مناقشات “الموازنة” تكشف عن توتر نيابي وملامح أزمة مع الحكومة

هلا أخبار-  وائل الجرايشة – أظهرت كلمات مجلس النواب في مناقشات مشروعي قانون الموازنة والوحدات المستقلة حالة من “التشنج” لدى أعضاء المجلس، وصلت إلى حد “الشخصنة” وصرف “الكلمات الحادة”.

خرجت بعض المداخلات عن المألوف باستخدام مفردات دخيلة على أجواء البرلمان مثل “حفرتلية”، وانزلق بعض النواب في إطلاق مصطلحات وُصفت بـ”الشاتمة”.

يعتقد نواب أن هذا الأسلوب هو الأمثل في تقريبهم من الشارع، فطالما هم يشتمون الحكومة على هذا النحو، فسيعودون إلى القبة مجدداً.

يعكس هذا الأمر توتر النواب بسبب قرب رحيلهم، وقد لوحظ أن بعض النواب لم يحضر كلمته على ورقة، وارتجل بالحديث لكنه أصبح في نهاية المطاف جزءاً من السخرية المتبادلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع مقتطفة من مداخلته.

لم يفوّت رئيس الوزراء عمر الرزاز فرصة ظهوره في الرد على مناقشات النواب ليرسل برقية عتب لم تخلو من النقد المُبطن لبعض الكلمات التي ألقيت تحت القبة ضمن المداخلات النيابية التي استمرت على مدار 4 أيام.

الرزاز أعلن أنه “سيتجاوز عن أيّ عبارات تُخالف الأعرافَ البرلمانيّة الراسخة والاحترام المتبادل بين السلطات”، وقال “أثق تماماً برفض مجلسكم الموقّر لأيّ تجريح شخصيّ“.

عبارة الرئيس تكشف عن شعور الحكومة بتعرضها لـ “تجريح شخصي” طال عدداً من وزرائه وربما شخصه، بعد أن وّجه نواب للرزاز نقداً شخصياً أغلبه تمحور حول اتفاقية الغاز مع إسرائيل.

حاول بعض أعضاء مجلس النواب المدافعة عن الحكومة بأنها ليست صاحبة القرار فيما يتعلق بالاتفاقية، وأنها لم توقّعها بل “تلقفتها” من سابقاتها، كما تحملت وزر كل ما يرتبط باتفاقيات الطاقة سواءً اتفاقية الغاز مع إسرائيل أو مشروع العطارات.

الأكيد أن الحكومة أعلنت مراراً أنها ستعيد النظر بكافة الاتفاقيات المتعلقة بملف الطاقة وهو ما كرّره الرزاز على مسامع النواب في رده على مناقشات الموازنة، وكانت جلسة يوم غد الأحد مخصصة لملف الطاقة، بيد أن مقترح قانون منع استيراد الغاز من إسرائيل أجّل تلك الجلسة.

في مداخلات النواب، طغى على حديث النواب اللهجة التصعيدية مع الحكومة وفي ذات الوقت برزت كلمات تخاطب القواعد الانتخابية وتوجه حديثها على نطاق ضيق لا الناخب الاردني بشكل عام، ما دفع بالنائب المخضرم عبد الكريم الدغمي لنبذ تقزيم الوطن واختزال الكلمات بلهجة مناطقية بحتة.

أحد النواب مثلاً حصر أعداد المتعطلين عن العمل بدائرته الانتخابية، وآخرون استعانوا بمصطلحات ضيقة لـ “دغدغة” مشاعر القواعد الانتخابية الخاصة بهم، بينما اندفع أحد النواب لمخاطبة النواب والشعب بلغة ناخبيه فقط.

الأبرز في خطابات بعض النواب، الحديث عن حل مجلس النواب برغم أن المجلس أصلاً يشارف عمره على الانتهاء، وهنا ظهرت كلمات وداعية وأخرى كانت تحاول ربط توقعاتها بالحل بمسائل جدلية مثل اتفاقية الغاز، برغم أن المجلس نفسه رفض قبل عامين مناقشة اتفاقية الغاز ورآه موضوعاً غير صالح للنقاش.

سعى بعض النواب لتضخيم مسألة بقاء المجلس من عدمه حينما جعلها “متلازمة” لاتفاقية الغاز بهدف حماية البرلمان من الحل، برغم أن الدورة العادية ستنتهي بعد نحو 110 أيام فقط، أي أنه قارب على قفل فصل التشريعي الكامل بمرور 4 دورات نيابية.

ابتعد كثير من أعضاء المجلس في خطاباتهم عن مناقشة تفاصيل الموازنة العامة لذلك لم يُشفِ رد رئيس الوزراء “غليل” النواب في ختام المناقشات، فطالبوا بعض التوضيحات الحكومية بعد أن أنهى الرزاز كلمته، فتدخل عدد من الوزراء للتوضيح بينما رفض آخرون الحديث برغم سؤال رئيس المجلس النواب عاطف الطراونة إن كانت لديهم رغبة بالتعليق.

ولوحظ أن عدداً من النواب قد انبرى في الدفاع عن مصالح القواعد الانتخابية وهنالك من شكا أنه حينما يراجع نوابٌ وزراء فهذا من أجل “نقل هموم المواطنين”، برغم أن الدور المناط بالنائب حدده الدستور بالرقابة والتشريع.

كما أن بعض الكلمات طالها تشوه وكان ذهن النائب “مشتتاً” فأحياناً كان يعلو سقف النقد الحاد تجاه الحكومة، بينما يعود في ثنايا الخطاب ليمتدح الحكومة، في الوقت الذي ضاق النواب ذرعاً بغياب عدد من أعضاء الحكومة واتهموا الوزراء بأنهم لا يسجلون الملاحظات النيابية، ما دفع بـ 3 وزراء هم موسى المعايطة ورائد أبو السعود ومحمد العسعس بالتلويح بملفات بأيديهم كانوا يدونون فيها مداخلات النواب.

الرزاز وقبل أن يستعرض رده على مداخلات النواب أشار إلى أنه سيعلق على جوهر الموضوع المطروح المتعلق بمشروعي قانون الموازنة العامة وقانون الوحدات الحكومية، وأعلن بأنه “سيركز” في حديثه على ما يتعلّق بمشروع الموازنة وسياسات الحكومة.

نحو 16 أسبوعاً تبقى من عمر الدورة العادية والأخيرة، سيُطرح خلالها عدد من مشاريع القوانين المهمة التي تحتاج الدولة لإنجازها تتمثل في قانون الإدارة المحلية الذي سيجمع قانوني البلديات واللامركزية ومشروع قانون معدل لأمانة عمان، ويوجد أيضاً مشروع قانون معدل لقانون الأمن العام ومشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وربما مشروع قانون حماية البينات الشخصية.

واستعرضت “هلا أخبار” في تقرير سابق أبرز محطات المرحلة المقبلة في تقرير نشرته قبل “الموازنة”، حيث أشار إلى أنه وبعد إقراره “لكل حادث حديث”، معرجاَ على أن قانون الانتخاب ليس ذا أولوية ولن يُطرح لتعديله في مجلس النواب الحالي، كما ألمح تقرير آخر إلى أن مسألة تمديد مجلس النواب ليست مطروحة.

كل ذلك يبرر النبرة الخشنة التي تحدث بها النواب خلال مناقشات الموازنة والتي كانت متوقعة وستفتح باباً لارتفاع حرارة النقد وربما لعلاقة مشدودة بين الحكومة والنواب في الأسابيع المقبلة.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق