رسالة دعم “الأونروا”.. قضايا الوضع النهائي لا تُشطب بقرار منفرد

هلا أخبار – نيويورك – محمد الهباهبة – يُسجل للدبلوماسيّة الأردنية الجهد الذي بذلته في ملف وكالة تشغيل الغوث للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) خلال الشهور الماضية وصولاً إلى الدعم الإضافي الذي حصلته عليه الوكالة الخميس خلال اجتماع نيويورك.

وكما ذكرت “هلا أخبار” في تقرير سابق فإن التحرك الأردني جاء مُبكّراً لخطورة ترك هذا الملف دون إيجاد حلول جذرية له، واتخاذ التدابير اللازمة قبل تفاقم الأزمة والوصول إلى نقطة الصفر التي تتمثل في وقف عمل الوكالة وشلّ حركتها.

التحرك الأردني الذي يقوده جلالة الملك باقتدار أفضى إلى تكاتف الجهود الدولية ومساندة الوكالة لكي تنهض بمسؤولياتها وتقف على قدميها لا أن تنهار بعد انسحاب الراعي الأهم لتمويلها الولايات المتحدة الأمريكية والذي يُقدر حجم حصتها في التمويل قبل قراراتها الأخيرة بنحو 40 %.

الملك استثمر اللقاءات الثنائية التي قاربت العشرين لقاءً خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع بغية التحذير من خطورة القفز على ملف “الأونروا” والتخلي عنه، وشدد في مجمل اجتماعاته على ضرورة دعم الوكالة وحمايتها.

ويركّز الأردن في نشاطه بهذا الملف على كسب التأييد والحصول على الدعم السياسي قبل المالي، ويتحرّك برشاقة بالغة دون إحداث استقطابات، حيث إن الجهد الأردني ينصب تجاه استمالة شركاء جدد لدعم الأونروا ويسير بشكل متوازٍ بما لا يؤثر على العلاقات بين الدول أو اغضاب طرف ما ظلّ مساهماً جيداً حتى الأمس القريب.

ينبري في هذا الصدد وزير الخارجية أيمن الصفدي وبتوجيهات من جلالة الملك في ترتيب الملف المتعلق بـ”الأونروا” بعناية بالغة وإيلائه أهمية دقيقة تتقدم على كثير من الملفات الخارجية في المرحلة الراهنة، حيث يرتبط هذا الملف بقضايا الوضع النهائي.

ولا يُخفى على أحد أن ملف اللاجئين يرتبط بشكل مباشر بمصالح الدولة الأردنية العليا وعلى هذا الأساس يأتي التحرك الأردني القوي إزاءه، وسبق أن رفض مقترحاً بالحصول على الأموال الأمريكية على أن يوزّعها على المرافق التي تقدّم الخدمات للاجئين (122 ألف طالب و7 آلاف عامل في الأردن) لأن القضية “ليست مالية بحت”، وإنما تعبّر عما هو أبعد من ذلك.

فالقضية معقّدة ليس من السهل العبث بها ضمن تفاهمات ثنائية وهي مرتبطة بقضايا الوضع النهائي، وهنا لم يترك الصفدي منبراً مهماً في نيويورك بعد الاجتماع الخاص بالوكالة إلا ليؤكد على “أن الانوروا هي دليل على أن هناك قضية لم تحل بعد وهي القضية الفلسطينية، وأن هذه القضية من قضايا الوضع النهائي”.

فالرسالة الأوضح التي يمكن التقاط اشاراتها في حديث الصفدي خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع نيويورك قوله “إنه لا يمكن لدولة أن تحدد صفة اللاجىء أو تلغيها أو تسحبها”، وهو يؤكد في أكثر من مناسبة أن صفة اللاجىء معرّفة دولياً ولا يمكن العبث بها.

لذا فإن الرسالة المباشرة من التحرك الدولي المتضامن مع قضية “الانوروا” هو الفهم الجيد لمخاطر العبث بهذه الوكالة أو زعزعتها والتي تعدّ واجهة لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وتؤكد على أن القضية لا تزال مستمرة والمعاناة لا تزال قائمة ولا يمكن أن تحسم إلّا وفق قرارات الشرعية الدولية بما يضمن حق اللاجئين في العودة والتعويض.

يُركّز الأردن على مفهوم “تقليل الخسائر” الناجمة عن قرارات تقليص حجم المساعدات المُقدمة للوكالة، ضمن حلقة ثنائية يتمثل محورها الأول الحشد السياسي لتجذير قيمة بقاء “الأونروا” كرمز لقضية عالقة وهو الشق الأهم، وعلى استدامة الدعم المالي وتقليل نسبة العجز المالي جرّاء تلك القرارات وهو ما سعى إليه الأردن في اجتماع نيويورك من خلال بحث سبل دعم طويل يمتد بين 3 – 5 سنوات.

وأعلن وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مساء الخميس – بتوقيت عمّان – عن دعم إضافي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بقيمة 118 مليون دولار، ما سيخفف العجز الذي بدأ بداية العام بـ 446 مليون دولار والآن وصل العجز عقب اجتماع اليوم إلى 68 مليون دولار.

جاء إعلان الصفدي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بيير كرينبول عقب الاجتماع الذي نظمه الأردن في الخميس في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ووصف الصفدي الاجتماع الذي عُقد في نيويورك حول “الأونروا” بـ “الناجح جداً على مختلف الصعد”، ودعا إليه الأردن برعاية مشتركة مع اليابان والسويد ‫وألمانيا وتركيا ‫والاتحاد الأوروبي، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس.

وأشار إلى أن الاجتماع أوصل رسالة تظهر اهتمام العالم باللاجئين الفلسطينيين وأن قضيتهم هي من قضايا الحل النهائي، ولفت إلى أن الاجتماع منح الأمل لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني، وأكد حق نصف مليون طالب في مدارس الوكالة في التعليم.

وعدّ الصفدي نتائج مؤتمر “الأونروا” في نيويورك “موقفاً دولياً واضحاً لدعم الوكالة”، و “تعبيراً حقيقياً لضرورة أن تستمر الانوروا في تقديم خدماتها”.

وعبر كرينبول عن امتنانه للأردن وجلالة الملك عبدالله الثاني والوزير الصفدي على عقدهم المؤتمر وقيادتهم الجهود الدولية لدعم الوكالة، وقال إن هناك دول تدرس تقديم دعم إضافي للوكالة ولكنها لم تعلنه لغاية اللحظة.

وكادت أزمة “الأونروا” المالية أن تعصف بقدرتها على الاستمرار في تقديم خدماتها الحيوية لأكثر من 5 ملايين لاجىء في مناطق عملها  الخمسة، والتي أوجدت لحين التوصل الى حل عادل وفق القرار 194 وذلك يعني أهمية التزام المجتمع الدولي بحل هذه القضية.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق