قرار الملك في إنهاء ملحقي الباقورة والغمر .. التوقيت والرسالة

هلا أخبار – باغت جلالة الملك عبد الله الثاني الجميع بتوجيه الحكومة انهاء الملحقين الخاصين بأراضي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام.

القرار الذي جاء من أعلى سلطات الدولة الأردنية يعني حسماً مبكراً وقطعاً لأي تفاوض مستقبلي حول تمديد الملحقين لربع قرن إضافي، وهو أمر تتيحه النصوص إذا ما طلب أحد الطرفين.

الرسالة الأردنية واضحة المعالم وتأتي قبل (5) أيام فقط من الذكرى الرابعة والعشرين لتوقيع المعاهدة الأردنية – الإسرائيلية المعروفة باسم (معاهدة وادي عربة).

تحدّث الاعلام العبري عن مفاجأة الأوساط السياسية الإسرائيلية بالقرار الأردني – والذي لو كان قد أعلن عنه مُسبقاً تحت ضغط الشارع لتعرضت المملكة ربما لضغوط معاكسة-، لذا فالتريث الأردني وعدم الافصاح عن الموقف حتى الدقائق الأخيرة وإعلاء “عنصر المباغتة” كان في غاية الحكمة.

رئيس الوزرء إسرئيلي بنيامين نتنياهو الذي فوجىء بالقرار أعلن أنه سيتم التفاوض على إعادة استعمال الأراضي، مُذكّراً بأن اتفاق السلام بين البلدين يعدّ “ذخراً مهماً وثميناً للبلدين”، غير أن الأردن يبدو واضحاً في رسالته الذي سارعت الحكومة في إتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في الملحقين.

خلال اجتماع جلالته بشخصيات سياسية ظهر الأحد أعلن الملك القرار المهم، ويبدو أن القرار جاء بعد دراسة مستفيضة من قبل المختصين.

الملك أكد في لقائه بالشخصيات السياسية “أن الأردن قرر” وقال كلمته بإنهاء الملحقين اللذين سمحا لإسرائيل باستخدام أراضي الباقورة والغمر، ويُلاحظ أن الأردن أبلغ الطرف الاسرائيلي قبل فترة وجيزة من الإعلان الملكي، ليستبق بذلك الديوان الملكي الهاشمي أية مصادر خارجية للكشف عن الموقف الأردني.

وقال جلالته إن “الباقورة والغمر أراض أردنية وستبقى أردنية، ونحن نمارس سيادتنا بالكامل على أراضينا”، مؤكداً أن موضوع الباقورة والغمر، الذي تم تناوله بشكل كبير، على رأس أولوياتنا منذ فترة طويلة، وهي الكلمات التي حظيت بصدى منقطع النظير وبترحيب واسع جداً على المستويات كافة الشعبية والسياسية ، الأحزاب المعارضة  قبل الوسطية منها والتي وجدت آثار صوتها المسموع.

حديث الملك توسّع عن الشق المتعلق بالمحلقين حينما ألمح إلى أن “أولوياتنا في مثل هذه الظروف الإقليمية الصعبة هي حماية مصالحنا، وعمل كل ما يلزم من أجل الأردن والأردنيين”، وهنا يمكن ملاحظة التحركات الأردنية التي تأتي وسط جمود في عملية السلام وعدم احراز أي تقدّم فيها والتي يسعى الأردن من خلالها حماية مصالحه العليا وأمنه القومي.

وتتسق تصريحات الملك مع الموقف الأردني الذي كان يجيب فيه المسؤولون على أي تساؤل بهذا الموضوع بالقول “إن الأردن سيتعامل مع الأمر بما يعكس مصالحه” وهي عبارات رددها وزير الخارجية أيمن الصفدي أكثر من مرّة منها تصريحات أدلى بها تحت قبة البرلمان، وهو الوزير – أي الصفدي – الذي كان الطرف الحكومي الحاضر لحظة الإعلان الملكي للقرار.

وحديث الملك عن سيادة الأردن لتلك الأراضي لم يأت من فراغ، فالباقورة قطعة أرض تبلغ مساحتها (820 دونماً) تقع شرقي نقطة إلتقاء نهر الأردن مع نهر اليرموك داخل أراضي المملكة، احتلتها إسرائيل عام 1950 واستعادها الأردن من خلال إتفاقية السلام.

وقصة الأرض أنها كانت هي ضمن أراضٍ خصصتها الحكومة الأردنية عام 1928 لــ (شركة كهرباء فلسطين محدودة الضمان) مقابل دفع مبلغ مالي محدد، وهي شركة مسجّلة لدى إمارة شرق الأردن آنذاك/ نظارة العدليّة، من أجل إقامة (مشروع روتنبيرغ) لتوليد الكهرباء، وآلت ملكية الأرض فيما بعد لأشخاص حملوا الجنسية الإسرائيلية بعد قيام دولة إسرائيل علم 1948.

كما أن الغمر قطعة من الأرض تقع في منطقة وادي عربة في منتصف المسافة تقريباً بين جنوب البحر الميت وخليج العقبة، وتبلغ مساحتها (4235 دونماً)، احتلتها إسرائيل خلال الفترة 1968-1970، واستعادها الأردن بموجب معاهدة السلام، وهي أراض مملوكة لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية.

وهنالك نص واضح ومباشر في ملحقي إتفاقية السلام يؤكد خضوع المنطقتين للسيادة الأردنية، ويحدد التزامات على إسرائيل الاعتراف بالسيادة الأردنية بنص واضح ومباشر، وهذا يعني إنطباق جميع القوانين الأردنية عليهما، ولكن الملحقين أعطيا تسهيلات للجانب الإسرائيلي في قضايا محددة في المجال الجمركي والشُرطي والجنائي (تحت السيادة الأردنية)، فيما تخضع المنطقتان للنظام الضريبي الأردني (تماماً كبقية أراضي المملكة) ولكن دون فرض ضرائب أو رسوم تمييزية عليها وعلى الأنشطة ضمنهما.

إن وجود ملكيات خاصة لمواطنين غير أردنيين (من ضمنهم الإسرائيليون) داخل أراضي المملكة يعني بالضرورة إنطباق جميع القوانين الأردنية على هذه الملكيات بغض النظر عن جنسية المالكين.

وكان الأردن استعاد ما يقارب (344 كيلو متر مربع) في منطقة وادي عربة بموجب معاهدة السلام (وهي مقاربة لمساحة قطاع غزة)، بعد أن كانت إسرائيل قد احتلتها خلال الفترة 1968-1970.

وكان هنالك خلط لدى البعض حول مفهوم “تأجير الأراضي” بددتها المعلومات التي نشرتها “هلا أخبار”، حيث تؤكد المعلومات أن الحكومة الأردنية لم تقم على الإطلاق بتأجير أية أراض للحكومة الإسرائيلية أو لغيرها بموجب إتفاقية السلام الأردنية – الإسرائيلية، التي أقرّها مجلس النواب الأردني بتاريخ 5/11/1994، وليس هناك “إتفاقية تأجير” بخصوص أراضي الباقورة والغمر.

وإنما تنطبق الأحكام على هذه الأراضي وفقاً لمعاهدة السلام بموجب الملحقين (1/ب) و(1/ج) من إتفاقية السلام الأردنية – الإسرائيلية حيث تم إخضاع منطقتي الباقورة والغمر لنظام خاص على أساس مؤقت كما جاء في نص الملحقين ومدته 25 عاماً.

وتشدد النصوص بلغة واضحة ومباشرة على السيادة الأردنية على المنطقتين منذ إقرار إتفاقية السلام بين البلدين، كما أن جميع التفاصيل المرتبطة بالنظام الخاص المُطبّق على المنطقتين منصوص عليها في الملحقين المذكورين.

ولقد جاء في نص الملحقين بهذا الخصوص ما يلي : يُجدد الملحق تلقائياً لفترات مماثلة ما لم يُخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته بإنهاء العمل بهذا الملحق قبل سنة من إنتهائه، وفي هذه الحالة يدخل الطرفان في مشاورات بناء على طلب أي منهما، مما يعني أن للأردن أن يقرر إنهاء أو إستمرار العمل في الملحقين، ووفقاً لمصالحه الوطنية المرتبطة بهذا الأمر.

وعلى ضوء ذلك قرر جلالة الملك انهاء الملحقين وأمر الحكومة باتخاذ الإجراءات الرسمية لذلك، وهو القرار الذي انعكس إيجاباً على المزاج الشعبي الأردني.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق