اعادة إنتخاب البادية الوسطى كانت ستُعيد المجلس السابق

 * القانون يسعف الهيئة بإجراء الإنتخابات لكنه لم يحدد المحكمة ومدة التقاضي في الطعن بإعادة الإنتخابات قبل اعلان النتائج الرسمية

 

* طعن أي متضرر سيؤجل الاعلان الرسمي للنتائج لما بعد 30 / 9

 

* الهيئة عثرت على محتوى الصندوق رقم (92) بكشوفات صحيحة دون عبث

 

* مصادر لا تنفي إمكانية حدوث سرقة صناديق احتياط فارغة

 

هلا أخبار – وائل الجرايشة – استوقف طرح رئيس الهيئة المستقلة للإنتخاب الدكتور خالد الكلالدة يوم الثلاثاء الماضي الكثيرين حينما اعلن عن خيار اعادة الانتخاب في دائرة البادية الوسطى بسبب المعطيات الأولية التي كانت متوفّرة بين يديه وتتحدث عن اعتداء وعبث بالصناديق.

وأثارت القضية الرأي العام خاصة وأنه من الحالات النادرة أن تباشر جهة مُشرفة على الإنتخابات بالإعلان عن مثل هذه الحادثة دون أي ضجة أو انتقاد أو اتهام مسبق، فالذي كشف عن الأحادث في البادية الوسطى أمام ممثلي الإعلام هو رئيس الهيئة نفسه.

وبرغم الشهادات التي تلقتها الهيئة من المنظمات والمراقبين وحتى التيارات السياسية التي اعلنت “ارتياحها” عن الانتخابات وعلى رأسها الحركة الاسلامية التي دأبت على نقد الاجراءات خلال مراحل سابقة وتوجيه الاتهامات، إلا أن قضية البادية الوسطى مثّلت “النقطة” و”المحور” الاساس لمنح العلامة الكاملة للهيئة في أدائها بكل المفاصل.

وحاولت “هلا اخبار” جمع المعلومات للوصول الى حقائق تخدم القارىء الاردني في معرفة ما جرى ونقل الخيارات المتاحة التي ضاقت على ما يبدو عند صنّاع القرار “الانتخابي” للخروج من المأزق الذي وقع.

تفصيلاً، الكلالدة وبينما هو متوجه نحو الصحفيين المتواجدين بالمركز الاعلامي في المركز الثقافي الملكي مساء يوم الانتخابات، وردته معلومات من قبل رئيس لجنة البادية الوسطى ياسر العدوان الذي كان يرزح تحت وطأة الضغط حيث كانت تأتيه المعلومات من رؤساء المراكز المنتشرة في البادية الوسطى ويُبلغ الهيئة فوراً بالأنباء التي ترده.

نَقلَ العدوان اول معلومة للكلالدة وكانت تفيد بـ “خطف 8 صناديق” دون تحديد المراكز التي توجد بها تلك الصناديق وأين ذهُب بها؟، وهنا استنصح الكلالدة إن كانت هنالك إمكانيةٌ لاعلان هذا الحدث أمام الاعلام على اساس أنه “واقعة أمنية كبيرة”.

رسى القرار على أنه من باب الشفافية إعلان ما جرى أمام وسائل الإعلام مُستبقاً بذلك كشف أي طرف لما حصل، فانبرى الكلالدة بإعلان ما وردته من معلومات أولية أمام شبكات التلفزة ووسائل الإعلام فاصبحت الشغل الشاغل خاصة أنها جاءت في فترة زمنية طويلة بين اقفال الصناديق واعلان النتائج الاولية.

بعدها بفترة وجيزة شككت منظمة تتابع العملية الانتخابية بتلك الرواية، وقال مركز راصد إنه لم ينُقل إليه حصول مثل هذه الاعتداءات قبل أن يعود لاحقاً ويؤكد وجودها، فيما كانت مصادر أمنية تنفي وقوع حادثة هجوم على مراكز اقتراع من الخارج.

“هلا أخبار” حاولت بعد اعلان الكلالدة الاستيضاح من قبل رئيس اللجنة فاتصل أحد الزملاء “محمد الهباهبة” برئيس اللجنة ياسر العدوان الذي تجنب الإجابة ابتداءً على الأسئلة التي طُرحت عليه حول الحادثة.

ومع الإصرار عليه بالتعليق على حديث الكلالدة -الذي كان واضحاً-  المح العدوان إلى أن ما صرّح به رئيس الهيئة “ربما “اُخرج عن سياقه”.  

عقب ذلك بساعات اعلنت الهيئة المستقلة للإنتخاب عن ارتفاع عدد الاعتداء والعبث بالصناديق الى (10) صناديق، وبينما تحدث الكلالدة مجدداً مع العدوان أكد الأخير أنه ينتظر التقييم والمعلومات الجديدة من رؤساء اللجان في وقت فجر أو صباح الاربعاء على أبعد تقدير.

سبق اعلان ارتفاع اعداد الصناديق الى (10) تأكيد الهيئة المستقلة للإنتخاب فتح تحقيق بالحادثة (حادثة خطف 8 صناديق)، واُدرج لاحقاً الصندوقان الاخيران بالملف، فيما تواردت الأنباء للهيئة عن عبث بصناديق أخرى فطال التحقيق (17) صندوقاً.

وبحسب ذات المصادر  التي تحدثت لـ (هلا أخبار) فإنه تبين بعد التحقيق أن الصناديق الثمانية لم يتم اختطافها وإنما أُخذ عنوة (4) صناديق من داخل المراكز وتمت تعبئتها بأوراق جديدة بعد سرقتها بينما لم يتم العبث ب 13 صندوقاً بينها الصندوق الذي يحمل الرقم (92) الذي عُثر على محتواه صحيحاً مرفقاً بالكشوفات، وهو الصندوق الذي كانت الهيئة اعلنت ابتداءً عن فقدانه.

وتشرح ذات المصادر هذا الأمر بالقول “عند نقل الصناديق من المراكز فإنه يتم التحفظ على المحتوى  لا “البلاستيك (الصندوق)” وتدرج بأكياس وتُرزم، ولقد تبين لاحقاً أن محتوى الصندوق آمن وموجود بين يدي الهيئة مرفقاً بالكشوفات الصحيحة ومبديةً استعداد الهيئة للكشف عن هذه التفاصيل إعلامياً، لكنها لم تنفِ إمكانية حدوث سرقة صناديق احتياط فارغة.

هذا الأمر لم يكن جلياً بالنسبة للمعلومات الاولية التي وردت الكلالدة ونقلها امام الصحفيين والتي كانت تتحدث عن اخطافها وملئها واعادتها في حين أنها لم تخرج – بحسب المصادر-، والتبس الأمر على أن تعبئتها بارواق جديدة كانت ضمن عملية “اختطاف” للخارج واعادتها للمركز وهو ما لم يحصل – وفق ذات المصادر العليمة والمتابعة عن كثب لما جرى-، ويتطابق هذا الافصاح مع رواية الأمن التي كانت مصادرها تنفي منذ اللحظة الاولى وقوع هجوم من الخارج على مراكز اقتراع.

التحقيق بكل المعلومات الواردة والتحفظ على الصناديق أظهرا أن الإعتداء والعبث طال (4) صناديق فقط مملوءة بأوراق الإقتراع، فكان بينها التالف وأخرى أصلية ليست موقعة بتواقيع رؤساء اللجان المعنيين.

وتحرزت الهيئة على الصناديق الاربعة مثار الجدل والمحتويات كاملة والتي بحسب الكشوفات تضمّ نحو (900) ناخب لا يُعرف عدد المقترعين بداخلها بعد العبث بها – وفق مصادر مطلعة من داخل الهيئة المستقلة -.

بعد الوصول الى هذه الحقائق انتقل الأمر لبحث الخيارات المُتاحة أمام الهيئة المستقلة للإنتخاب، فكان خيار اعادة الانتخاب مطروحاً إلا أنه اصطدم بواقع قد يعيد مجلس النواب السابق (السابع عشر) لضيق المدة الزمنية.

فالدستور في المادة (68) / الفقرة (2) ينص على وجوب إجراء الانتخابات خلال الشهور الاربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، فإذا لم يكن الإنتخاب قد تم عند انتهاء مدة المجلس أو تأخر بسبب من الأسباب يبقى المجلس قائماً حتى يتم انتخاب المجلس الجديد.

هذا يعني بالضرورة أن لجوء أي مواطن للطعن بإعادة إجراء الانتخابات اعتباراً من يوم الاحد (25 / 9 ) سيعطل اجرائها إلى ما بعد صدور قرار المحكمة، وهنا لا يوجد نص يُحدد المحكمة التي يمكن للمواطن الاعتراض أمامها ولا هي محددة بفترة زمنية ما يعني إمكانية الدخول الى 30 / 9 دون إعلان النتائج الرسمية لمجلس النواب الجديد ويُحتم عودة المجلس السابق.

فالقضاء في هذه الحالة غير محدد بمدة زمنية معينة للبت في الطعن كما حصل مع بقية الاجراءات العملية السابقة (المحددة ضمن مدد زمنية معينة)، ومن الممكن أن تمتد اجراءات التقاضي لأكثر من 5 أيام لأن الأمر يقع ضمن مدد التقاضي العادية والصلاحيات التقديرات الخاضعة لعقل المحكمة.

وبعد التمحيص والتدقيق تبين أن حالة الطعن في اعادة اجراء الانتخابات اوجدت ثغرة لم يعالجها قانون الانتخاب حيث لم تُحدد المحكمة التي تستقبل الطعن ولم تحصر المدة الزمنية للبت في الاعتراض، وهو الأمر الذي صعّب من الخيارات المحدودة أمام الهيئة.

والمادة القانونية التي كانت ستستند اليها الهيئة المستقلة للانتخاب بطرح فكرة اعادة الانتخاب، لجأت اليها الهيئة من جديد لإِعمال النص نفسه بالاشارة إلى أن المادة (49) من قانون الانتخاب والذي اتاح (جوازيةً) الغاء نتائج الانتخاب وليس “وجوبياً”.

وتنص المادة (49) من قانون الانتخاب “اذا تبين لمجلس (مجلس المفوضين) وقوع خلل في عملية الاقتراع أو الفرز أو في أحد مراكز الإقتراع والفرز من شأنه التأثير في أي من النتائج الأولية للإنتخابات في الدائرة الانتخابية فـ(له) الغاء نتائج الانتخاب في ذلك المركز حسب مقتضى الحال واعادة عملية الاقتراع والفرز في ذلك المركز في الوقت والكيفية التي يراها مناسبة”.

وهذا النص أكد عليه رئيس الهيئة المستقلة للإنتخاب الدكتور الكلالدة حينما سئل عن سبب عدم اللجوء الى نصوص القانون الاخرى التي تتحدث عن اعادة اجراء الانتخاب، معتبراً أن في الاستناد الى نصوص دون غيرها “ليٌ” للقانون – كما وصف في مؤتمره الصحفي الختامي-.

ولأن الطعن في عملية اعادة الانتخاب (وهو قرار اداري) بخلاف الطعن في صحة نيابة أحد الأعضاء، سيوقف مجيء مجلس النواب الجديد ويعيد المجلس القديم خلُص مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للإنتخاب إلى اعتماد نتائج الانتخابات على أن يتاح للمتضرر اللجوء الى القضاء خلال 15 يوماً من اعلان النتائج رسمياً.

ومن المنتظر أن يعلن مجلس المفوضين النتائج النهائية للانتخابات ويتم نشرها في الجريدة الرسمية، ويصدر الرئيس شهادة لكل فائز بانتخابه وفق المادة (51) من قانون الانتخاب.

وبحسب نص المادة (52) من قانون الانتخاب فإن الهيئة تحتفظ بالصناديق الانتخابية ومحاضر اللجان الانتخابية بمختلف أنواعها واوراق الاقتراع لمدة سنة واحدة بعد اعلان النتائج النهائية للانتخابات.

وتؤكد المادة (53) من قانون الانتخاب على امكانية الطعن في صحة نيابة اعضاء مجلس النواب وفق احكام المادة (71) من الدستور.

وبحسب القانون يختص القضاء بحق الفصل في صحة نيابة أعضاء مجلس النواب، ولكل ناخب من الدائرة الانتخابية أن يقدم طعناً إلى محكمة الاستئناف التابعة لها الدائرة الانتخابية للنائب المطعون بصحة نيابته من دائرته الانتخابية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ نشر نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية يبين فيه أسباب طعنه، وتكون قراراتها نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق الطعن، وتصدر أحكامها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيل الطعن لديها






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق