علي عبد الله صالح رجل التحالفات المتناقضة

هلا أخبار – لم تكن سيرته الذاتية سوى مسلسل من التحالفات ثم الانقلاب على تلك التحالفات، تحالف مع الجنوبيين وحاربهم، وحارب الحوثيين وتحالف معهم، وكذلك الحال مع السعودية التي عرض فتح صفحة جديدة معها. هو الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي يقول: “إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين”. أحكم قبضته على اليمن حتى إثر خلعه من الحكم بعد اندلاع الثورة اليمنية، وبقي لاعبا رئيسا في أحداث البلاد حتى آخر يوم في حياته.

لطالما اعتبر الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مناورا محنكا حكم اليمن طوال 33 عاما وأثبت أنه الأكثر عنادا بين الزعماء العرب في مواجهة الثورات، لكن وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر على اندلاع الأزمة في اليمن، وقع في العاصمة السعودية على المبادرة الخليجية التي مهدت لتسليمه السلطة في فبراير/شباط عام 2012 إلى عبد ربه منصور هادي. ومنذ ذلك الحين وهو يحاول الانتقام بلا هوادة.

تحالفه الأخير كان قاتلا، ذاك الذي أبرمه عام 2014 مع الحوثيين لمواجهة خلفه عبد ربه منصور هادي الذي اضطر إلى مغادرة اليمن واللجوء الى السعودية.

وخاض صالح البالغ 75 عاما وينتمي إلى الأقلية الزيدية على غرار الحوثيين، ست حروب منذ 2004 مع متمردين زيديين في شمال البلاد أثناء رئاسته، آخرها انتهى في شباط/فبراير 2010.

لكن سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014 وتقدمهم بعدها في سائر أنحاء اليمن ما كان ليتم لولا المشاركة الفاعلة لوحدات في الجيش اليمني ظلت مخلصة للرئيس السابق الذي كان يتمتع كذلك بنفوذ واسع في الإدارة بحسب خبراء.

لكن بعد ثلاث سنوات من التعاون اندلعت معارك عنيفة بين أنصاره والحوثيين في العاصمة الأسبوع الفائت. وشكل شرارتها الخلاف على التحكم بالمالية وتقاسم السلطة الذي ضاعفت حدته شبهات باتصالات سرية بين صالح والرياض.

تفكك التحالف مع الحوثيين

السبت الفائت أثار صالح المفاجأة عندما عبر عن الاستعداد لفتح “صفحة جديدة” مع السعوديين الذين باتوا أعداءه في السنوات الأخيرة. وتتدخل السعودية منذ 2015 على رأس تحالف عربي عسكري في اليمن دعما للرئيس هادي ضد صالح والحوثيين.

وتكثفت المعارك بين أنصار صالح والحوثيين الذين أعلنوا مقتله. وأكدت مسؤولة في حزب المؤتمر الشعبي العام لوكالة فرانس برس مقتل “زعيم” الحزب بأيدي الحوثيين”.

تجاوز صالح المحن التي تخللتها سنوات حكمه في بلد غير مستقر بتركيبته العشائرية وسط عنف متواتر.

أثناء الحرب، مكث الرئيس السابق في منطقة صنعاء متنقلا بسرية وضامنا أمنه الشخصي بنفسه، على ما أكد خبير عام 2016 قائلا إنه “لا يثق في أحد”.

اتسم صالح بغريزة بقاء أسطورية، وحكم مطولا واصفا ممارسة السلطة في اليمن بمثابة “الرقص على رؤوس الثعابين”.

بعد تسلق تراتبية عسكرية، انتخب صالح عام 1978 عندما كان برتبة مقدم ليحل مكان رئيس اليمن الشمالي أحمد الغشمي الذي قتل في عملية دبرت في الجنوب، وأصبح أحد مهندسي التوحيد عام 1990 مع الجنوب الذي كان اشتراكيا لفترة طويلة.

وأفادت وثيقة لـوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) بتاريخ 18 حزيران/يونيو 1990 أزيلت عنها السرية أن “صالح سيحتفظ على الأرجح بسيطرته على السلطة” حتى لو فشلت الوحدة بين اليمنيين.

في العام 1994، سحق صالح محاولة انفصال جنوبية.

لكن حكمه المطول لقي نهايته في شباط/فبراير 2012 عندما تخلى مرغما عن الحكم لنائبه هادي بعد عام من الاحتجاجات الشعبية ضمن أحداث الربيع العربي.

واستفاد صالح من الاتفاق الذي أجاز تخليه عن السلطة وأبرم بصعوبة بجهود دول الخليج من الحصانة لشخصة وأفراد عائلته.

وأصيب في حزيران/يونيو 2011 بجروح وحروق بالغة في اعتداء غامض استهدف القصر الرئاسي نقل على إثره مع مسؤولين كبار أصيبوا معه إلى السعودية للعلاج.

رفض الرئيس السابق بعد 2012 المغادرة إلى المنفى وبقي رئيسا لحزبه، المؤتمر الشعبي العام، الذي ينتمي إليه هادي كذلك.

وأفاد باحث في المركز الوطني للبحوث العلمية الفرنسي لدى كلية العلوم السياسية في باريس لوران بونفوا أن صالح سعى أولا إلى “الاحتفاظ بقدرته على إلحاق الضرر، وسلطته، وخصوصا على قدرة نجله أحمد علي المقيم في الإمارات على البروز كبديل سياسي”.

كان الرئيس اليمني السابق حليفا مقربا للولايات المتحدة في مكافحة تنظيم “القاعدة في شبه جزيرة العرب” الذي اعتبرته واشنطن أخطر فروع القاعدة.

ورسمت برقيات دبلوماسية كشف عنها موقع ويكيليكس صورة رجل يزداد تسلطا.

واعتبر مستشار الرئيس هادي، ياسين مكاوي أن الحوثيين “دمى بين يدي صالح يستخدمهم كما يستخدم القاعدة”.

وأكد تقرير رفع في شباط/فبراير 2015 إلى مجلس الأمن الدولي أن صالح جمع نتيجة الفساد ثروة قدرت بين 32 و60 مليار دولار فيما يعتبر اليمن أحد أفقر بلدان العالم العربي.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق