رأيك بأن يصوّت الناس على موقفهم، هذا هو دور رئيس الجلسة لأي اجتماع.

هلا اخبار : هل تؤيد تجربة ال 4 سنوات لرئيس الحكومة ومجلس النواب؟

الروابدة : لماذا 4 سنوات؟ لماذا لا تكون 8 سنوات أو 16 سنة؟، اذا كانت العملية عملية حزبية، فالاصل في الانتخابات النيابية التكرار كل 4 سنوات، لكن اذا كان رئيس الوزراء جاء ممثلاً لحركة حزبية فليجلس اربع سنوات ثانية وثالثة هكذا في الدول الديمقراطية والرئيس يغادر موقعه حينما يفقد ثقة النواب، فالعملية الديمقراطية تقوم على قاعدة التكرار وتجرى الانتخابات حتى تسمع رأي الجماهير كل 4 سنوات فلماذا لا يستمر الرئيس أكثر من 4 سنوات؟.

هلا أخبار : كيف تقيّم أزمة الرئيسين (رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب) التي كانت واضحة للعيان هل هذا أمر صحي؟

الروابدة : انت سميتها أزمة وأنا لا اسميها أزمة بل اختلاف، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية لكنه اذا تحوّل إلى صراع لا يستند إلى أسس قانونية هنالك الاختلاف، ومن قال إنهما يجب أن يتفقا في كل الامور؟ نحن نريد لهما ان يتفقا على الأمور العامة بينما الاختلاف يقوم عادة بين مجلس الوزراء ومجالس النواب في العالم، ودون ذلك لماذا يوجد اذن طرح ثقة؟ ولماذا هنالك رقابة النواب على عمل الحكومات؟، أما اذا كان الخلاف في تقييمكم لم يكن على أسس حقيقة فذلك أمر مختلف، أنا كنت أرى الأمور بين طرفين يمثل كل منهما قوة من قوى الوطن يتفقان ويختلفان.

هلا أخبار : هل تعتقد أن هنالك مشكلة في ترتيب الاولويات في الاردن؟

الروابدة : عندنا اولويات تتغير بين عشية وضحاها نتيجة ظروف خارجة عن إرادتنا، نحن نعيش في جو مشتعل في منطقة تسونامي في منطقة زلزال ينتقل من دولة إلى دولة، وبالتالي يوجد تغيير في الأولويات كل صباح وهذا يستدعي أن تكون السلطة الوطنية متابعة لهذه الامور وتراقبها.

مثلا يحدث أمر في سوريا يتعطل تصديرنا تتعطل وارداتنا، تضطر للتفتيش عن منطقة لتبحث عن أخرى يأتيك لاجئون هنالك الدراسة على فترتين نحاول ان نختصرها لفترة واحدة واذا ازداد عدد الطلاب تزداد فترة الدراسة على فترتين، يكون الاقبال على مراكزنا الصحية فنزيد اعدادها لنحاول أن نخفف الاثر يزداد الاثر علينا، وهنا وظيفة الحكومة أن تتابع هذه المتغيرات ليكون سلّم اولوياتها سلماً متغيراً وباستمرار ويكون تريكزها على الامور الحادة لحلها والامور طويلة المدى لايجاد حلول طويلة وآجلة، فهذا هو واجبها.

همومنا ليست داخلية فقط، ما يحدث على الساحة الفلسطينية هل يبقى أثره على الساحة الفلسطينية أم أن الشهيد يكون في القدس والعزاء في جبل التاج، فالصورة واضحة هموم هذا البلد ليست داخلية فقط بل إن هموم الجوار تضاف إلى همومه فتُغيّر أولوياته من حين إلى آخر، ووظيفة الحكومات أن تكون جدّية في متابعة هذه الأولويات المتغيرات وأن تقسّمها إلى نوعين : حاد (سريع الطلقات) ويجب أن تجد الحلول السريعة لتلافيها، وامور بعيدة المدى ووظيفتنا أن نراقبها وأن نراها، وأنا لا أعتقد أن الامور يتم التعامل معها بهذه الطريقة.

هلا اخبار : هل تعاظم الخوف لديك حينما اصبحت الازمات لا تتعلق بأمور محلية، وهو ما ولّد شعور لديك بضرورة الحديث عن الهوية الوطنية حينما حذرت من محاولة وأدها؟

الروابدة : لنعيد الامر إلى واقعه، الهوية الوطنية في أي دولة بالدنيا هي عنصر الالتحام والالتقاء لصناعة مجتمع موحد، لأن المجتمعات لا تعيش بدون هوية ولا تعيش بهويات متعددة، لنتفق على هذا المبدأ اولاً فلكل مجتمع في الدنيا هوية واحدة. نحن في هذا البلد لنا هوية واحدة اسمها الهوية الوطنية الاردنية، هذه الهوية تجمعنا كمواطنين بغض النظر عن منشأنا وعقائدنا وادياننا واعراقنا، وكلُّ حاملٍ لجواز السفر الاردني والرقم الوطني صاحبُ حقٍ بهذه الهوية وليس من حق أحد أن يقتصر بهذه الهوية على جزء من هذا الوطن فهذه هوية جامعة، وكلُّ هوية جامعة في الدنيا لها هويات فرعية، وهذه الهويات تمثل الالتزام بالأهل والعلاقة الانسانية بهم ولكنها تخضع للهوية الوطنية ولا يجوز أن نحوّل الهوية الفرعية إلى هوية وطنية.

في الاردن كان عندنا مشكلة منذ نشوء الدولة الاردنية أن الهوية التي تبناها الاردن كانت عروبية وكان أملُنا أن يكون الجميعُ أصحابَ حقٍ في هذه الهوية، ولكن كلَّ دولة عربية أخرى الى جانبنا تبنّت هويةً وطنيةً واُنكِرت علينا هويتنا الوطنية.

الأصل فينا أن نتبنى الهوية الوطنية حتى نبني الوطن على أساس المواطنة وأول عنصر من عناصر المواطنة الانتماء للوطن لأن كلمة المواطنة مشتقة من (وطن)، وأول شيء عليك أن تنتمي للوطن وتعتز بهويته الوطنية، و فتخر بتاريخه وتفتخر بواقعه وانجازاته هذا لا يعني انك لا تعارض بعض الاجراءات والحكومات لكنك لا تعارض النظام ولا تعارض الوطن، وحتى نبني الجزء الاول (الهوية الوطنية) و(الانتماء للارض) فإن الجزء الثاني هو المشاركة لانك صاحب حق في السيادة الوطنية ولا تعبر عن ذلك الا بان تشارك في الانتخابات النيابية والبلدية ومؤسسات المجتمع المدني وكل مجالات الحياة، ومن يمتنع المشاركة يتنازل عن جزء من وطنيته ولا تبطُل وطنيته لكنك تتنازل عن حقه في سيادة الوطن.

أما العنصر الثالث فالمساواة بين الناس فلا يجري خلاف بين مواطن واخر، فالمساوة هنا ليست مساواة أرقام بل تعني أنّ كلَّ من هم في مستوى قانوني واحد متساوون، ولكن وظيفتك ان تهتم بالناس الاكثر فقرا والاكثر بعداً عن الحكم والناس المرضى، هذا الاهتمام للوصول إلى المساواة وأنا باعتقادي أن الكوتا للسيدات هي محاولة للوصول إلى المساواة لأنك غير قادر ان تساويهم في ظلّ مجتمع أبوي إلا أن تفرد لهذا الجزء (المرأة، الشباب) من أجل أن تصل إلى المساواة هذه قناعتي بالهوية الوطنية، ولذلك وظيفة الدولة الاردنية أن تُعزز هذه الهوية لتعزز المساواة والمشاركة والانتماء للوطن والافتخار بأنك تنتمي إليه وهذا ليس ضد عروبتك وليس ضد اسلامك.

هلا اخبار : هل نجحت الدولة الاردنية في تعزيز الهوية؟

الروابدة : لم يكن من أهدافها يوما ما ذلك، لكن ذلك بدأ يفرض نفسه كواقع بدأ يعيشه كل الناس.

هلا أخبار : تعتبر من أشد المناهضين لليبراليين أو الديجتاليين كما اسميتهم في بعض المحاضرات، واتهمتهم بأنهم سبب في تردي الوضع الاقتصادي، وسط من يعتبرك جزء من البيروقراطيين او المحافظين؟

الروابدة : ثلثا ما قلته لم يرد على لساني يوما ما، فالديجتاليون والليبراليون حقيقة قائمة تاريخية في كل الدنيا نحتاجهم وهم ضرورة من ضرورات الوطن لأن الوطنَ لا يقوم إلّا على جميع القوى والفعاليات فيه، أنا تحدثت عندما انطلقوا ليستلموا المسؤولية ويديروا البلد بعقلية لا تعرف واقع الوطن هذا الجزء الذي تعرضت له، فهؤلاء الديجتاليون والتكنوقراط ضرورة من ضرورات الوطن للأمور الفنية للوطن، أما الامور السياسية فلها رجالها في الحركات الحزبية وحركات مؤسسات المجتمع المدني أنا تحدثت عن تبادل الامور أن يأخذ البعض دور الاخرين هذا الجزء الذي لم يفهمه الكثيريون.

بالعكس أنا حينما أعمل في مؤسسة المواصلات احتاج الديجتاليين وفي وزارة التربية كذلك، لكن وزير التربية ووزير المواصلات صانعُ سياسةٍ وليس صانعَ ديجتالية فصانعُ السياسة يتعامل مع حقائق الوطن وواقعه هذا الذي نريد واتكلم عنه. ثانياً، البيروقرطية ليست سُبة، البيروقراطية الالتزام بالقوانين والادارة الحقيقية، أما التعقيد والروتين هو الذي نرفضه وليس البيروقراطية في إدارة شؤون الحياة، لكننا نريد للناس أن يلتزموا بالقانون وبالنظام التعليمات وأن لا يخرجوا عنها وإلا اصبح الوطن فوضى “لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم, وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا” هكذا يقول شاعرنا.

نحن نريد من هؤلاء الديجتاليين أن يأخذوا أدوارهم الحقيقية والواقعية ولم أقل إنهم خرّبوا الاقتصادَ، لا ابداً، هم عندما يتولون العملَ السياسيَ هناك تبدأ المشكلة، نريد للساسة أن يخرجوا من جسم الحركة الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني وأن يتحدثوا عن هموم الوطن وقضاياه وكيفية حلها، أما اوئلك الذين عاشوا في مؤسسات لا نعرف أساسها ولا طريقتها ولا طريقة تمويلها ولا طريقة حياتها وجاءوا ليقودوا المجتمع وأوردونا هذه المواردَ التي نعيشها اليوم، وأنا لا أشير غلى اسماء بعينها أنا اشير إلى ظاهرة وهذه الظاهرة انحسرت – والحمد لله- وبدأت الأمور تأخذ مداها الحقيقي، فعاد الساسة ليقودوا السياسة وعاد الديجتاليون ليمارسوا عملهم الفني في المواقع التي يحتاجها الوطن وهذا هو الأساس.

هلا اخبار : لك موقف واضح من قانون اللامركزية وتحدث تحت القبة وتركت سدة رئاسة المجلس – حينما كنت رئيساً – وابديت رأيك الذي كان واضحاً، كيف ترى ما افضت إليه النتائج؟

الروابدة : ما افضت إليه النتيجة كارثة ادارية، هنالك لعبٌ بالتعبير في اللامركزية، أنا من أباء اللامركزية في بلدنا، قدّمت دراسة كاملة عن اللامركزية في عهد جلالة الملك الحسين رحمه الله، وفي عهد جلالة الملك عبد الله -الله يطول عمره- أيضا قدمت هذه الدراسة وشُكّل لها لجنة برئاسة دولة زيد الرفاعي، فاذن لا نتحدث عن المبدأ فأنا معه لكن المبدأ لا يُلعب فيه لأن له مفاهيم. اللامركزية نوعان، لامركزية مرفق ولا مركزية منطقة، واللامركزية تقوم على مبدأ أن منطقة لها قضايا مختلفة عن قضايا مناطق اخرى وأن هذه المنطقة يجب أن تدار من قبل هيئة تمثلها وتعطى هذه المنطقة الشخصية المعنوية بمعنى أن هذه الشخصية لها مالها وقرارتها ولها حق التقاضي وحق التملك وهذه القاعدة وهي التي أنا معها، فإذا أردت أن تأتي لمحافظة البلقاء وتحوّلها إلى مركزية فاقول هذا هو الإبداع، فتحدّد حدود المنطقة وتقول إن لهذه المنطقة شخصيتَها المعنوية المفصولة عن الشخصية المعنوية للدولة وإن هذه المنطقة يديرها أهلُها ويمثلونها ولها مالُها التي تصرف على مشاريعها.

اليوم ما الذي قمنا به؟ انشأنا في هذه المحافظة مجلساً وقلنا لامركزية دون شخصية ومال فما الدور الذي سيقومون به؟، ولنقل انتخبنا ممثلين ماذا سيصنعون إذا ارادوا تنفيذ عمل خدمي (قرروا انشاء طريق أو مركز صحي أو عيادة) أين التمويل؟ سيطلبونه من الحكومة المركزية عن طريق المحافظ الذي هو موظف في وزارة الداخلية، اذن من هو صانع القرار في هذه المنطقة من الذي سيقبل ذلك ويوافق؟، هذا الذي قلته وأنا اريد لامركزية حقيقية وهي المطبّقة في الدول المجاورة وليست اختراعاً وأعتقد أن ما طُبّق الان ليس لامركزية إنما مركزية إدارية مُخفّفة. كان سابقاً عندنا المجلس الاستشاري للمحافظة وبدلاً من أن يُعيّنه مجلس الوزراء ووزير الدخلية سيتم انتخابهم، وستصبح هنالك مشكلة حيث هنالك مجالس عقب الانتخابات وقاعات اجتماعات ومكاتب ورواتب وما هو الدور الذي يقومون به؟،

هل يستطيعون ان يتخذوا قراراً واحداً؟ بالعكس المجالس البلدية اكثر قوة منهم لأن المجلس البلدي شخصية معنوية وغير شخصية الدولة ومن يديرها منتخبون وتمويلها ذاتي وهي تصنع مشاريعها والحكومة رقيبة على عملها فقط وهذا هو خلافي وليس على اللامركزية.

هلا أخبار : اذا انصب حديثك على هذا الخلاف ؟

الروابدة : انصب حديثي على نوعية اللامركزية وحقيقتها، وليس على أننا بحاجة إليها أو لا، ولاذكركم أن هذا الامر عندما طرحته قبل 10 سنوات، وشُكلت له لجنة كنت قد سميتها (لجنة الولايات) ولقد سماها جلالة الملك المعظم (الاقاليم) ماذا قال انصار هذا الموضوع الان (قالوا هذه الاقاليم تمهيدا لعودة الضفة الغربية – يا ريتها ترجع- ، وقالوا سيكون اقليم نابلس والقدس والخليل وقالوا سيكون في الاردن 3 اقاليم وسينضم اقليم من سوريا وآخر العراق)، وصار هجوم سياسي على الموضوع فأُلغي، ماذا عدا مما بدا وجرى الآن .. انتجنا صيغة لا مركزية وأنا اتمنى أن يأتوا بأساتذة من علم الادارة من خارج البلاد ليقولوا (هل هذا القانون لامركزية أم أنه قانون مركزية مخففة)؟.

هلا أخبار : انت تحدثت عن الشخصية المعنوية وإنها للمجلس وليس للمحافظة، وقلت إن وزير الداخلية سيصبح وزيراً للوزراء لأن كل شيء سيمر من خلاله.

الروابدة (مازحاً) : لا نريد أن نُغضب وزير الداخلية بهذا الحديث لأنه صديقنا وحبيبنا وأنا اتحدث بالمبدأ وليس بأسماء أشخاص، وعلى فكرة هو – أي الوزير الحالي- لم يكن وزيرا للداخلية حينما صرّحت.

هلا أخبار : عبارة تتردد دوما أننا غير مهيئين عند الحديث عن الأحزاب وبرلمان ينبثق من الوزارة وعن اللامركزية، هل أنت مع التدرج؟

الروابدة : شعبنا مهيأ لكل شيء، فشعبنا واعٍ ومثقف ومتعلم نبَزُّ به كثيراً من الشعوب العربية وشعوب الدول النامية، وهذا الكلام غير وارد، لكن المفروض أن يتم التعامل مع أي تغيير عند الشعوب بالتدرج لتربية قناعات نحوها، فجزء من طبيعة الناس أنهم اعداء التغيير ولا بد أن تقنعهم بالتغيير ومن هنا يجب أن يكون الاصلاح متدرجاً ويلقى قبولاً، وحينما نتحدث عن الاصلاح في البلد لا اصلاح فجائياً لانه يكون قفزاً في الهواء لا يمكنك أن تعرف النتائج، لكن شعبنا مؤهل للديمقراطية والحزبية واللامركزية والاصلاح الامثل ومن يدعي غير ذلك لا يؤمن بهذا الشعب.

هلا أخبار : هذا على مستوى الشعب، قلتَ في تصريح لك عبر يومية الدستور انه ليس لدينا سياسيون بل اشخاص كبرت مناصبهم ولم يكبر فكرهم؟

الروابدة : خلفيتي علمية، لا يمكن ان اتحدث بالتعميم وحينما اتحدث عن الاغلبية، فلدينا سياسيون لكنهم تحولوا الى قلة، البقية كبرتهم المناصب وظنوا انهم اصبحوا سياسيين، فالسياسيّ لا يُصنع بقرارٍ وإنما تجربة وخبرة حياة وعمل في الحقل العام في كل المناطق، وأنا ما قلته سابقاً إن ما جرى كان هنالك هواية اعدام كل القيادات المجتمعية سواء سياسية، فكرية، اقتصادية حيث كان هنالك هجوم كاسح على كل الفعاليات والقوى لذلك انتهينا، ولم نعد الآن نجد قيادات اجتماعية تسوس لنا العنف في مجتمعنا.

كان لدينا سابقا قيادات اجتماعية تستطيع ان تتعامل معها لتنقل فكر الحُكم الى الناس وتهدىء الناس وتصنع قرارات حقيقية على الارض والواقع، وحينما تنفقد هذه القيادات المجتمعية يصبح التعامل معك عبر المؤسسة الامنية لا عبر المؤسسة السياسية وبخاصة في غياب الحركة الحزبية وهذا الذي عنيته، ووظيفتنا تنمية الحياة السياسية وتنمية السياسيين وتنمية القيادات المجتمعية لتتولى المسؤولية العامة إلى جانب أجهزة الأمن لأن من يُثبّت أمن الوطن ليس البندقية بل الأمن الاجتماعي، والبندقية آخر الدواء (الكي)، الأصل (الأمن الاجتماعي الأمن الشامل الأمن الغذائي الأمن المائي الأمن التربوي الأمن الصحي) كل هذا هو الذي يصنع أمن المجتمع.

هلا أخبار : من مارس هواية اعدام القيادات السياسية كما تصف؟

الروابدة : هذا جو عام يعيدنا الى البحث منذ سنة 1921 ما الذي جرى على الساحة السياسية ومن كان وراؤه، أنا اتحدث عن النتيجة ونحتاج إلى ندوة للحديث عمن أوصلنا الى ذلك ومن اوصل إلى تغييب الهوية الوطنية ونحتاج الى حوار ليس فرديا بل تشارك فيه كل القوى والفعاليات الوطنية.

هلا أخبار : قلما يفتح من السياسيين هذه البوابات؟

الروابدة : لان الاتهام بالاقليمية، لانه اذا تحدثنا عن الهوية الوطنية الاردنية (يجفل الواحد بجانبك)، ألا تذكرون ماذا جرى حينما طرح جلالة الملك المعظم (الاردن اولا) قيل نسينا فلسطين نسينا الاسلام؟، ونقول هنا وقف يا ابني اذا تحدثنا عن الاوطان فالاردن اولاً لا يتقدم عليه أرض اخرى، واذا كان الحديث عن قضية الأمة فلسطين فلا يتقدم على هذه القضية قضية اخرى، واذا الحديث عن الدين وكنت مسلماً فالاسلامُ أولا وإن كنت مسيحياً فالمسيحية اولا، هذا الذي اقوله إن إنساننا في هذا البلد وضمن الظروف والاجواء التي جرت والحركات الحزبية العقائدية وضمن ما يجري في الدول العربية ومحاولات اختراق المجتمع الاردني صار السياسي الاردني لا (يسترجي) أن يتحدث في كثير من القضايا خشية وصم الاتهامية.

اعتقد أنه آن لنا الذين كبرنا (شوية) بالعمر والتجربة السياسية أن نقول رأينا بمصداقية وندافع عنه وأنه ليس ناجماً لا عن إقليمية لان من يتحدث باقليمية لا يحب الاردن قبل فلسطين، فهذا مجتمع واحد اسمه (المجتمع الاردني) بغض النظر عن مكوناته، فلا احد يرفع قارمات ضدنا (استوى العدس)، فلنا في حقل العمل السياسي فوق الـ 50 عاما وعُرفت مواقفنا بمصداقية متناهية وقُيّمت ولذلك بدأنا نقول ما نعتقده دون أن نخشى لومة لائم، لن نفتش على اغضاب أحد لكن من يريد أن يغضب فيغضب.

هلا أخبار: هل انت راض عما قدمته؟

الروابدة : كان من الممكن ان اقدم افضل، لكنني لم اكن صيدليا اعمل فيها بحيث ابيع من اريد ومن لا اريد لا ابيعه فلقد كنت جزءاً من المجتمع، فضغوط المجتمع والسياسة والجوار كانت تؤثر على تقدمنا واداءنا لكن اعتقد انني اديت ما استطعت، ولم اكن قادراً على شيء ولم اقم به واذا اخطأت فالخطأ من طبيعة الانسان، وهنالك فارق كبير بين الخطأ والخطيئة فكل بني آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون ولكن الخطيئة مصيرها جهنم بالاخرة وفي الدنيا السجن.

هلا اخبار : كثيراً ما اثير لغط حول استقالتك من الحكومة؟ هل طلب منك الاستقالة؟

الروابدة : لم يطلب مني الاستقالة، نشرت احدى الصحفيات خبراً أن هنالك تغييراً وزارياً، فتحدثت الى جلالة الملك المعظم اكرمه الله وقال لي (ما في منه) ونفى رئيس الديوان في تلك الأيام أن هذا الامر قائم وأن هنالك نية لاقالة الحكومة، ومع ذلك تربّت لديّ قناعة أن ما دام هذا الامر في الجو فقدمت استقالتي، لم يطلبها مني أحد، وكل ما رُوي من روايات هي اصطناعات والناس أحرار ليست وظيفتي الرد، ولم يكن خلف هذه الاستقالة أي جو آخر. والسياسي المفترض به أن يكون ذكياً ويعرفُ الأجواء وعلى ضوئها يتصرف، لكن لا تستطيع ان تترجم الاجواء على الارض والناس تفسّر فهو حق لها، ويجب عدم الدخول في فرعيات لا تعطي نتيجة ولا تعطي أثراً.

هلا أخبار : كسياسي محنك كيق تقرأ المستقبل، على ماذا نحن مقبلون في الاقليم، فالضبابية تسود الموقف؟

الروابدة : لا يستطيع أحد على وجه البسيطة القطع بجواب حاد مانع، فلقد اجتاحتنا قضايا الربيع العربي وتجاوزناها بوعي حيث بدأنا بالاصلاح قبله واستمررنا به وتعاملنا مع الحركة الجماهيرية بمنتهى الوعي والادراك، لكن المتغيرات على الساحة الوطنية لا تقف، فالاحداث في العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن وما يجري على الساحة العربية، وقبلها كلها ما يجري على الساحة الفلسطينية من ظلم وتعسف وكيد يتعرض له الشعب الفلسطيني هذا ضاغط من الضواغط الموجود على الساحة، فهنالك متغيرات والاصل فينا ان نتنبه اليها قبل ان تقرع بابنا وهنالك متغيرات قادمة وهنالك محاولات حل لما يجري على الساحة الفلسطينية، ما هي الصيغة ما هو الشكل ما هو الاثر الذي سيترتب على الاردن نتيجة لذلك، ما هو الحل الذي سيجري على الساحة السورية ماذا سيترتب على ذلك من نتيجة للاجئين السوريين الموجودين على الارض الاردنية؟ والى اي مدى سيستمر وجودهم ؟

وما هي اثارهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المجتمع الاردني؟ هذه كلها متغيرات تحتاج الى دارسين جديين. أنا شاركت قبل مدة في ندوة بجامعة اليرموك حول اللاجئين وقلت اننا لم نتعامل مع قضية اللاجئين بمنتهى الوعي، بل مخيمات وقضايا امنية كيف نضبطها، والاصل انها قضية سياسية كبيرة يجب التعامل معها على اسلوب سياسي وهي من الضخامة التي يجب ان نتعامل معها بمنتهى الوعي لا ان ننتظر ان تحدث قضية الاعتداء على جنودنا ونفقد 7 شهداء لنأخذ مواقف حدية، وهذه قضايا ضاغطة وجديدة وتحتاج الى بحث جيد من قبل الفعاليات السياسية في الوطن.

هلا أخبار : هل أنت قلق من المشاكل المحيطة اكثر من قلقك من المشاكل الداخلية؟

الروابدة : جزء من هذا القول صحيح، لكن المجتمع المتماسك والمنضبط هو القادر على محاولات التصدي للاختراق الخارجي، وعلينا الاهتمام اولا بمجتمعنا وترسيخ الانضباطية بالقانون وترسيخ العدالة وترسيخ المساواة ومعالجة بؤر الألم سواء اكانت فقر او بطالة او عجز عن الوصول للخدمات العامة كلها لنمتن وحدة مجتمعنا حتى يكون قادرا على استقبال الاختراقات والتعامل معها.

هلا أخبار : يبدو ان اليمين المتطرف يتسنم مواقع قيادية في دول عالمية صانعة قرار، هل ستتغير شكل العلاقة الاردنية اذا تسيّد هذا المزاج ؟ كيف لنا مجاراة هذا الفكر في ظل الفكر العروبي والمعتدل الذي يحمله الاردن؟

الروابدة : هذا السؤال يوجه للقيادة العليا في هذا الوطن جلالة سيدنا هو الذي يقود العملية السياسية وهو على وعي تام بما يجري على الساحة الدولية، ولاذكّركم أنني شاركت في لقاءات في بعض الدول الاوروبية وخاصة في فرنسا وكان حديثه الجدّي لهم عن هذا التطور على الساحة الدولية وعن التطرف والعنف وأنه سيصل اليكم وستتعرضون له كما نتعرض له حاليا، كان على وعي تام بما يجري على هذه الساحات، وهذه المتغيرات الدولية هي جزء من الصورة التي تحدثنا عنها لانها تترجم نفسها ضمن المتغيرات على الساحة العربية، فهذه الصورة ستؤثر علينا تأثيراً كبيراً والواجب علينا ان نكون جاهزين لمواجهتها والتعامل معها ليس لنا خيار آخر.

هلا أخبار : كيف تقرأ ما جرى في تركيا دولة الرئيس؟

الروابدة : ما جرى في تركيا انقلاب استطاعت الديمقراطية التركية أن تتصدى لهذا الانقلاب، وأنا اعتقد أن الافضل الانتظار شهراً لتتضح بعض معالم الانقلاب، والحمد لله أن هذا الانقلاب فشل لأنه تمت مواجهته بأسلوب ديمقراطي والأمل أن تحافظ تركيا على ديمقراطيتها وعلى تقدمها هذا الذي أراه ضمن المرئيات الحالية، وتركيا بعد الانقلاب لن تكون مثل تركيا قبله وسيكون لها مواقف سياسية وادارية في المنطقة تختلف عما كانت سابقاً.

هلا أخبار : يتردد في الاعلام التركي أن هنالك دولاً تأخرت في الاعلان عن موقفها ازاء ما جرى ؟

الروابدة : الدول العاقلة هي التي تتأخر قليلاً حتى تعرف ما يجري، واعتقد اننا في الاردن كنا في منتهى الوعي حيث انتظرنا دقائق حتى عرفنا ما الذي يجري، ورأساً وقفنا الى جانب الديمقراطية والحكومة المنتخبة في تركيا.

هلا أخبار : هل كانت سياسة اردوغان حكيمة لتسمح للدول ان تبادر الدول فورا في الاعلان عن مواقفها؟

الروابدة : ليست وظيفتنا ان نقيم سياسة اردوغان في دولته نحن نقيم علاقتنا به، أما في داخل دولته هو صاحب حق في السيادة كما لنا الحق في السيادة على وطننا ولا نسمح له ان يتدخل فينا ولا نتدخل به ، وعلاقته مع الاردن جيدة ومرتاحين معه وجلالة الملك يمارس علاقته بمنتهى الجدية والوضوح وليس لنا مأخذ عليه فيما يتعلق على الارض الاردنية.





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق