المكتب الدائم .. “بروفة” مُبكرة لانتخابات الرئيس المقبل (تحليل)

نتائج انتخابات المكتب الدائم تُجذر الفردية في عمل “النواب”
المعركة الانتخابية على موقع النائب الأول كانت تدار بالوكالة
هلا أخبار – وائل الجرايشة – تركت نتائج انتخابات المكتب الدائم التي جرت الأحد في اعقاب افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس النواب “الثامن عشر” انطباعات عدة.
أول هذه الانطباعات وأبرزها اعتبار ما جرى “بروفة” مُبكرّة لانتخابات رئاسة مجلس النواب المقبلة، فحسبةُ أقطاب في المجلس لم تكن تتوقف عند موقع النائب الأول برغم أهميته، فالأعين كانت ترقُب الآتي من بعيد.
غياب الانتخابات على مقعد الرئيس دفع البعض إلى التحضير لإنتخابات العام المقبل والتي تشمل موقع الرئيس، حيث غدت الموازين أكثر دقة والنظر لما هو أبعد من الانتخابات الحالية بخاصة أن انتخابات المقعد الأول والثاني والمساعدين والتحالفات كانت دوماً في نطاق الجو العام من الانتخابات ككل بما فيها مقعد الرئيس، أما اليوم فكانت منفصلة وإن كان البعض يراها “متصلة”.
رفعُ مدة رئاسة المجلس لسنتين جعلت من حسابات الراغبين بالترشح أكثر تعقيداً وفرضت عليهم خططاً طويلة الأمد وتصفية المنافسين مبكراً، وجعلها أرضية للتحرك لانتخابات ستجرى بعد شهور.
نجاح خميس عطية يأتي وكأنه نصرٌ غير معلن لرئيس مجلس النواب عاطف الطراونة الذي انسحب حليفه التقليدي (النائب خالد البكار) في اللحظات الأخيرة قبل اجراء الانتخابات، وابتسامات الطراونة التي اعقبت فوز عطية تُفصح عن ذلك.
مراقبون في الشأن البرلماني يرون في تراجع البكار عن الاستمرار في الانتخابات جاء بـ “تكتيك” من الطراونة وربما بضغط منه بعد أن قرأ الخارطة بـ” عدسة محدبة”، ما فتح المجال وعبّد الطريق أمام عطية بالفوز من جولة أولى بدلاً من الاشتباك بجولتين الاحتمالات فيها مفتوحة تحتمل المخاطر.
كان خروج البكار بمثابة الايعاز ومنح الضوء الأخضر لمناصريه بالتصويت لصالح عطية، الذي خدمته – أي عطية – الظروف الانتخابية والاستقطابات ابتداءً بانسحاب النائب نصار القيسي واعلان الاسلاميين لموقفهم من دعم النائب أحمد الصفدي والذي كان يحظى بمباركة ودعم أحد أقطاب وأجنحة المجلس.
اذن فالمعركة الانتخابية على موقع النائب الأول كانت تدار بالوكالة عن مرشحين محتملين لرئاسة مجلس النواب العام المقبل، وهنا يمكن للمتابع عن قُرب رصد ردود فعل الأقطاب النيابية بين مرتاح لما آلت إليه الأمور وبين متجهم للنتيجة.
ثاني هذه الانطباعات، يُمكن رصدها وملاحظتها بما خلصت إليه النتائج الإنتخابات من تجذير للعمل الفردي على حساب الكتل النيابية.
فالنائب أحمد الصفدي المدعوم من كتلتين هما كتلته (الوفاق الوطني) وكتلة الإصلاح النيابية الذراع البرلمانية لحزب جبهة العمل الإسلامي، لم يتمكن من الوصول إلى موقع النائب الأول لرئيس مجلس النواب، وهو المترشح الوحيد الذي حظي بدعم كتلتين كقاعدة اساسية لانطلاقه في المنافسة.
بينما اعلن النائب خالد البكار المدعوم من كتلته (الديمقراطية) انسحابه من الترشح للانتخابات في الدقائق الأخيرة، فيما استمر وفاز من هو لم يستظل بظل أيّ كتلة (النائب خميس عطية) الذي كان قد انسحب قبل اسابيع من كتلة الديمقراطية في أعقاب اعلان البكار ترشحه ودعم الكتلة له.
كما لم تُظهر الانتخابات على مواقع النائب الثاني أو المساعدين أي تحركات كتلوية بإستثناء “تحالف معاكس” ربما طال الاسلاميين قضى بخسارة كتلتهم (الاصلاح) لمقعدها التي كانت قد حجزته في الدورة العادية الأولى عبر النائب موسى الوحش الذي ترشح ثانيةً في هذه الدورة ولم يتمكن من العودة إليه.
الانطباع الثالث وهو أن نتيجة المكتب الدائم ستنعكس حتماً على انتخابات اللجان النيابية التي تعدّ مسرحاً حيوياً لتحرك الكتل واعادة تشكيل مواقفها أكثر من انتخابات المكتب الدائم، بل إن هنالك “سُلفاً” بحاجة الى تسديد فرق حسابها في انتخابات اللجان و”رد الجميل” لمن ابدى مواقف في انتخابات المكتب الدائم.
ويتوقع أن تشهد انتخابات اللجان داخل المجلس ومن ثم الانتخابات الداخلية لها “سخونة” بخاصة أن هنالك تذمراً من افرازات الانتخابات السابقة، وهو ما دفع رئيس المجلس بالاشارة في أحد تصريحاته أخيراً إلى أهمية التخصص في عمل اللجان.
تصريح الطراونة ربما لا يمكن الوفاء به ويتقاطع مع منطق “الاسترضاءات” الذي فرضته لعبة انتخابات المكتب الدائم، ما يعني أن الخيار الوحيد لممسكي اللعبة الانتخابية بدفع وانتقاء الأفضل للجان والمواقع القيادية فيها.
آخر هذه الانطباعات، إن افرازات الإنتخابات ستلقي بظلالها على العمل البرلماني في الدورة العادية التي انطلقت وربما تتصاعد حدة التوترات على جبهتين داخلية (داخل المجلس نفسه) حيث ستكثر المناكفات للرئاسة، وخارجية (مع الحكومة) التي يستعد رئيسها هاني الملقي احضار الملف الإقتصادي الجدلي الذي يتضمن مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون الضريبة.