ورشة “اللامركزية” .. بين “مالك القانون” واستقلالية المجالس

هلا أحبار – تُلخّص عبارتان صدرتا عن مسؤولين رسميين حول اللامركزية، الحالة التي تعيشها أوساط رسمية في التعاطي مع هذا المفهوم الجديد الذي يُطبق لأول مرة في المملكة.

في ورشة اقامتها وزارة الداخلية بالتعاون مع USAID أواخر الأسبوع الماضي، صعد مدير مديرية التنمية المحلية في الوزارة الدكتور خالد العرموطي ليؤكد أن مباني مجالس اللامركزية ستكون مستقلة عن مقار المحافظات التابعة للداخلية.

العرموطي وحسب رؤيته وتفسيره للأشياء يرى أن الهدف من هذا القرار ترك انطباع لدى المواطنين بـ”استقلالية” المجالس عن المحافظات كـ – وحدات ادارية – تتبع لوزارة الداخلية.

فكرة “عزل” المباني عن ولاية المحافظات سرعان ما “خلخلها” أمين عام وزارة التنمية السياسية بكر العبادي وهو يؤكد أن وزارة الداخلية هي “المالك لقانون اللامركزية”، مُستخدماً مصطلح الـ “Owner” باللغة الإنجليزية.

هذا التناقض يعكس مدى تنسيق الجهات أو المؤسسات للمشهد العام حول مفهوم “اللامركزية” وتطبيقه على أرض الواقع، والذي يتشارك في الترويج له اليوم 3 جهات متمثلة بوزارتي الداخلية والشؤون السياسية والهيئة المستقلة للإنتخاب.

الهيئة المستقلة للإنتخاب بدأت بإعداد خطتها هي الأخرى بإنتظار اكمال الترتيبات اللوجستية للإعلان عن موعد الإنتخابات، بينما أكدت وزارة الشؤون السياسية أنها انشأت “وحدة لدعم اللامركزية” وفق ما اعلن العبادي تهدف إلى رفع مستوى المشاركة.

يؤكد الأمين العام للوزارة أن الخطة تسعى إلى أن يكون المواطن قادراً على فهم اللامركزية من أجل تشجيعه للوصول إلى صناديق الاقتراع.

كل هذا الجهد بين المؤسسات الرسمية يحتاج الى توحيده بجهة مشرفة بشكل مباشر على الفكرة ككل، تضمن تطبيق فكرة الاستقلالية للمجالس.

وفي صلب القانون وافرازاته، يؤمن العرموطي بأن المركز تخلى عن صلاحياته الخدمية لصالح المحافظات التي هي أدرى باحتياجاتها، مذكّراً بأن المجالس ستكون نقاشاتها مفتوحة أمام المواطنين.

النظريات التي طُرحت خلال ورشة مع عدد من ممثلي وسائل الإعلام تحت عنوان عريض “الاعلام شريك في التوعية حول اللامركزية”، دفعت بتشكيك في تلك النوايا من باب “تأخر” هذه الشراكة مع الإعلام بعد إقرار القانون وفي ظل غياب أي حوار أو نقاش حول الأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه.

لم يخفِ صحفيون انزعاجهم من غياب مسؤولي الصف الأول في الوزارات والهيئة المستقلة بل طال النقد عدم دعوة وزير الدولة لشؤون الإعلام للفعالية، طالما أجنحة الحكومة حاضرة لورشة العمل.

وبينما طالب صحفيون توحيد شعار لانتخابات اللامركزية، سارع منظمو الفعالية إلى رمي الكرة في ملعب الاعلام لتقديم مقترح تسمية لذلك الشعار، فيما تساءل الصحفيون عن مدى جدية الجهات المسؤولة في تبني ذلك الشعار.

وفي ذات السياق تساءل صحفيون عن كيفية مواءمة التطبيق الفعلي للمجالس الخدمية في ظل وجود مجلس نواب وُلد بحضور ضعيف للأحزاب ومشاركة واسعة على نظام الفرد والفوز بمقعد النيابة على خلفية خدمية.

يعزز هذا الانطباع تأكيدات نواب خلال مناقشات الثقة على حكومة هاني الملقي التي جرت قبل أيام بالقول إن طلب الخدمات للمواطنين تشكل حقاً للنائب لا ترتبط بالثقة، وهو ما المح إليه أحد النواب الذي دأب على تحصيل الخدمات للمواطنين برغم حجبه للثقة عن الحكومات طوال عهده الطويل في المجالس المتعاقبة – كما المح في كلمته تحت القبة-.

في جلسات ورشة العمل تساءل صحفيون عن جدوى الحديث عن دور الاعلام و”شركاته” كما يحلو للبعض تسميته، برغم أن الأولوية يجب أن تكون لإقناع الصحافة بأهمية اللامركزية لكي يؤمن بالدور الذي يقوم به حينما يتبنى وجه نظر المنادين بضرورة دفع الناس نحو المشاركة الفاعلة في الانتخابات.

ومع الإشارة إلى النوايا الحسنة للمنظمين الذين سعوا بكل ما اؤتوا من قوة لإيصال رسالتهم حول اللامركزية وتقديم شرح مفصل حولها إلا أن “تشابك” العملية وصعوبة استيعاب المفاهيم الجديدة، كان من الأولى عملياً تبسيط الورشة لصالح مفاصل معينة لا دفعها ضمن قالب واحد.

الفكرة الواضحة تماماً عند العرموطي الذي كان يجيب على كل التساؤلات والاستفسارات لا بد أن تأخذ مدى واسع بين العاكفين على برنامج “اللامركزية” حتى يسهل نقلها والترويج لها.

مسؤولون خلال الجلسة أكدوا أن السلبيات لن تظهر قبل تطبيق الفكرة على أرض الواقع، مستمهلين الناقدين للفكرة حتى تكتمل و”تختمر” بالتجربة العملية ليتم تطويرها والبناء عليها، خاصة من ناحية الشخصية المعنوية للمجالس.

ومع الأخذ بعين الإعتبار أن هذه هي الورشة الأولى حول “اللامركزية” مع الإعلام، فإنه يتحتم على المنظمين أن يكون برنامجهم أكثر وضوحاً والاهداف أكثر تحديداً.

 





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق