“قانون التقاعد” .. أصل الحكاية وجدل الـ 8 سنوات المحتدم

هلا أخبار – وائل الجرايشة – من المتوقع أن يقرّ مجلس النواب الثلاثاء مشروع قانون معدل لقانون التقاعد المدني، بعد 8 سنوات من الجدل حوله نتيجة القانون المؤقت الذي أقرّته حكومة سمير الرفاعي آنذاك.

وأبعد مشروع القانون المعدل الذي سيعرض على جدول أعمال المجلس الثلاثاء النقطة الأهم ومثار الجدل الأوسع والمتعلقة بحصول أعضاء السلطة التشريعية على راتب تقاعدي بعد قرارات صدرت عن المحكمة الدستورية.

ولم يحصل أي نائب أو عين على راتب تقاعدي نتيجة عضويته في أحد المجلسين منذ العام 2010 حيث مرّت 3 مجالس نيابية خلال هذه المدة دون حصول أعضاء السلطة التشريعية على راتب تقاعدي. 

ولعلنا في هذا البحث نوثّق المرحلة التي عبر فيها القانون خلال السنوات الثمانية الماضية، واللغط الذي دار حوله ومراحل الشد والجذب التي اعترت القانون قبل وصوله إلى الصيغة التي أقرتها حكومة سابقة وسارت على دربها حكومة عمر الرزاز.

سنتحدث عن أصل الحكاية منذ ذلك التاريخ (2010) على أن نبحث في موضع آخر التسلسل الزمني للتقاعدات التي حصل عليها أعضاء المجالس النيابية منذ التعديلات التي طرأت على قانون التقاعد في العام 1972 بعد أن كان القانون الأصلي الصادر العام 1959 يحظر على النائب الحصول على التقاعد.

* حكومة الرفاعي:

ظلّ أمر تقاعد أعضاء مجلس الأمة مسكوتاً عنه حتى أواسط العام 2010 حيث أشعلت حكومة سمير الرفاعي الجدل حوله مُجدداً بعد أن أقرّت قانوناً مؤقتاً حرك المياه الراكدة.

أنذاك كانت حكومة الرفاعي تستعد لإجراء الإنتخابات النيابية وقبل نحو 4 شهور من إجرائها أقرّت قانوناً مؤقتاً يحمل الرقم (10) لسنة 2010م يلغي إحتساب مدة عضوية مجلس الأمة من الخدمات الخاضعة لقانون التقاعد المدني انسجاماً مع القانون الأصلي الصادر العام 1959، غير أن الحكومة لم تسحب أي ميزات مماثلة لأعضاء الفريق الوزاري.

أصدرت حينها الحكومة القانون المؤقت بتاريخ 15 أيار 2010 حيث كان يتيح النص الدستوري للحكومات مساحة واسعة للتحرك بإصدار (القوانين المؤقتة) مستندةً إلى الصلاحيات الممنوحة لها ضمن نص المادة 94 والتي قلّصت التعديلات الدستورية لاحقاً (في العام 2011) دور الحكومة في إصدار القوانين المؤقتة وحصرت صلاحياتها بحالات مُعينة حدّت معها من المناورة بإستخدام النصوص “المطاطية” لصالح توجهات الحكومات بعيداً عن قرار البرلمان.

* المجلس السادس عشر :

عقد مجلس الأمة بشقيه (النواب) و (الأعيان) جلسة مشتركة لحسم الجدل في القانون المؤقت بعد مطالب نيابية من المجلس السادس عشر بعرض القانون بهدف ردّه، فصادق مجلس الأمة في جلسته التي عقدها بتاريخ 24 نيسان 2012م على رد القانون المؤقت الذي أصدرته حكومة الرفاعي.

كان “الأعيان” حينها أدخل تعديلات على القانون تقضي بمنح تقاعد للنائب أو العين الذي خدم 10 سنوات منها 6 سنوات في العمل العام سابقة لعضويته في مجلس النواب أو الأعيان، بينما رفض “النواب” هذه التعديلات وأصرّ على رفض القانون المؤقت ليعود العضو يحصل على راتب تقاعدي بغض النظر عن خدماته السابقة.

رجحت كفة “النواب” خلال الجلسة المشتركة بـ 120 صوتاً مقابل 35 صوتاً رفض ردّ القانون المؤقت، لتأتي حكومة فايز الطراونة بتاريخ 15 / 5 / 2012م وتصادق على عملية رد القانون بعد بطلان القانون المؤقت.

وحُل مجلس النواب السادس عشر بتاريخ 4 / 10 / 2012م، وغادرت حكومة فايز الطراونة الدوار الرابع خلال أسبوع من تاريخ حل مجلس النواب وفقاً للنصوص الدستورية، ليُشكّل عبد الله النسور حكومته الأولى بتاريخ 11 / 10 / 2012م. 

* الملك يرفض الرد:

كان للملك رأي آخر برد القانون من قبل البرلمان حيث صدرت الإرادة الملكية بتاريخ 19 / 11 / 2012م بعدم الموافقة على رد القانون مُعلناً رفضه بطلان القانون المؤقت رقم 10 لسنة 2010 المعدل لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959م.

في نص الإرادة الملكية بعث جلالة الملك برسالة إلى حكومة عبد الله النسور الأولى في مستهل أعمالها، طالباً منها التقدم بمشروع قانون جديد “يراعي العدالة” و”تتوخى فيه الشفافية والموضوعية”، لـ “يعالج التشوهات والإرباكات التي نتجت عن التعديلات المتكررة التي أُدخلت على القانون الحالي على مدار العقود السابقة”.

* المجلس السابع عشر:

بناءً على ما جرى، دفعت الحكومة مُجدداً بمشروع قانون للتقاعد المدني لسنة 2013 وذلك في شهر كانون ثاني 2013، وقبيل إنعقاد مجلس النواب الجديد (مجلس النواب السابع عشر) الذي التأم بتاريخ 10 / 2 / 2013.

كان مشروع القانون ضمن عدة مشاريع قوانين أرسلتها الحكومة، بينما كان الرئيس في مرحلة انتقالية بين حكومته الأولى وبين حكومته الثانية التي جاءت بناء على مشاورات نيابية مع القصر حول إختيار شخصية الرئيس المقبل، قبل أن يعيد النسور تشكيل حكومته الثانية بتاريخ 30 / 3 / 2013م.

عند عرض مشروع القانون الجديد على مجلس النواب بتاريخ 13 /2 / 2013 أثار بعض النواب شكوكاً حول دستورية عدم موافقة الملك على رد القانون المؤقت ورفض بطلانه، ورأى مجلس النواب أنه من الأسلم و “اتقاءً للشبهات ولإجلاء الشبهة الدستورية” وضع مشروع القانون الجديد جانباً وعدم تحويله إلى اللجنة المختصة.

ودعا نواب إلى توجيه سؤال إلى المحكمة الدستورية حول القانون المؤقت الذي رفض الملك رده، بالإستفسار عن “دستورية” معاملة القانون المؤقت كالقانون العادي في حال رفضه مجلس الأمة، وتساءلوا إن كان يعامل ذات المعاملة أم يعامل حسب المادة 94 من الدستور.

بعث مجلس النواب سؤالاً إلى المحكمة الدستورية يستفسر حول قرار بطلان القانون المؤقت ومعاملة القانون المؤقت كالعادي، كما تساءل المجلس عن دستورية أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون جديد دون أن يعود القانون المؤقت الذي رفضه الملك إلى مجلس النواب.

* المحكمة الدستورية :

قررت المحكمة الدستورية بتاريخ 23 / 7 / 2013 إعادة القانون المؤقت إلى مجلس النواب، معتبرةً أنه “لا يجوز أن يعامل القانون المؤقت الذي تم رفضه من قبل مجلس الأمة مجتمعا عملا بالمادة 94 من الدستور كما يعامل مشروع القانون العادي”.

ورأت أنه لا يمتنع على الحكومة التقدم بمشروع قانون جديد ليمر في المراحل التشريعية الدستورية ولا يمتنع كذلك استعمال السلطة التشريعية لحقها الدستوري في اقتراح القوانين.

وبناء على طلب مجلس النواب بتفسير المادتين 93 و94 من الدستور لبيان ما إذا كان يجوز أن يعامل القانون المؤقت إذا تم رفضه من قبل مجلس الأمة مجتمعا (المادة 94) كما يعامل مشروع القانون (المادة 93) من حيث الرفض أو الموافقة من قبل الملك، حيث قررت المحكمة أنه لا يجوز معاملة القانون المؤقت في هذه الحالة إذا ما تم رفضه من قبل مجلس الأمة معاملة القانون العادي لأن علاقة المجلس بالقانون المؤقت قد انقطعت ويبقى القانون ساري المفعول خلافاً للوضع مع القوانين العادية وذلك لأن المشرع الدستوري لم يأخذ بمبدأ التعامل مع القانون في حالة رفضه لحالة محددة نصا في المادة 93 من الدستور ولم يفعل الشيء ذاته مع القانون المؤقت نظراً للطبيعة الخاصة له باعتباره مختلفاً في وضعه عن السياق العام للقوانين، وقالت المحكمة “ولو كان المشرع قد شاء ذلك لفعل والقاعدة القانونية في التفسير تقول: (إن الاختلاف في العلة يمنع من التشريك في الحكم).

ورأت المحكمة أن القانون المؤقت يتساوى مع مشروع القانون العادي في حالة إقراره أو تعديله للمصادقة عليه، والأمر بإصداره ولا يتساوى مع القانون العادي في حالة رده من مجلس الأمة وعدم موافقة الملك على إعلان بطلانه. 

* إقرار مشروع قانون للتقاعد :

بعد قرار المحكمة الدستورية حُسم الجدل حول القانون المؤقت الذي رفض الملك إلغاءه وظلّ ساري المفعول، بينما عاد النقاش حول مشروع القانون الجديد المرسل من قبل الحكومة إلى مجلس النواب.

قرر مجلس النواب في جلسة عُقدت بتاريخ 28 / 7 / 2013 إحالة مشروع القانون إلى لجنة مشتركة (اللجنة القانونية واللجنة الإدارية)، في الوقت الذي أثار المشروع المقدم من الحكومة جدلاً واسعاً بعد أن حدّد مدة 7 سنوات خدمة تؤهل الوزير أو عضو مجلس الأمة لنيل التقاعد.

حينما وصل مشروع القانون إلى مجلس الأمة بتاريخ 11 / 9 / 2014م أقرّ التعديلات الحكوميّة وذهب إلى أبعد مما أوردته الحكومة، حيث وافق مجلس الأمة على التعديلات التي تساوي النائب براتب الوزير التقاعدي مع احتفاظ النائب والعين بالجمع بين راتبه ومخصصاته التي يتحصل عليها أثناء نيابته، وأقر بنداً يلزم شمول هذه التعديلات بأثر رجعي لتطال من حُرم من قبلهم بالتقاعد أي مجلس النواب السادس عشر تحديداً الذي طالته آثار القانون المؤقت.

* الملك يرد مشروع القانون مُجدداً :

بعد أيام قليلة من إقرار المشروع، تدخل الملك مُجدداً حيث رفض بتاريخ 15/ 9 / 2014 التصديق على مشروع القانون المقر من قبل مجلس الأمة مستنداً إلى الصلاحيات المخولة لديه بموجب الفقرة الثالثة من المادة 93 من الدستور، داعياً الحكومة (حكومة النسور) بشكل صريح وفي رسالة مباشرة بسؤال المحكمة الدستورية بشأن جوازية حصول مجلس الأمة على التقاعد.

* جدل حول صلاحية المحكمة الدستورية :

رأى بعض النواب أن المحكمة الدستورية غير مخولة بالنظر في مشروع قانون لم ينضج بعد ولم يكمل طوره التشريعي بعد أن رده الملك ولم يصادق عليه، ووجدوا بناءً على موقفهم أن توجه الحكومة بسؤال المحكمة حول دستورية تحصلهم على تقاعد أمر غير جائز، مستندين في ذلك إلى اختصاصات المحكمة الدستورية المحصورة بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور وفق الأحكام التي حددتها المادة 4 من القانون.

الحكومة بحثت عن مخارج لسؤال المحكمة الدستورية، فدفعت بتاريخ 24/ 9 / 2014م باستفتاءٍ ينطوي على مضامين تضفي شرعيةً على إجرائها من خلال طلب تفسير نص دستوري دون السؤال مباشرة عن جوازية حصول عضو مجلس الأمة على التقاعد.

السؤال كان يصب في نهاية المطاف إلى المبتغى المنشود المتعلق بأحقية عضو مجلس الأمة بالحصول على تقاعد، مرتكزة الحكومة في استفتائها على المادة 52 من الدستور حيث طلبت تفسير المادة التي أوردت مفردة “مخصصات” عند إشارتها إلى المبلغ المالي الذي يتحصله عضو مجلس الأمة لقاء عمله، بينما اصطلحت على ما يتحصل عليه الوزير بـ “الراتب”.

* قرار المحكمة الدستورية:

أعلنت المحكمة الدستورية بتاريخ 17 / 11 / 2014 قرارها رقم (2) لسنة 2014م حيث رأت فيه أن “عضوية مجلس الأمة أو مدتها غير خاضعة للتقاعد، الأمر الذي يترتب عليه عدم استحقاق اعضاء مجلس الأمة للرواتب التقاعدية مع عدم المساس بالحقوق المكتسبة”.

واشارت المحكمة في قرارها الى “قانون مخصصّات أعضاء مجلس الأمة رقم 17 لسنة 1947 الصادر بتاريخ 21 /5 / 1947″، والذي ما يزال سارياً حتى الآن، والذي تنص المادة الثانية منه بكل وضوح على: “يعتبر ما يتقاضاه أعضاء مجلس الأمة مخصصات لا رواتب”، ما يؤكد على أن أعضاء مجلس الأمة، ليسوا موظفين وانهم بالتالي لا يستحقون رواتب تقاعدية.

كما قررت المحكمة في تفسيرها لأحكام المادة (2/ 193) من الدستور أنه لا يجوز أن ينص قرار ذو أثر مالي على سريان أحكامه بأثر رجعي لتعديل مراكز قانونية اكتملت في ظل قانون سابق وبما يرتب زيادة في النفقات العامة، وأن تلك المراكز تبقى محكومة بالقواعد التي تضمنها القانون القديم.

ويُلاحظ أن المحكمة اجتمعت بعد أن تنحى رئيسها طاهر حكمت وعضو المحكمة مروان دودين عن المشاركة في التصويت بحكم أنهما كانا عضوين في مجلس الأمة السابع عشر والذي يتأثر بالقرار، كما تنحى عضو المحكمة خلف الرقاد عن المشاركة في طلب التفسير لـ”استشعاره الحرج” وهو قرار يتيحه القانون للعضو (وفق المادة 135 من قانون المحكمة)، فيما شارك في القرار 9 أعضاء خالف منهم قرار الأغلبية عضوا المحكمة محمد الغزوي وعبد القادر الطورة.

* عودة القانون مُجدداً إلى مجلس النواب :

عاد مشروع القانون مُجدداً إلى مجلس النواب السابع عشر في خريف عمره وسط انتقادات نيابية لتأخر عرضه على المجلس “في هذا التوقيت” (قبيل أسابيع من رحيل المجلس حيث حُل المجلس بتاريخ 29 / 5 / 2016م).

وقرر مجلس النواب في ختام جلسة عاصفة عقدها بتاريخ 6 / 3 / 2016 وعلى نحو مفاجىء إحالة مشروع القانون إلى لجنته القانونية برغم أن نواباً وقتها قالوا إن اتفاقاً مبدئياً جرى بين نواب وأعيان على رد القانون لإبطاله وهو ما لم يحصل.

برر نواب موقفهم في إحالة مشروع القانون إلى اللجنة المختصة لـ “إزالة الخلل” الذي ردّ مشروع القانون بسببه بإرادة ملكية، بينما رأى نواب أنه كان الأولى بالحكومة سحبه طالما أفتت المحكمة الدستورية بـ “عدم دستورية القانون”.

واتهم نواب حينها حكومة عبد الله النسور ب”التحريض” على النواب من خلال المبالغة في أرقام الكلفة المقدرة نتيجة الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس الأمة، في حين نفى النسور “التشويش” على النواب ووصف الحكومة حينها بأنها “أثقل وأعقل من أن تحرض على النواب”، وسط اتهامات نيابية متصاعدة للحكومة بـ”تأليب الرأي العام عليهم” من خلال “تسليط الإعلام على المجلس” – وفق اتهامات صدرت على ألسنة نواب -، وهو أمر أنكره النسور مبدياً استعداده للإعتذار إذا ثبت هذا الأمر.

حُل مجلس النواب السابع عشر بتاريخ 29 / 5 / 2016 دون أن يعرض القانون على المجلس، ورحلت حكومة عبد الله النسور، وشكّل هاني الملقي حكومته الأولى بتاريخ 1 / 6 / 2016م.

* الملقي يسحب مشروع القانون من المجلس الثامن عشر :

بعد شهور من عمر مجلس النواب الثامن عشر وبتاريخ 12 / 4 / 2017 قررت حكومة هاني الملقي الثانية (تشكلت 28 / 9 / 2016م) سحب مشروع قانون التقاعد المدني الجدلي من عهدة المجلس بشكل مفاجىء ودون إعلان مُسبق، ولم تحصل ردود فعل نيابية فورية حول القانون.

ومرّ قرار سحبه من مجلس النواب لنحو عام و4 شهور دون ضجيج لعدم إعلان حكومة الملقي القرار في خبر رسمي ضمن قرارات مجلس الوزراء، حيث اكتفت الحكومة بعد أن تداول الإعلام الأمر بالتعليق بعد نحو 4 أيام عبر وزير الشؤون السياسية موسى المعايطة الذي قال في تصريح ليومية الغد “الحكومة ستقوم بدراسة المعطيات كافة بهدف التقدم لاحقاً بمشروع جديد يتعامل مع كل الملاحظات دون أن يُحدد مدة زمنية لتقديمه، مؤكدا أن الحكومة ستعمل على تقديم قانون “عصري ومتطور”.

الرزاز يُقدم مشروع قانون جديداً :

بعيد تولي الدكتور عمر الرزاز رئاسة الحكومة على وقع الإحتجاجات التي أطاحت بسلفه هاني الملقي، حاول الرزاز إرسال رسائل تطمينية تهدف إلى التخفيف من حدة احتقان الشارع وإظهاره برجل المرحلة الذي يتخذ قرارات للصالح العام.

أعلن الرزاز بتاريخ 19 / 6 / 2018 خلال مؤتمر صحفي عقده بعد أقل من أسبوع من تشكيله الحكومة بتقديم مشروع قانون للتقاعد المدني يراعي العدالة وذلك ضمن وجبة إلتزامات قطعها على نفسه.

قرر مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها بتاريخ 3 / 7 / 2018 الموافقة على مشروع قانون معدل لقانون التقاعد المدني لسنة 2018، وأرسله إلى مجلس النواب الذي سارع لإصدار بيان يخلي مسؤوليته من قدرته على النظر بالمشروع كون المجلس محصوراً بمناقشة ما ورد في الإرادة الملكية التي خصصت الدورة الإستثنائية للبيان الوزاري للحكومة الذي تطلب على أساسه الثقة.

إذاً، لم يكن بوارد الرزاز على الإطلاق الحديث عن النواب وتقاعدهم معتمداً على قرار المحكمة الدستورية التي أدى قرارها إلى إسقاط ملف النواب بالكامل من قانون التقاعد المدني.

ويؤكد ذلك جاء في بيان صادر عن الحكومة الذي أخرج السلطة التشريعية من دائرة النقاش حول مشروع القانون، حيث قال البيان “إن الهدف من المشروع تنظيم المسائل المتعلقة بتقاعد اعضاء السلطتين التنفيذية والقضائية وفقا لاحكام الدستور وبما يحقق مبدا العدالة والمساواة في المراكز القانونية وتحقيقا للمصلحة العامة”.

إنصب تركيز الرزاز في الحديث عن تقاعد الوزراء وقال في مؤتمره الصحفي إنه “لا يجوز ولا باي معيار من معايير العدالة ان يتحصل الوزير على راتب تقاعدي مدى الحياة مقابل خدمة لشهرين او ثلاثة اشهر في وقت يعمل فيه الموظف لسنوات طويلة للحصول على راتب تقاعدي”، معلناً وجّه باعادة النظر بقانون التقاعد المدني خصوصا تقاعد الوزراء.

* تصاعد الجدل :

تصاعدت حدة الجدل حول مشروع القانون الجديد المقدم من الحكومة، فقد كان قرار الرزاز مستساغاً شعبياً إلى حد ما إذ يتناول تقاعد الوزراء، غير أن انتقادات طالته من ناحيتين الأولى كانت من بعض المراقبين الذين وصفوا المشروع الجديد بأنه إعادة تدوير لمشروع قانون النسور برغم إزاحة ملف تقاعد أعضاء السلطة التشريعية تماماً، فيما هاجمه بعض النواب بعد أن عرفوا متأخرين أن مشروع القانون قد سُحب من مجلسهم دون علمهم، وهو أمر إعتبروه “ليس لائقاً” كون مشروع القانون بحوزة المجلس ولم يُكمل طوره التشريعي.

نواب رأوا أنه كان من الواجب أن ينظر مجلس الأمة في أسباب رد مشروع القانون سنداً لحكم الفقرة الرابعة من المادة ٩٣ من الدستور، بينما انتقد نواب خلال نقاشات الرئيس الرزاز مع الكتل النيابية حول البيان الوزاري استبعاد النواب من مشروع القانون الجديد، مؤكدين على أهمية أن يعاد النظر بالقانون برمته وهو مطلب يؤشر على وجود رغبة بأن يطال التقاعد النواب، وقد طُرح هذا الأمر من قبل نواب خلال حوارات الرئيس مع الكتل النيابية قبل طلبه الثقة من البرلمان.

* القانون مجدداً أمام مجلس النواب :

بعد أن أرسلت الحكومة مشروع القانون الجديد لقانون التقاعد المدني أُدرج على جدول أعمال الدورة الاستثنائية التي انطلقت أعمالها في 2 / 9 / 2018م، وقد اطلع عليه المجلس ضمن قراءة أولى وأحاله إلى اللجنة المختصة التي أدخلت تعديلات عليه، متجاوزة أي حديث عن رواتب تقاعدية لأعضاء السلطة التشريعية، وسيبت “النواب” القانون بشكل نهائي ليسدل الستارة عن فصوله في جلسته أو جلستيه الثلاثاء.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق