الملك : لن تتمتع منطقتنا بالأمن والاستقرار حتى ينتهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

الملك: لن تنتهي الأزمة السورية إلا بحل سياسي يحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا ويضمن عودة طوعية وآمنة للاجئين

الملك: عمل الأردن إلى جانب روسيا والولايات المتحدة وشركاء دوليين آخرين على تحقيق الاستقرار في جنوب سوريا

الملك: ما زلنا نتحمل أعباء اللجوء الهائلة، مخففين بذلك من تأثيرها على مناطق أخرى في العالم، ولكن ما تزال أزمة اللاجئين وخيمة ومكلفة

الملك: الأردن وروسيا متفقان على الحاجة الملحة لحل الدولتين ولن تتمتع منطقتنا بالأمن والاستقرار حتى ينتهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

الملك: البديل عن حل الدولتين هو دولة ثنائية القومية بنظام غير ديمقراطي وقوانين غير متساوية

الملك: الأردن وروسيا متفاهمان حول الحاجة للتعاون الفاعل والعملي لتحقيق السلام على الصعيدين الإقليمي والدولي

الملك: نهج الاعتدال والاستقرار في بلدنا وشبابنا الطموح والمنفتح على العالم مكّننا من بناء شراكات في جميع أنحاء العالم

الملك: يجمعنا مع شركائنا حرص مشترك على حل الأزمات في الشرق الأوسط

الملك: التهديد من الخوارج ومن العنصريين المتطرفين ومروجي الخوف من الإسلام يشكل خطرا على كل منطقة في العالم

هلا أخبار- شارك جلالة الملك عبدالله الثاني، اليوم الخميس، في أعمال منتدى “فالداي” للحوار، الذي تستضيفه مدينة سوتشي الروسية في دورته السادسة عشر، تحت عنوان “فجر الشرق والنظام السياسي العالمي “.

كما شارك في أعمال المنتدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارات توكاييف، والرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي.

وألقى جلالة الملك كلمة خلال الجلسة الرئيسية للمنتدى، الذي حضره سمو الأمير هاشم بن الحسين، كبير أمناء جلالة الملك، وسمو الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته، فيما يلي نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

صديقي العزيز، فخامة الرئيس بوتين،إخواني فخامة رؤساء أذربيجان وكازاخستان والفلبين،أصحاب السعادة، شكرا لكم جميعا على حفاوة الترحيب. يسعدني أن أعود إلى روسيا وأكون بين العديد من الأصدقاء، ومن ضمنهم الرئيس بوتين، صديقي العزيز منذ حوالي عشرين عاما.

فخامة الرئيس، لطالما كنت من أكبر الداعمين لمستقبل منطقة الشرق الأوسط. وأشكركم على ثبات شراكتكم مع الأردن.

إن دور روسيا اليوم بالفعل هو محوري في العديد من المناطق والميادين، كالشؤون الاقتصادية والسياسية والأمنية، وحوار الأديان الذي يحمل أهمية حيوية للمستقبل. هذا ما يميز منتدى فالداي، فهو يحظى بسمعة عالمية، ليس لمعالجته لقضايا دولية مهمة فحسب، بل لأنكم تتيحون من خلاله لشركاء روسيا فرصة المساهمة. إنه لمن دواعي سروري الانضمام إلى الحوار هنا اليوم.

أصدقائي، في عام 2009، وقع الاختيار على الأردن لاستضافة أول مؤتمر لمنتدى فالداي في الشرق الأوسط لمناقشة قضايا المنطقة ومستقبلها.

كان ذلك قبل عشرة أعوام، وكما تعلمون، فإن هذه الفترة شهدت بروز العديد من القضايا الجديدة التي تستدعي الحديث عنها، إلا أن بعض الحقائق بقيت ثابتة منذ ذلك الحين، فما زال الأردن وروسيا متفاهمين حول الحاجة للتعاون الفاعل والعملي لتحقيق السلام على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ويبقى الأردن وروسيا ملتزمين أيضا بالقيم الأساسية التي تربطنا جميعا، والعمل بها هو أهم سلاح لدينا لمواجهة التطرف والانقسام. وكذلك يستمر الأردن وروسيا بالسعي نحو شرق أوسط ينعم بالسلام والاستقرار.

إن التعقيد الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط يفرض تحديات ولكنه يوفر فرصا في الوقت ذاته، لذا فعلينا دور في السعي لتحقيق نظام عالمي إيجابي جديد. هذه هي رؤية الأردن المستقبلية للنمو الشامل والمستدام، على الرغم من الاضطرابات الإقليمية، فنهج الاعتدال والاستقرار في بلدنا، وشبابنا الطموح والمنفتح على العالم مكّننا من بناء شراكات في جميع أنحاء العالم.

ويجمعنا مع شركائنا حرص مشترك على حل الأزمات في الشرق الأوسط، فالتهديد الذي يشكله المتطرفون، والأزمة السورية، وقبل كل شيء، استمرار إنكار حق قيام الدولة الفلسطينية، كلها قضايا عالمية وليست إقليمية فحسب.

في سوريا، تعرض تنظيم داعش الإرهابي لهزائم كبرى، وأدى وقف إطلاق النار إلى تراجع كبير في أعمال العنف هناك. لقد عمل الأردن إلى جانب روسيا والولايات المتحدة وشركاء دوليين آخرين على تحقيق الاستقرار في جنوب سوريا. وكذلك ما زلنا نتحمل أعباء اللجوء الهائلة، مخففين بذلك من تأثيرها على مناطق أخرى في العالم، ولكن ما تزال أزمة اللاجئين وخيمة ومكلفة.

لن تنتهي هذه الأزمة إلا بحل سياسي يحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا، ويضمن عودة طوعية وآمنة للاجئين. فالأردن يدعم مسار جنيف والمبادرات المنبثقة عنه، خاصة اجتماعات أستانا، وفقا لقرارات الأمم المتحدة. وهذا ما كان ليحقق نتائج دون دور روسيا.

أما بالنسبة للتهديد الإرهابي، فعلى الرغم من الانتصارات الإقليمية على الخوارج، علينا ألا ننسى طبيعة هذا التحدي الدولية وذات المدى الطويل، فهذا التهديد من الخوارج ومن العنصريين المتطرفين ومروجي الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) ، يشكل خطرا على كل منطقة في العالم. ويعمل الأردن من خلال مبادرة اجتماعات العقبة وغيرها مع دول من آسيا وأفريقيا وأوروبا لمواجهة هذا التهديد ضمن نهج شمولي. وقبل كل شيء، علينا أن نضمن أن شبابنا يملكون الأمل.

إن الحديث عن الأمل يقودني إلى الأزمة المحورية في منطقتنا والعالم، وهي إنكار حق قيام الدولة الفلسطينية، فالأردن وروسيا متفقان على الحاجة الملحة لحل الدولتين، ولن تتمتع منطقتنا بالأمن والاستقرار حتى ينتهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولن يتحقق ذلك دون حل الدولتين، الذي يحقق السلام الحقيقي وينهي الصراع وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وبما يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

كما أن حماية القدس والأماكن المقدسة والإرث الإسلامي والمسيحي التاريخي فيها هو هاجس مشترك لدينا جميعا. ويعمل الأردن، من خلال الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، للحفاظ على السلم والحد من التوتر، لكن تقع على عاتق جميع الدول المسؤولية في المحافظة على إرث المدينة المقدسة لتكون مدينة تجمعنا ورمزا للسلام.

أصدقائي، لقد أصبح واضحا بعد سبعين عاما أن السلام في الأرض المقدسة لا يمكن أن يتحقق من خلال قرارات أحادية أو بالعنف، ولا يمكن فرضه من خلال سلب الأراضي وبناء الجدران لتفصل بين الجيران، ولا يمكن أن يأتي عن طريق خرق القانون وحقوق الإنسان. إن البديل عن حل الدولتين هو دولة ثنائية القومية بنظام غير ديمقراطي وقوانين غير متساوية. علينا أن نختار طريقا أفضل وأكثر فاعلية، ولكل منا دور حيوي في تحقيق ذلك.

قبل عشر سنوات عندما عقد منتدى فالداي أول اجتماع له حول الشرق الأوسط، كان عنوانه “الشرق الأوسط 2020: هل يمكن تحقيق حل شامل؟” إن إجابتي اليوم هي “نعم”، ورغم كل الصعوبات، فإن السلام الشامل ممكن، بل هو ضروري، ولكنه لن يتحقق إلا بمساعدتكم.

أتمنى النجاح لمنتدى فالداي، وأشكركم على قيادتكم للحوار حول القضايا الحرجة في عصرنا”.

تضمنت الجلسة الرئيسية توجيه عدد من الأسئلة إلى المتحدثين الرئيسيين.

وردا على سؤال حول كيفية التعامل مع المتطرفين والإرهابيين، أشار جلالة الملك إلى أن التحدي الذي نواجهه هو بمثابة حرب عالمية ثالثة بأساليب أخرى، والتصدي له سيستغرق عقدا أو أكثر.
وبين جلالته أنه بالإضافة إلى كون هذا التهديد حربا داخل الإسلام ضد الخوارج، فإنه أيضا تحد عالمي نواجهه جميعا، فهو ليس فقط في سوريا أو العراق، بل أيضا في ليبيا وفي مواجهة بوكو حرام وتنظيم الشباب، ونحن نعمل عن كثب مع أصدقائنا في الفلبين، وكذلك في أوروبا والبلقان، من أجل التصدي للتطرف.
وأكد جلالة الملك أن هذا التحدي يتطلب عمل أتباع جميع الأديان مع بعضهم، إذ أن ما يجمع الأديان السماوية هو وصيتا حب الله وحب الجار.
وأضاف جلالته أنه لطالما تناقش مع الرئيس بوتين حول كيفية عمل مختلف الأمم معا لمحاربة خطر الإرهاب والتطرف.
وقال جلالة الملك “وكما أشرت في خطابي، فنحن أيضا نواجه تحدي الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا)، وهو يهددنا جميعا”، مؤكدا أن على الجميع حول العالم أن يدركوا أهمية العمل معا والبناء على ما يجمعنا للتصدي للتطرف.
ولفت جلالته إلى أن الكثير حول العالم ما زالوا لا يدركون حجم التهديد الناجم عن التطرف والإرهاب، مما يشكل مشكلة لنا جميعا.
كما أعاد جلالة الملك التأكيد على أهمية القدس، مشيرا إلى أنها يجب أن تكون المدينة التي تجمعنا برمزيتها.
وفي رد على سؤال حول دور الشرق الأوسط في مستقبل النظام العالمي، قال جلالة الملك إن هناك عددا من العقبات التي يجب التغلب عليها، ليست فقط على حدود الأردن، بل تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، مؤكدا أن التحدي الرئيس في العقدين القادمين هو التصدي للتطرف والانتقال من مرحلة العمل الأمني إلى التصدي للفكر المتطرف.
وحذر جلالة الملك من أن المجتمع الدولي ما زال غير مدرك لحقيقة العدو في هذا الصدد، مشيرا إلى ضرورة معرفة حجم التحدي، وإلا فإن التطرف والإرهاب سيستمران في تهديد العالم أجمع.
وأكد جلالته ضرورة إقرار الجميع بطبيعة العدو والعمل معا لمواجهته، وإلا فإن التحديات الذي تواجه العالم ستزداد سوءا.
وفي هذا السياق، أشار جلالة الملك إلى أن الأردن وروسيا يدركان طبيعة التحدي ويعملان معا بشكل جيد، مضيفا أن العلاقة بين البلدين مبنية على الصراحة.
وقال جلالته إن لم ندرك حجم هذا التهديد، وندرك أننا جميعا في مواجهته، فإن إعادة الاستقرار لهذا العالم ستستغرق وقتا طويلا.
وتحدث في الجلسة الرئيسية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أشار إلى ضرورة احترام القانون الدولي والتنسيق بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة، مؤكدا التزام روسيا بالتنسيق مع دول المنطقة فيما يتعلق بالأزمة السورية.
ولفت الرئيس الروسي إلى دور روسيا في محاربة الإرهاب وفي الحفاظ على النظام السياسي العالمي.
كما اشتملت الجلسة على كلمات للرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارات توكاييف، والرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي.
يشار إلى أن منتدى “فالداي” للحوار الذي تأسس في عام 2004، يهدف إلى تفعيل الحوار بين النخب الفكرية السياسية والأدبية والأكاديمية والإعلامية في العالم، والوقوف على التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في روسيا والعالم.
ويشارك في أعمال المنتدى هذا العام أكثر من 150 خبيرا وباحثا سياسيا وأكاديميا وإعلاميا، وشخصيات سياسية من مختلف دول العالم.
وحضر أعمال المنتدى وزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار جلالة الملك للاتصال والتنسيق، والسفير الأردني في موسكو.
وكان جلالة الملك حضر مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تكريما لجلالته، ورؤساء الدول المشاركين في أعمال منتدى “فالداي” للحوار.





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق