نعم، للمفاعل النووي الأردني

لن اشتبك في المسألة العلمية في الحديث عن المفاعل النووي الاردني فهذا امر تقني لا تعرفه العامة وان كان لدي إلمام بالموضوع كغيري وليس معرفة بالمفهوم العلمي، كما ولن اقف للحديث عن سلم الرواتب وجدول التعيينات فهذا تقرره الهيكلة الادارية وشواغر الوصف الوظيفي، فالرواتب التي يتلقاها موظفو مشروع المفاعل الاردني هي اقل من رواتب الكثير من الاعلاميين او حتى لاعبي الوحدات والفيصلي وليس مدربيهم.

لكنني ساقوم بالدفاع عن فكرة المشروع والجدوى من انشائه، لاسباب سياسية وليس لاغراض اقتصادية تقوم باحتساب مشروع استراتيجي للدولة بعملية حسابية تجارية بسيطة، تقوم على نظام العوائد وجني الفوائد، فان مشروع المفاعل النووي الاردني لم يؤسس بظني لاغراض استخراج الطاقة الصناعية او حتى لاغراض بحثية صحية او طبية او حتى تعليمية لكنه مشروع الغاية منة الوصول بالدولة الاردنية الى الاستقلالية بالدور والمكانة وهذا بيت القصيد وعنوانه.

فالدولة الاردنية التي نحتفل بمئويتها التي تكون قادرة على تحقيق منهجية الاقتصاد الانتاجي والتخلص من اعباء الدور الوظيفي واثقال اوزانه الا اذا ذهبت بالاتجاه الذي يحمي من منجزاتها ذاتيا اولا، من تهديدات الجغرافيا السياسية التي تقبع فيها نتيجة احاطتها بدول ليست مستقرة ولا آمنة بالمفهوم الضمني ووجودها يشكل تحديا امام فرصة نهضة مستقبلية او استخراج لموارد طبيعية هذا لان الاردن سيكون مطمعا عندها بل ومرتعا للاستغلال من اطراف عديدة، وهذا ما يجيب عن اسئلة عديدة يرددها البعض في هذا المكان او ذاك.

فمن حق الدولة الاردنية ان تمتلك ما يحميها ذاتيا وما يحمي مجتمعها ومنجزاتها من التهديدات الموضوعية كونها محاطة بمجتمعات هي ليست مستقرة ولن تكون امنة في المنظور القريب ولا حتى المتوسط، كما من حق المجتمع الاردني ان يحصن ذاته بكل الوسائل الممكنة المشروعة بما في ذلك حقه بامتلاك المشروع الكامل النووي، أسوة باسرائيل الجارة على اقل تقدير، فالاردن مجتمع صغير ويقع في بيئة لا تساعده على التنمية لان جل اهتماماته منصب حول حماية استقراره.

واذا كان الاردن قد نجح الى حد كبير في تشييد عقل مشروع المفاعل النووي الاردني والذي يعرف بالمفاعل البحثي وهو ليس بحثيا صرفا، كونه يشكل عقل المفاعل واساسه فان الاردن بات قادرا على انشاء اذرع للمنتجات النووية ان كان من ناحية اغراض توليد الطاقة كما في الامارات العربية او للاغراض التعليمية التي تقوم عليها بدايات هذا المشروع في الوقت الراهن اضافة الى جوانب انتاجية اخرى تؤسس الى جوانب انتاجية متممة، في ظل عدم وجود الاموال اللازمة لتوليد الطاقة الكهربائية وعرقلة مسارات جذب الاستثمارات اللازمة لتنفيذ هذا المشروع ضمن مقتضيات الشراكة نتيجة تدخلات اقليمية تقوم على عرقلة هذه المساعي.

صحيح ان هنالك دولا قامت بعرقلة تشييد مشروع الطاقة النووية لاغراض التوليد كما يصف ذلك بعض المتابعين وصحيح ايضا ان دولا كانت قد تذمرت واحتجت حتى على بعض المواقع التي تم اختيارها بواسطة هيئة الطاقة النووية العالمية لكن ما هو صحيح ايضا ان الارادة الملكية كانت موجودة دائما لحماية هذا المشروع الريادي والاستراتيجي للدولة الذي كانت ومازالت له مرامي كثيرة ومتنوعة وعديدة اقلها يكمن في الوصول الى منزلة الاقتصاد الانتاجي الذي نريد، فان المشروع الذي مازال مشروعا للطاقة النووية هو مشروع استراتيجي للدولة وليس مشروعا نفعيا او منفعيا فحسب ويجب ان يتم تصنيفة بناء على هذا الاساس والنقاش حول هذا المحتوى وليس من على مستوى الاطار الضيق، والله من وراء القصد.

الدستور





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق