«البرلمانيات» في مجلس النواب الجديد

كتب: د. ليث كمال نصراوين

من الملاحظات المهمة التي يجب التوقف عندها فيما يتعلق بإجراء الانتخابات النيابية الأخيرة مشاركة المرأة الأردنية في العملية الانتخابية اقتراعا وترشحا، التي شهدت تراجعا ملحوظا عن السنوات السابقة. فقد جاءت الأرقام الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب لتؤكد أن مشاركة المرأة الأردنية في عملية التصويت كناخبة كانت أقل من الناخب الرجل. كما أنه لم تتمكن أي مرشحة سيدة من الفوز بمقعد تنافسي في انتخابات مجلس النواب الجديد، فاقتصر تمثيلها على مقاعد الكوتا النسائية التي قررها لها قانون الانتخاب الحالي.

ففي الوقت الذي نجحت المرأة الأردنية في الفوز بخمسة مقاعد في مجلس النواب الثامن عشر خارج إطار الكوتا في عام 2016، تراجع هذا التمثيل النيابي في عام 2020 لأسباب عزاها البعض إلى الظروف الاستثنائية التي رافقت إجراء الانتخابات النيابية نهاية العام الماضي، وبأن عدم وجود دعاية انتخابية قد حرم السيدات المرشحات من التواصل مع جمهور الناخبين، بشكل أثر سلبا على عدد الأصوات التي حصلن عليها في النتائج النهائية، وبأن الصبغة العشائرية لتشكيل القوائم الانتخابية قد أثر سلبا على فرص المرشحات السيدات في الفوز بمقاعد تنافسية في مجلس النواب.

إن الدروس المستفادة من تراجع التمثيل النسائي في مجلس النواب تتمثل بضرورة الإبقاء على «الكوتا» النسائية ضمن قانون الانتخاب أو أي تعديل مستقبلي له. فعلى الرغم من أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) تعتبر الأساس الذي يمكن الاحتجاج به لتبرير التمييز الإيجابي في نظام الكوتا الذي يقرره قانون الانتخاب، إلا أن هذه الاتفاقية الدولية تشترط صراحة أن تكون هذه التدابير التشريعية مؤقتة تستهدف التعجيل في المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة، بحيث يجب وقف العمل بها متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة.

إلا أن تراجع عدد السيدات في مجلس النواب الجديد يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أننا لا نسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق المساواة الفعلية فيما يتعلق بالتمثيل الديمقراطي للمرأة في المجلس النيابي، وبأننا في أمس الحاجة إلى الإبقاء على نظام الكوتا لسنوات قادمة.

ولم يقتصر الأمر على نتائج الانتخابات النيابية، بل إن تمثيل البرلمانيات في اللجان النيابية للمجلس الجديد قد جاء دون المأمول والمتوقع، إذ تركز جُل تمثيلهم في لجنة المرأة وشؤون الأسرة. كما لم تنجح أي سيدة في الانتخابات الداخلية التي أجراها مجلس النواب لاختيار رؤساء ومقرري اللجان النيابية، باستثناء لجنة المرأة وشؤون الأسرة التي فازت سيدة برئاستها وذلك بحكم العدد الكبير من البرلمانيات في عضويتها..

إن المرأة الأردنية قد عجزت عن الحصول على ثقة الناخب والنائب خلال الانتخابات التي جرت أخيراً، ذلك على الرغم من الجهود الوطنية التي تُبذل، التي تشارك فيها مؤسسات المجتمع المدني للعمل على تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية في الأردن.

وتبقى بارقة الأمل في وصول سيدة إلى عضوية المكتب الدائم لمجلس النواب، وهي العضو الجديد المنتخب لأول مرة إلى المجلس النيابي.

أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية

[email protected]





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق