ضعف الخبرة ينتج صورة ملتبسة عن مجلس النواب

هلا اخبار – وائل الجرايشة – تركت كلمات النواب الذين تحدثوا خلال الجلسات الخمس حول البيان الوزاري لحكومة هاني الملقي انطباعات أولية لدى المواطنين والمراقبين.

قرابة 40 نائباً من الأعضاء الجدد في مجلس النواب، تحدثوا خلال 3 أيام، من أصل 58 نائباً القوا كلماتهم، بين ناقد، ومادح، وطارح هموم وأوجاع المواطنين، ومقدم للحلول – وإن قلّت.

النائب خالد رمضان يرى أن المشهد العام يؤرق، حيث إن البعض يشعر وكأنه في “بحبوحة” من أمره، مستنكراً حالة الاسترخاء الي يمكن تلمسها.

رمضان يرى في حديث جانبي مع صحفيين، أن الحالة العامة تثير القلق أكثر مما سبق، وكأن الحكومة في خطابها وما يجري بعمومه كما لو أننا في بقعة أخرى غير ما يحيط الاردن من أزمات تحدق بالخطر بإتجاهات مختلفة.

وكما ذكر نواب خبرة سابقون في حديث أمام “هلا أخبار”، يعيد رمضان المخاوف من ثقة مرتفعة قد تحصل عليها الحكومة فتهوي بصورة السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما حصل في عهد سابق، مستغرباً شكل الإطار المستقبلي، إن اتجهت الأمور نحو الإستفاضة والإغداق في هذا الجانب.

يعتقد نواب اصحاب خبرة، أن ثقة معقولة ستضفي نوعاً من الإرتياح بين اطراف العملية السياسية، بينما يبرر نائب جديد أنه يتجه لمنح الثقة بعد أن بات مقتنعاً بالأسلوب المرن الذي ينتهجه رئيس الوزراء في التعامل معهم، لدرجة أنه يجيب على “اتصالاتهم” دون ابطاء أو تردد أو عوائق.

بهذه البساطة يُحدّد نائب موقفه الذي يصف قدرة الرئيس الفعلية خلال الفترة الماضية على التحرك بحيوية بالغة، وتواصله مع عدد واسع من النواب، وهو أمر ترك انطباعاً ايجابياً وشكّل حلقات متقاربة مع أعضاء البرلمان غير مستعين الرجل بأعضاء حكومته ولا بأصدقاء من الخارج، وهي ذات الآلية التي اعتمدها رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي إن كان للذاكرة أن تستحضر المشهد قبل سنوات خلت.

هذه الميزة للملقي الذي يُعتقد أنه تمرّن كثيراً على تطوير آليات التواصل مستفيداً من خبرته في التشبيك خلال تواجده في رئاسة سلطة مفوضية العقبة، قد تبدو في ظاهرها ايجابية تُسجل له، لكنها على أرض الواقع قد تولّد “تبعات” تثقل كاهله وكاهل الحكومة من بعده، حينما لا يتمكن لاحقاً من “تفسير أحلامهم“.

ستتكاثر المطالب النيابية خلال الفترة المقبلة، ولم يخفِ أحد النواب جزءاً مهماً من هذه المطالبات المتوقعة، وهو يقول في كلمة له مساء الثلاثاء خلال مناقشات الثقة، أن وظيفة الحكومة توظيف العاطلين عن العمل، كون هواتفهم لا تتوقف على مدار اليوم بهذا الشأن.

الرسائل المتبادلة تحت القبة وخفة بعض النواب في انتقاء العبارات الملائمة تحت القبة بل وتسطيح القضايا أحياناً في سبيل استجرار “الشعبويات” يمكن تصنيفها ضمن نطاق “ضعف الخبرة” برلمانياً التي يعاني منها عدد لا يستهان به من النواب، خاصة اذا ما عُلم أن نحو 75 نائباً لم يسبق لهم أن كانوا نواباً.

وبرغم ذلك فإن هنالك نواباً جدداً كان لهم حضور بارز في كلماتهم، ومن بينهم أول حاجب للثقة النائب قيس زيادين الذي قدم خطاباً متماسكاً وأفكاراً واضحة، كما أن النائب نضال الطعاني -الذي صُورت ورقة كان محورها يقول فيها وزير لرئيسه أنه سيمنح الثقة – لم يتورع في المطالبة بحرية التحرك والتنقل للصحفيين.

أما النائب ابراهيم بني هاني سلّط الضوء على جوانب مهمة تتعلق في سياق مجاله الطبي وقدّم مشاكل وحلول للقطاع الطبي، فيما النائب مصلح الطراونة كان أكثر وضوحاً وهو يحذر في سياق تحديد نوع العلاقة بين الحكومة والنواب، مُعلناً أنه لا توجد شراكة بينهما وفق المفاهيم التي تعلمها ودرّسها كاستاذ جامعي في مجال القانون.

يتوق المُتابع لمشاهدة تشخيص حقيقي للواقع السياسي في الأردن، فحتى النواب المحسوبون على حزب جبهة العمل الاسلامي لم يحدثوا مفاجآت خلال الكلمات التي القيت حتى مساء الثلاثاء، فباستثناء الكلمة الشاملة والدقيقة للنائب حياة المسيمي التي وضعت يدها على مكامن الخلل وطرحت العلاج، ظلّ بقية النواب ضمن حدود القضايا العامة و”العاطفية“.

بعموم الكلمات حذر النواب من المساس بجيوب المواطنين وطرحوا المواضيع التي يمكنها أن تلحق ضرراً بمداخيل المواطنين جراء السياسة الحكومية التي اعتبروها نهج الحكومات المتعاقبة، لكن غالبيتها افتقرت إلى ايجاد البديل والحلول.

يدرك رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة ونائبه الأول خميس عطية خطورة الاندفاع من قبل بعض النواب المتحمسين، حيث حاولا أكثر من مرة فرض نطاق الهيبة على ما يجري تحت القبة من خلال الإلتزام بأدبيات العمل البرلماني، بل طالبا الوزراء وحتى رئيس الحكومة بالاستماع الى النواب اثناء القاء كلماتهم والتوقف عن الأحاديث الجانبية.

وبرغم أنه لا يزال من المُبكر الحكم على مجلس النواب الجديد إلا أن مراقبين يرون ضرورة تعاطي المجلس بقدر اكبر من الحرص على رسم صورته وتشكيل الانطباعات حوله، مع اهمية ادراكهم أن تصرفاتهم محسوبة وأنهم تحت عين الرقابة بأشكالها كافة.

وتبقى التساؤلات والتوقعات مفتوحة حول إن كان مجلس النواب سيعدل الصورة الذهنية لدى المواطنين عن المجالس السابقة ليقدم نموذجًا بأدائه المهني والديمقراطي، وهو ما خلصت إليه دراسة تحليلية واحصائية صدرت الثلاثاء عن مركز متخصص.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق