جرحى غزّيون: جراحنا تضمدها عمّان

هلا أخبار- عرار الشلول أنين قادم من إحدى أجنحة مدينة الحسين الطبية يطلقه الجريح الغزيّ الطفل عز الدين رفيق ذو الـ14 عاما لتتسابق الكلمات مع ذات الأنين فتبدو استغاثته غير مفهومة سوى لراءٍ تجثو إنسانيته عند ركبتي رفيق الممزقتين.

ما تبقى فيه روح من جسد رفيق، يروي بملآى الدموع براءة أطفال من رفاقه العزل يتوقون بحرية للسلام والدولة خيارا وللأمن والكرامة حلما فتضربه جريمة إسرائيلية تنسف حقهم في الحياة، والتعبير عن حقوقهم المشروعة.

رفيق أطل على مشهد ما زال ماثلا أمامه حتى اللحظة “لوحشيته وضربه حقنا في أن نعيش بلا مآسي” يقول رفيق، مبينا أنه “خرج في ساعة مبكرة من يوم الجمعة في مسيرات العودة ضد الاحتلال فباغته ورفاقه أحد الجنود الإسرائيليين بوابل رصاص متفجر أطلق صوبهم ليرتقي بعضهم إلى ربه شهيدا ويمزق أجساد بعضهم الآخر”.

بدأت معاناة رفيق من بين آلاف الغزيين الذين أصيبوا في المسيرات لتقله ورفاقه مركبة، تنسفك الدماء من زوايا أبوبها كما ينشطر النور من الأفق فيطبق الغسق، إلى مستشفيي الأقصى والشفاء اللذين لا مكان لهم فيه فيصارعون الألم لأيام صدرت بعدها توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني بإخلاء الحالات الحرجة من أبناء قطاع غزة، لتلقي العلاج في المستشفيات التابعة للخدمات الطبية الملكية، يقول رفيق: “سيدنا أبا الحسين وإخواننا الأردنيين لهم في رقبتنا الكثير وهم عز الإخوان والسند”.

أما الغزي مصطفى خروب فقد دخل في غيبوبة لمدة زادت عن 10 أيام لتفجر قدميه جراء الرصاص المتفجر بعد أن ذهب برفقة زوجته وأطفاله للوقوف إلى جانب الغزيين في مسيرات العودة ليفاجئ برصاص أطلقته جندية إسرائيلية فضربت قدماه عنقه فعانق الأرض مقبلا بدعوة مظلوم يستنجد وجدان الإنسانية.

وتقف أم مهند والدة المصاب مهند مصلح 29 عاما فهي مذهولة أمام بشاعة ما حل بابنها من إجرام، فتقول: “في يوم الجمعة انطلق ابني ليشارك في مسيرة العودة السلمية شرق قطاع غزة، فكان واقفا إلى يمين إحدى الخيم التي وضعت لذات الغرض فاخترق جسده فجأة وابل الرصاص من النوع السابق فاستقر في صدره وقدميه”.

وتروي أم مهند حال آلاف الغزيين المتواجدين في قطاع غزة وما تحتضنه من مستشفيات فتقول: “مواضع الإصابات تتعفن في مستشفيات القطاع لكثرة المصابين وشح الكوادر الطبية” مشيرة إلى أن المستشفى الميداني الأردني كان له أكبر الدور في إجراء آلاف العلميات الجراحية الدقيقة ومنها ما يجرى في مدينة الحسين الطبية بعد نقل الجرحى، وتقول: “الأردن لم يخذلنا يوما.. الحمد لله ما زال في الدنيا الخير والأمل”.

أما أنس حاتم 25 عاما الذي بترت قدمه اليمنى بعد أن شطرتها إحداها الرصاصات المتفجرة عن قرب فيقول: “إن مسيراتنا كانت سلمية لا حامل سلاح فيها ولا سلاح يحمل والدليل أن جميع الإصابات كانت من الطرف الغزي”.

ويؤكد أن “أهداف مسيرتنا مشروعة فنحن طالبنا بحقوقنا كشعب له حق أكدته القرارات الدولية بما فيها قرارات الأمم المتحدة”.

ويشكو أنس حالا تغدو عليه مستشفيات غزة اليوم ويقول: “إن مستشفيات قطاع غزة تعيش مأساة إنسانية وعار كبير على البشرية فهي لم تعد تستوعب آلاف الحالات الحرجة المتنوعة، فالمصابون يفترشون ممرات المستشفيات وجراحهم تتعرض لمضاعفات خطيرة جدا”.

وأشاد أنس بالإجراءات الطبية المميزة والحفاوة الكبيرة التي لقيها من كوادر الخدمات الطبية الملكية منذ قدومهم غزة وحتى استقباله في مدينة الحسين الطبية، قائلا إن هذا من شيم الأردنيين، وليس بغريب عليهم.

بدوره، قال مدير عام الخدمات الطبية الملكية اللواء الطبيب معين الحباشنة إن الخدمات الطبية الملكية ما زالت مستمرة بتنفيذ التوجيهات الملكية بضرورة الوقوف مع الأشقاء في فلسطين وتقديم رعاية طبية مميزة لهم.

وأضاف: “نحن على تواصل مستمر مع فريقنا الطبي المتخصص المتواجد على أراضي قطاع غزة، والذي قام مؤخراً بمسح ميداني لأغلب المصابين هناك وأجرى عمليات جراحية متقدمة لهم ونقل الآخرين إلى مستشفيات الخدمات الطبية الملكية لاستكمال علاجهم.

وبين أن مجموع المصابين الذين وصلوا في الدفعتين الأولى والثانية ارتفع ليصل إلى 29 مصابا، مشيراً إلى أن الأيام القليلة القادمة يمكن أن تشهد نقل حالات أخرى الى مستشفيات الخدمات الطبية الملكية .

وقال الحباشنة إن المستشفى الميداني الأردني المتواجد في قطاع غزة منذ عام 2009، ضمد خلالها الجراح وعالج الآلام وداوى الأوجاع وقدم الخدمة الإنسانية بكل تفاني لأكثر من 2.5 مليون مواطن، مشيرا إلى أن كوادر الخدمات الطبية الملكية أجرت أكثر من 50 ألف عملية جراحية طيلة 9 أعوام، فكانوا خير سفراء للأردن وللجيش العربي.

ووصلت إلى مدينة الحسين الطبية بعد منتصف ليلة أمس الثلاثاء، الدفعة الثانية من مصابي قطاع غزة الذين نقلوا بتوجيهات من جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وبإيعاز من رئيس هيئة الأركان المشتركة إلى مديرية الخدمات الطبية الملكية. بترا





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق