الكيلاني: توافد إسلامي غير مسبوق إلى الأقصى بذكرى الإسراء والمعراج

هلا أخبار – قال المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، الدكتور وصفي الكيلاني، إن المسجد الأقصى المبارك سجل أعدادا غير مسبوقة ومشهودة خلال الاحتفالات بذكرى الإسراء والمعراج، التي شهدت حضور الآلاف من المسلمين من كل أنحاء العالم الاسلامي، الذين ملأوا جنبات المسجد الأقصى وباحاته وساحاته.

وأضاف في حديث لبرنامج “عين على القدس” الذي بثه التلفزيون الأردني مساء  الإثنين، أن هذا الحضور جاء بعد أن شهد الأقصى أسبوعا عصيبا في ظل الإجراءات الإسرائيلية التي سمحت للمتطرفين اليهود باقتحام ساحاته بأعداد غير مسبوقة منذ عام 1967 أثناء الأعياد اليهودية.

وأعرب عن مشاعر البهجة والاستبشار نتيجة المشاهدات لهذا العدد من المسلمين غير المقدسيين والفلسطينيين، الذي كان يقارب عددهم الثلثين من صفوف المصلين في المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، بالإضافة لآلاف الفلسطينيين من كل أنحاء فلسطين، وخصوصا جنبات القدس الذين حضروا إلى المسجد الأقصى المبارك، وكثير منهم أقام في ساحاته لأيام كاملة، ليعبروا عن التفافهم حول الأقصى، وليؤكدوا الهوية العربية الإسلامية للقدس والمسجد الأقصى.

وتحدث الكيلاني عن الأثر الحقيقي لزيارة المسلمين للقدس من جانبين، أن أعداد هؤلاء المسلمين من غير الفلسطينيين، تتكاثر بحالة من الإصرار بالتعلق بالمسجد الأقصى، كأحد أقدس ثلاثة مساجد في الإسلام تشد إليها الرحال، وأيضا هناك استشعار بالواجب بين صفوف هؤلاء المسلمين، لسان حالهم يقول: “إذا كان الوصول إلى المسجد الأقصى يعرضنا للأذى والمعاناة بهذا الشكل، فلماذا نترك الفلسطينيين يتعرضون وحدهم للأذى والمعاناة والمهانة على الحدود والمعابر والحواجز، في سبيل الوصول إلى هذا المكان المقدس”.

وتابع: “الحالة الثانية هي الحالة الروحانية التي تقول نحن نريد أن نزاحم ونملأ الفراغ على طريقتنا التعبدية الإيمانية الروحانية كلما سنحت الفرصة، مشيرا إلى أن هؤلاء المسلمين الذين يأتون من خلال الحدود الأردنية أو عبر الجو من أنحاء مختلفة من العالم، وخاصة من جنوب شرق آسيا، لهم دور كبير في دعم الاقتصاد العربي في القدس، فهم يملأون الفنادق والأسواق العربية، ويحتكون بالتجار المقدسيين ويلمسون حجم معاناتهم، ويدركون أنهم إذا أتو إلى القدس يجب أن يشتروا من أسواق ودكاكين المقدسيين، كما أنهم يتفقدون أحوال المحتاجين، ويزورون لجان الزكاة، وينسجون العلاقات مع الأوقاف الاسلامية وأئمة المسجد الأقصى، ويسألونهم عن قضايا فقهية كثيرة من العبادات والمعاملات، كما أنهم يتعاملون مع الأدلاء السياحيين العرب.

كما أشار الكيلاني إلى “حالة جميلة جدا تبعث في النفس السرور”، حسب وصفه، وهي وصول الكثير من هؤلاء الزوار إلى درجة التعلق بالمسجد الأقصى؛ حيث أنهم يقومون بزيارته سنويا، وأصبحوا يشاركون إخوانهم المقدسيين في حلقات العلم وحلقات الذكر، وهم يقدمون نموذجا في العبادة الروحانية متعلقا بالمسجد الأقصى المبارك، وأثرهم كبير ومبارك وطيب، وهم من أصحاب الحظوة التي نالت بركة زيارة المسجد الأقصى المبارك، الذي يستحق أن يدفع من أجله المال، وتحمل المشاق والعقبات في سبيل الوصول إليه، والمساهمة في إعماره والرباط فيه.

وقال إن المشاهدات التي رآها تؤكد أن المقدسيين يعتمدون اليوم في صمودهم على ذاتهم أكثر من أي وقت مضى، ومن الملحوظ أنهم أقل تعلقا بالعالم الخارجي سواء العربي أو الإسلامي، مثلما كان في السابق، بعد طول فترة معاناة مروا بها، وهم يعيشون حياة فيها قدر كبير من الروحانيات والتفاؤل والتعلق بالمسجد الأقصى المبارك، ولم تعد نظرتهم للعالم الخارجي نظرة المنتظر للفرج، الذي ينشدونه من الله سبحانه وتعالى فقط، ولسان حالهم يقول للعرب، من عمل صالحا فلنفسه.

وتابع: تشعر أن كل القدس والمقدسيين هم أوقاف إسلامية وسدنة وحراس وعمال في المسجد الأقصى، يقفزون على الكثير من العقبات، رغم حجم المعاناة والضائقة التي ألمّت بهم، ويشعرون بالفرج وهم في كرب شديد.

واوضح أن دور دائرة الأوقاف الإسلامية يشكل حالة من الفخر والاعتزاز رغم كل الصعوبات التي تواجه المسجد الأقصى والأوقاف الاسلامية، فهي مستمرة في العمران البشري والمادي الترميمي، وعقد حلقات العلم ورعاية الأيتام وإيصال الدعم لمستحقيه.

وتشاهد خلية نحل تبدأ في الأوقاف الاسلامية وأئمة المسجد الأقصى وحراسه، قبل ساعات الفجر، يقدمون المشروبات الساخنة والعصائر، وأحيانا وجبات الإفطار للزوار، ليشعرونهم “أننا بانتظاركم وفي استقبالكم، ونحن في خدمتكم، ويقومون بفتح مرافق المسجد الأقصى ومعالمه ومتحفه لهؤلاء الزوار الذين يأتون الى هنا من كل مكان”.

 

وأضاف أن الأوقاف الإسلامية تعمل مع المؤسسات الأردنية الأخرى التي تتابع شؤون المسجد الأقصى، سواء في الديوان الملكي العامر أو في وزارة الأوقاف، كخلية نحل مستمرة، تلتف حولها كل أطياف الأخوة المقدسيين الذين يستطيعون الوصول للمسجد الأقصى المبارك، الذين يشعرون أن القدس وفلسطين في خندق واحد مع الأردن، الذي يعتبر الظهير والسند الحقيقي في دفاعهم عن الأقصى، وهوية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وبشأن ردود الأفعال المقدسية على خطاب جلالة الملك في القمة العربية أمس الأول، أشار الكيلاني إلى مشاعر الارتياح لدى المقدسيين من خطاب جلالة الملك ومخرجات القمة العربية، التي أكدت على المفاهيم المتعلقة بالقدس والقضية الفلسطينية، وجاءت نتائج المؤتمر التي أتت بتنسيق أردني فلسطيني وبدعم عربي، مبشرة بالخير، وأكدت على قرارات مهمة في الأمم المتحدة وفي اليونسكو التي أرست تعريف وهوية المسجد الأقصى المبارك.

واشار الى ان هناك حالة من الترقب الحذر لما بعد هذا المؤتمر، ولكن هناك أمل كبير معقود على دور المملكة بقيادة جلالة الملك، بأن هذا الموقف لا بد وأن يؤدي إلى انفراج، أو على الأقل الحفاظ على هوية واضحة للمسجد الأقصى، ودعم صمود المقدسيين حتى يستمر هذا الصمود بدرجة من التفاؤل والأمل المضيء، بالرغم مما تعانيه الحالة المقدسية من ظروف ليست بالسهلة أبدا.

من جهته بيّن مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، في المحور المتعلق بدور ومعاني وأبعاد الخطابة في المسجد الأقصى المبارك، ان حجم الاهتمام الكبير الذي أولاه المسلمون للمسجد الأقصى، بناء وعناية ورعاية وخطابة في العهود المتتالية، منذ عهد الخليفة عمر بين الخطاب الذي عيّن الصحابي الجليل عبادة بن الصامت قاضيا وخطيبا في القدس، ثم تلاه الصحابي شدّاد بن أوس؛ حيث نظمت الأمور في المدينة منذ ذلك الوقت، وتعين للمسجد الأقصى الأئمة والخطباء الذين يقودون صلاة الجمعة وسائر الصلوات في المسجد.

وتابع: وهكذا على مرّ التاريخ الإسلامي الذي سبق الاحتلال الصليبي لبيت المقدس، حيث تعطلت خطبة الجمعة في المسجد الأقصى جراء هذا الاحتلال لمدة 90 عاما، إلى أن عادت الحرية للقدس على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي نصب المنبر المشهور، والذي وقف عليه الكثير من الأئمة والخطباء من العلماء المسلمين الذين تناوبوا على الخطابة في المسجد الأقصى المبارك، لغاية الحريق المشؤوم الذي أتى على المنبر في العام 1969، والذي أعيد بناؤه في جامعة البلقاء التطبيقية، وتم إحضاره من عمان، ونصب في المسجد الأقصى المبارك، وهو الذي يقف عليه الآن خطيب الجمعة، ويلقي عليه الخطبة.

 

وأشاد الشيخ حسين بالجهود المباركة للمملكة؛ ملكا وحكومة وشعبا، في حرصهم الدائم والمتواصل لرعاية المسجد الأقصى المبارك والعناية به، سواء من حيث المنبر والخطابة والخطباء، أو فيما يتطلبه المسجد الأقصى من عناية ورعاية في الجوانب المختلفة الأخرى.

وأكد الشيخ حسين أن الخطابة وظيفة دينية سامية يباشرها علماء المسلمين في المسجد الأقصى المبارك، وتقع على خطيب المسجد الأقصى مسؤولية كبيرة بالنسبة لرسالة الخطابة العظيمة، التي من أهمها الدعوة الى التمسك والمحافظة على قدسية المسجد، الذي سنبقى متمسكين به محافظين عليه، وعن كل ما من شأنه أن يحافظ على بقاء هذا المسجد عامرا بالإسلام والمسلمين، وعامرا بالخطابة والدروس الدينية.

من جانبه، أشار إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ يوسف أبو سنينه، إلى أن الإمامة لها مكانة عظيمة في الدين والدنيا، ولها مكانة رفيعة وراقية وسامية من أمور الدين، وهي نعمة عظيمة ومكرمة من الله تبارك وتعالى للإنسان الذي يؤم المسلمين، وبخاصة إذا كان في أحد المساجد الثلاث في مكة والمدينة والقدس.

وعرّج أبو سنينه على أشهر الخطباء الذين كانوا في المسجد الأقصى منذ الفتح الإسلامي، وأشهر الصحابة والتابعين والعلماء العظام الذين جاؤوا إلى القدس وأقاموا فيها، وخطبوا في مسجدها ودرسوا في مدارس هذه المساجد ومن على مصاطبها العلمية، مستذكرا الدور العظيم الذي قام به العلماء في فترة الاحتلال الصليبي في مواصلة إعطاء الدروس والمحافظة على الدين والثقافة الاسلامية، وشحذ الهمم والاعداد للتحرير والنصر، الذي جاء في العهد الصلاحي، والذي أقيمت فيه وبعده أكثر من مئة مدرسة في جنبات المسجد الأقصى، كان يدرس فيها مختلف العلوم من الفقه والحديث واللغة العربية والنحو والرياضيات والفلك والعلوم الطبية.

ولفت إلى قدر من التماثل امتدادا للزمن الماضي في دور الخطباء والأئمة للدفاع عن هوية المسجد الأقصى وفلسطين تمهيدا للمرحلة القادمة التي يعود فيها المسجد والقدس الشريف لأهله.

 وعرض برنامج “القدس في عيون الأردنيين”، تقريرا أشار فيه خطباء مساجد في الأردن، إلى أن وزارة الأوقاف عكفت منذ سنوات طويلة، وخاصة في الأشهر الأخيرة على تخصيص خطب عديدة تدور حول المسجد الأقصى، وأهميته ومكانته وما يتهدده من مخاطر.

وأوضحوا، أنه من خلال الخطبة الموحدة في كل مناطق المملكة، يوجد محاور لخطبة الجمعة، تلفت فيها إلى أهمية المسجد الأقصى عقيدة وتاريخا وحضارة وسياسة، والواجب الشرعي تجاهه، مشيرين إلى أن الوزارة ترعى هذا الجانب من خلال خطب الجمعة والدروس والمؤتمرات والندوات المتعددة.

وأكدوا أن القدس ستبقى في عيوننا كأردنيين، عاصمة للعهدة العمرية القرشية، وعاصمة لشهداء الجيش العربي، وعاصمة للإسلام والعروبة، التي لن نساوم أو نتنازل عن شبر واحد منها. (بترا)





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق