الحكومة والنواب .. اسبوع سياسي صاخب

الحكومة لم تبت رسمياً باعتبار التوصيات النيابية بديلة عن توجهاتها

هلا اخبار – وائل الجرايشة – عاشت الحكومة ومجلس النواب الاسبوع الماضي اسبوعاً صاخباً بدأ بتعديل وزاري ثانٍ على حكومة هاني الملقي الثانية، وانتهى باقرار موازنة الدولة للعام الحالي 2017م.

يُسجل عملياً لمجلس النواب التعديل الوزاري الذي استهدف بالدرجة الأولى وزير الداخلية سلامة حمّاد الذي ازيح عن موقعه بطريقة تحافظ على صورة الرجل ووزارته السيادية، تمكن معها رئيس الوزراء هاني الملقي من اجراء تعديل على بعض الوزارات.

وبرغم أن هذه الخطوة لم يُسلّط الضوء عليها مُطولاً ولم تلقَ المتابعة من قبل المجلس ربما بسبب الانتقال السريع لمناقشات الموازنة، إلا أن المذكرة النيابية الموقعة من (47) نائباً والمهل الدستورية الضاغطة كان لها الدور الأبرز فيما جرى.

 هذه الأجواء حتّمت على مطبخ القرار اتخاذ اجراءات واقعية لـ “نزع” فتيل أزمة مُبكّرة كادت أن تعصف في العلاقة بين الحكومة والنواب، وقد اختصرت عملية التعديل المسافة بين الطرفين ورطبت الأجواء قبيل الدخول في مناقشات الموزانة الماراثونية.

ويمكن تفسير تجنب اطراف نيابية التعليق على التعديل هو الابتعاد عن لغة “القوة” و”المكاسرة” لخلق مناخات ايجابية تخفف من المساحات “المرتبكة” داخل المشهد بين السلطتين.

وربما شعر النواب ورئيسهم أنهم كسبوا جولة ولا مصلحة لهم في ذات الوقت لاضفاء طابع “الغلبة” وهم يُدركون في أنفسهم أن هنالك من ساهم معهم في “تمرير” الموقف ولولا “السلم” الذي وُضع للنزول عن “الشجرة” لتهشمت صورة المجلس، فجاءت المساعدة ضمن خارطة طريق افضت الى تعديل وزاري.

وفي خلفية المشهد كان لرئيس مجلس النواب دور حيوي بعد أن جمّع اوراقه وقدّم خلاصات لما حصل من أحداث الكرك وقام بعرضها، ما عبّد الطريق أمام تسهيل مهمة اجراء تعديل وزاري كان الرئيس الملقي متردداً به وتواقاً لتنفيذه في آن واحد – لاسباب ذكرناها في تقارير سابقة – فظهر مرتحاً لقرار التعجل باجرائه بعد تطورات الاحداث الشهر الماضي.

فرئيس الوزراء هاني الملقي لم يكن همه الأول التعديل الوزاري وازحة وزير داخليته سلامة حماد وبعض وزرائه – وإن كان يرغبه منذ لحظة تشكيل الحكومة الثانية – بقدر ما كان يميل إلى تهدئة الأجواء وتمهيد الطريق نحو اقرار الموازنة.

الرجل القادم من ذهنية اقتصادية يعتقد أن الأولوية للملف الاقتصادي ومن هذا المنطلق منح خلال الاسابيع الماضية الأولوية في تكثيف لقاءاته مع رئيس مجلس النواب والكتل النيابية لاقرار مشروعي الموازنة والوحدات المستقلة.

اجرى الرئيس الملقي اجتماعات واتصالات مكثفة مع الطراونة وتبادل الرجلان الحلول واستمع لتوصيات النواب فيما يتعلق بالمقترحات البديلة عن طروحات رفع الاسعار التي اعلن عنها وزير المالية، واستمرت هذه اللقاءات خلال مناقشات الموازنة التي استغرقت 5 ايام.

في هذه الاثناء يمكن ملاحظة تحركات العديد من النواب ابرزهم خالد رمضان الذي قام بجهد شخصي للخروج بالتوصيات وهو ما برز في كلمته التي يبدو أن رئيس مجلس النواب ونواباً كانوا على اطلاع بمضامين التوصيات لتبنيها كورقة بديلة عن مخططات الحكومة الرامية لاستهداف رفع الضرائب على المبيعات والرسوم الجمركية ما سينعكس بالضرورة على الاسعار بشكل عام وإن كانت بشكل غير مباشر.

ومن هذا المنطلق لوحظ أن كلمات رمضان والنائب خالد ابو حسان والنائب خالد البكار (كتلة الديمقراطية) ومرزوق الدعجة (كتلة وطن) قد عرضت مقترحات عملية لـ”فرملة” التوجهات الحكومية حول رفع الاسعار، وكان فحوى الكلمات متقارب يدفع بوجه نظر واحدة.

لم يُحسن المجلس برئيسهم في بلورة وصياغة “تخريجة” الجهود التي بذلت خلال فترة الاسبوعين التي سبقت اقرار الموازنة فانتهت الصورة وكأن المجلس يؤيد التوجهات الحكومية ويزيد عليها بعض الاقتراحات التي هي في الاساس بديلة وليست مضافة، فلم يُوضح أحد أن البدائل التي طرحها النواب ستقطع الطريق أمام الأفكار الحكومية التي تستهدف “جيوب المواطنين”.

الطراونة وفي اعقاب اقرار الموازنة والقاء الرئيس الملقي لكلمته أمام المجلس بأن الحكومة ستلتزم بالأخذ بتوصيات النواب، بادر للتأكيد على أن الموافقة على الموازنة مربوطة بالمقترحات النيابية التي ستكون بديلة عن تلك التي طرحتها الحكومة.

وبعد أن وافق مجلس النواب على البند (116) في مشروع قانون الموازنة المتضمن “زيادة الايرادات” المُقدّرة ب 450 مليون دينار، ووسط اعتراض نواب على البند بعد شعورهم بأن الحكومة لم تُقدّم ضمانات مؤكدة لتطبيق التوصيات، أكد الطراونة أن الأخذ بتوصيات النواب تأتي في سبيل عدم المساس بـ “الطبقات الفقيرة والمتوسطة”.

الطراونة وجد أن الرسالة لم تصل بعد فاضطر للخروج عبر التلفزيون الرسمي، واراد مجدداً درء “شبهة التقصير” في الدفاع عن المواطن فنفى أن يكون المجلس قد وافق على “زيادة الايرادات” دون أن يوضح أن المجلس قد وافق على ارض الواقع على البند إلا أن موافقته لم تتضمن الموافقة على ما طرحه وزير المالية.

الطراونة اختصر ما يدور في ذهنه بالاشارة خلال الحديث التلفزيوني إلى أن المواطن سيلمس الأثر خلال الأيام المقبلة من ناحية عدم رفع الاسعار ضمن المواصفات التي اشارت اليها الحكومة على لسان الوزير عمر ملحس خلال اجتماعه باللجنة المالية.

الطراونة دافع عن المجلس وبأنه منذ دخوله مجلس النواب – مجلس 14- لأول مرة تُقدم مقترحات نيابية وخطط بديلة تمنع المضي بتوجهات حكومية تتمثل في فرض ضرائب يلمس أثرها المواطن بشكل يومي.

وكانت الحكومة اعلنت على لسان وزير المالية دراستها فرض ضرائب على كل لتر من (البنزين بشقيه، الكاز، السولار) سبعة قروش، والغاء الدعم عن الغاز ورفع الضرائب على العديد من السلع والرسوم الجمركية لتحصيل زيادة الايرادات (450 مليون دينار).

تمسك الرئيس الملقي بالاطار العام لما اورده الوزير حتى أنه لم يبت رسمياً في الكلمة الختامية له عقب اقرار الموازنة بالتوافقات مع النواب لاعتماد توصياتهم، مكتفياً بالقول إن الحكومة ستأخذ بالتوصيات  لكنه استدرك بالتلميح إلى أنه في حال لم تتمكن من تطبيق بعضها سيُعلم المجلس بذلك.

وبرغم الوعود التي تقدم بها رئيس الحكومة لقيادات نيابية وكتل باعادة النظر بالاعفاءات الطبية وهو ما اشارت اليه “هلا أخبار” في أحد التقارير مساء الاربعاء الماضي، إلا أن وزير المالية عاد ليقدم ذات المبررات السابقة حولها مع تعهدات باعادة النظر لطرح الآلية المناسبة بهذا البند، واصفاً الاعفاءات بأنها ليست “قدراً محتوماً”.

ولا يعتقد مصدر نيابي بارز أن الجولة انتهت باقرار الموازنة بل يرى أن المصادقة على المشروع تأتي في نطاق الاستحقاق الدستوري الذي يصعب تعطيله وعرقلته على حساب فرض توافقات وتوصيات داخل الموازنة، ويعتقد “مطمئناً” بأن تطبيق نتائج المفاوضات لم تظهر بعد وإن كان القانون قد اقرّ فعلاً.

ومن هنا يُتوقع أن تُشكل لجنة نيابية بحسب المصدر الذي افاد “هلا اخبار” للوقوف على الآليات لتنفيذ التوصيات والمقترحات النيابية التي لا يمكن تجاوزها او الهروب منها حيث إنها تجنب الحكومة ومجلس النواب “الحرج” أمام الشارع الرافض للبرنامج الاقتصادي الذي تسعى الحكومة لاقراره بالمساس بجيوب المواطنين.

ومن هنا يأتي تحرك نواب لاعداد مقترح للمجلس لتشكيل لجنة لدراسة التوصيات وأثرها المالي لتقديمها للحكومة ضمن مساعي النواب لالزام الحكومة بالأخذ بها، وعدم التذرع بالتوقيع مع صندوق النقد الدولي على القيام بخطوات بعينها لا بديل عنها.

 





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق