“الضم” .. الخيارات الثلاثة.. وحالات عدم اليقين (تحليل)

هلا أخبار- لطالما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيطرح اقتراحه بضم الضفة الغربية للنظر في تطبيقه في الأول من تموز (يوليو) على أقرب تقدير. ومع ذلك، ما تزال الشكوك التي تحيط بخططه كثيرة، مما يشير إلى أنه قد يتعذر الالتزام بهذا الجدول الزمني على الرغم من تأكيداته على عكس ذلك.
إن الكثير من هذه الشكوك هي سياسية تتعلق بديناميكيات إسرائيل المحلية المحيطة بأراضٍ محددة، وبنوايا إدارة ترامب، وبالمعارضة الدولية الواسعة النطاق لهذه الخطوة، وعدم استجابة نتنياهو لعدد كبير من الحجج المعارضة للفكرة. وفي بادئ الأمر، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي متحمسا للمضي قدما في عملية الضم قبل أن تنشط المراحل الأخيرة من الحملة الرئاسية الأميركية في الخريف المقبل، ولكن هناك تكهنات بأنه نظرا إلى حداثة عهد ائتلافه الحكومي، فإنه يحتاج إلى وقت لتحديد التفاصيل – على سبيل المثال، أفادت بعض التقارير أن وزارة العدل الإسرائيلية لم تتوصل بعد إلى الأسس القانونية اللازمة لأي خطوة من هذا القبيل.
ومن أبرز عوامل عدم اليقين السياسي هذه هو عدم وجود خريطة متفق عليها. فإذا كان نتنياهو عازما إلى هذه الدرجة على المضي قدما قريبا في هذه العملية، فالأسئلة التي تطرح نفسها هنا، ما هي الأراضي التي ستضمها إسرائيل تحديدا؟ وما هي مساحة المنطقة التي ستشملها العملية، وما هو عدد الإسرائيليين والفلسطينيين الذين ستشملهم عمليات التبادل المختلفة المرتبطة بالضم؟
يبدو أن هناك ثلاثة سيناريوهات على الأرجح، تستند جميعها على الخريطة المفاهيمية التي تضمنتها خطة ترامب للسلام التي أُعلنت في وقت سابق من هذا العام.

الخيار الأول: ضم كامل
في إطار هذا السيناريو، قد تضم إسرائيل كافة المستوطنات البالغ عددها 130 مستوطنة في الضفة الغربية على النحو المتوخى في خطة ترامب. ولا بد من الإشارة إلى أن 15 مستوطنة منها (تُدعى “جيوب” في الخطة) قد تقع في الدولة الفلسطينية المستقبلية لكنها ستخضع لسيطرة إسرائيل الكاملة.

ما هو عدد المستوطنين؟
تضم المستوطنات الـ130 المذكورة 466,208 مستوطنا، وتشمل:
52 مستوطنة داخل الجدار الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتضم 358,405 مستوطنا.
78 مستوطنة خارج الجدار تضم 107,803 مستوطنا (يشمل هذا الرقم 15 مستوطنة جيبية، التي تشكل 7 كيلومترات مربعة، أو 0.1 % من مساحة الضفة الغربية، وتضم 15,061 مستوطنا، أو 3 % من إجمالي عدد المستوطنين؛ كما تشمل 30 مستوطنة في غور الأردن، مع 15,462 مستوطنا).

ما هو عدد الفلسطينيين؟
قد تحتوي الأرض التي قد يشملها الضم على 78 مجتمعا فلسطينيا يضم 109,594 مقيما (4.5 % من إجمالي عدد سكان الضفة الغربية)، وتتضمن:
24 مجتمعا داخل الجدار بعدد سكان يبلغ 18,918 فلسطينيا (0.8 % من مجموع الفلسطينيين في الضفة الغربية).
54 مجتمعا خارج الجدار بعدد سكان يبلغ 90,676 فلسطينيا (3.7 في المائة)؛ ويشمل هذا العدد 14 مجتمعا في غور الأردن يضم 9,090 فلسطينيا.
وصرح نتنياهو مؤخرا أنه إذا أصبح الفلسطينيون المقيمون في غور الأردن تحت السيادة الإسرائيلية، فقد يحتفظون بحقهم في التصويت في الانتخابات التي تجريها “السلطة الفلسطينية” من دون أن يتمتعوا بأي حقوق في إسرائيل. ولم يشر إلى ما إذا كانت هذه الحالة نفسها ستنطبق على الفلسطينيين في المناطق الأخرى التي سيشملها الضم.
المساحة
قد تبلغ كامل مساحة الأرض التي تشملها عملية الضم 1,613 كيلومترا مربعا أو 29 في المائة من الضفة الغربية. وقد يشكل الجزء الخاص بغور الأردن 834 كيلومترا مربعا أو 15 % من الضفة الغربية.
الأثر
إذا ضمت إسرائيل بشكل رسمي ودائم 29 في المائة من الضفة الغربية و78 مجتمعا فلسطينيا وأكثر من 109,000 فلسطيني، فمن شأن ذلك أن يعقد إلى حد كبير أي مسعى مستقبلي لفصل الشعبين، وتحقيق انفصال حقيقي، والانتقال في نهاية المطاف إلى حل الدولتين. وبالتالي، يثير هذا السيناريو تساؤلات حول هوية إسرائيل وما إذا كانت ستعرض نفسها للهلاك لتصبح دولة واحدة لشعبين.

الخيار الثاني: جميع الكتل الاستيطانية داخل الحاجز (الجدار)
من شأن هذا السيناريو أن يضم الكتل الاستيطانية الإسرائيلية الكبيرة والمكتظة بالسكان الواقعة داخل الجدار الأمني فقط.
ما هو عدد المستوطنين؟
تضم الكتل الاستيطانية البالغ عددها 52 كتلة، غالبية المستوطنين الإسرائيليين: 358,405 مستوطنا أو 77 في المائة من العدد الإجمالي.
ما هو عدد الفلسطينيين؟
من شأن الضم أن يجمع18,918 فلسطينيا في 24 مجتمعا (0.8 % من الفلسطينيين في الضفة الغربية).
المساحة
تمتد الكتل الاستيطانية على مساحة 345 كيلومترا مربعا أو حوالي 7 في المائة من الضفة الغربية.
الأثر
تُعتبر هذه المستوطنات أكثر اتساقا مع ما قد تحصل عليه إسرائيل في الإطار المحتمل لحل الدولتين. لكن ضم هذه المستوطنات حاليا قد يثير مع ذلك معارضة دولية كبيرة نظرا إلى طبيعة الخطوة الأحادية الجانب وواقع أنها قد تمهد الطريق أمام عمليات ضم إضافية. ويتساءل البعض عما إذا كانت المباشرة بضم معظم الكتل الاستيطانية ستحد من الحافز الذي يدفع بإسرائيل إلى تقديم تنازلات عن أراضٍ إلى الفلسطينيين في المستقبل.

الخيار الثالث: ضم محدود
قد يشمل هذا السيناريو مستوطنة أو كتلة استيطانية واحدة كبيرة، ربما “غوش عتصيون” (الواقعة جنوب القدس) و/أو “معاليه أدوميم” (شرقي القدس). ويمكن أن يشمل السيناريو أيضا عددا قليلا من المستوطنات الأخرى على مقربة من الخط الأخضر لعام 1967.
ما هو عدد المستوطنين؟
تضم “معاليه أدوميم” 41,223 نسمة (9 % من إجمالي عدد المستوطنين). ويبلغ عدد سكان “غوش عتصيون” (المحددة في “خطة دروبلز” لعام 1979) 96,378 نسمة (21 % من إجمالي عدد المستوطنين) وتضم 12 مستوطنة (1.0 داخل الجدار و 2 خارجه).
ما هو عدد الفلسطينيين؟
قد يعتمد العدد المحدد على المناطق الاستيطانية الإسرائيلية التي يتم ضمها، ولكن في كافة الأحوال سيكون العدد أقل بكثير مما هو عليه في الخيارين الأول والثاني.
المساحة
تبلغ مساحة “معاليه أدوميم” 4 كيلومترات مربعة (0.07 % من الضفة الغربية) و”غوش عتصيون” 56.9 كيلومترا مربعا (1 %).
الأثر
من شأن عملية الضم الأضيق هذه أن تركز على مستوطنات، كان حتى بعض المفاوضين الفلسطينيين قد أقر أنها ستصبح يوما ما جزءا من إسرائيل – على سبيل المثال، تُظهر مستندات مسربة أن “غوش عتصيون” كان ضمن الخرائط الفلسطينية التي وضعتها إسرائيل خلال المحادثات في العام 2008. ولكن تم طرح هذه التنازلات المحتملة لقاء سلام إسرائيلي-فلسطيني يتم التفاوض بشأن تفاصيله كاملة، وليس في إطار عملية ضم أحادية الجانب وغير مسبوقة وتلقى معارضة دولية.
ويرتبط هذا الخيار على نطاق واسع بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس (الذي من المقرر أن يخدم النصف الثاني من رئاسة الوزراء الدورية لحكومة الاتئلاف الجديدة الذي سيبدأ أواخر العام المقبل) ووزير الخارجية غابي أشكنازي. وقد حظيت وجهة نظرهما هذه بدعم من المسار المفضل لإدارة ترامب المتمثل بالتوصل إلى توافق معهما بشأن الضم. وفي إطار حالة “الدفع والجذب” الحاصلة في السياسة الإسرائيلية، فهل سيسفر تركيز غانتس/أشكنازي على مقاربة ضيقة ورؤية نتنياهو المتطرفة عن عمليات ضم في مكان ما في الوسط؟

حالات عدم اليقين الأخرى
يبدو أن آراء إدارة ترامب بشأن الضم تنقسم إلى ثلاث مدارس فكرية:
1 وجهة نظر السفير الأميركي ديفيد فريدمان الأكثر إيديولوجية والتي تؤيد عملية ضم أوسع نطاقا.
2 تركيز وزير الخارجية مايك بومبيو على الجوانب الإقليمية السلبية المحتملة.
3 رغبة كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر في الحفاظ على خطة ترامب وذلك جزئيا من أجل دعم إعادة انتخاب ترامب.
وحتى الآن، تبلورت هذه المجموعة من الآراء حول فكرة ضمان أن يكون نتنياهو وغانتس وأشكنازي جميعهم متفقين على هذا الأمر.
يُذكر أن غانتس وأشكنازي هما رئيسا أركان سابقين في الجيش الإسرائيلي، ويمكن لهذه الخلفية أن توفر غطاء سياسيا محليا لأي قرار أميركي. فضلا عن ذلك، ومن خلال تمكين معسكر غانتس-أشكنازي – الذي يملك مقاعد برلمانية في الائتلاف أقل بكثير من مقاعد معسكر نتنياهو – جعلت واشنطن من الصعب على رئيس الوزراء تلبية التوقعات التي أثارها في أوساط قاعدة اليمين التي ينتمي إليها بضم كامل يشمل 29 في المائة من أراضي الضفة الغربية.(بتصرف عن الغد)

* ديفيد ماكوفسكي معهد واشنطن






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق