عمرو موسى يحذر من إعادة تشكيل المنطقة وسط غياب دور عربي

 ** إتفاقية أغادير يمكن أن تؤسس لإتحادٍ عربي على غرار تجربة معاهدة الصُلب والحديد الأوروبية

**  قوى سلبية هزمت تحاول أن تنقض من جديدٍ على رقاب المجتمع

** النزاع بين السنة والشيعة سياسة تستهدف الإيقاع بين أطراف المجتمعات وصولاً ل “أزمة مستدامة”

** ** الكلفة المالية لإعادة إعمار سوريا مسألة لا زالت مبهمة، خاصة من سيتكفل بها

** تفاجأنا بنحو (3000) داعشي في ليبيا برغم تأكيد القوى الكبرى منذ سنوات بصون أمن البحر الأبيض المتوسط

هلا أخبار- سامر العبادي- دعا الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى إلى إيجاد حالة جديدة من العمل العربي الإقليمي المشترك.

وحذّر موسى خلال ندوة عقدت بمنتدى شومان في عمان مساء الإثنين من غياب الدور العربي في ضوء نظام يتشكل بتواصل دولٍ ليست بعربية وسط تعاظم دورها.

وقال في الندوة التي أدارها رئيس الوزراء السابق طاهر المصري، إن على العرب طرح موقفهم من هذا النظام (الآخذ بالتشكل)، فهم الأغلبية دولاً وشعوباً، ولا يمكن تشكيل هذا النظام دون قبولهم.

وأشار موسى، إلى أن الضعف العربي هو شعور بات يغلب الطابع العام، وهو أمر ليس حقيقياً.

وأوضح بالقول: “إن إتفاقية أغادير والموقعة بين دول الأردن ومصر والمغرب وتونس (وهي إتفافية تجارية عربية وقعت عام 2004م) يمكن أن تؤسس لإتحادٍ عربي على غرار تجربة معاهدة الصُلب والحديد والتي كانت أساساً لتشكيل الإتحاد الأوروبي في خمسينيات القرن الماضي.

وبين أن هذه الإتفاقية من الممكن أن تتسع لاحقاً، لتضم في عضويتها دولاً عربيةً أخرى، وتكون منطلقاً ناجحاً لنظامٍ عربي جديد.

** ربيع عربي ثانٍ:  

ونوه موسى خلال الندوة، والتي حملت عنوان “لم يكن الربيع العربي ربيعاً.. ولكن سوف يأتي الربيع”؛ إلى وجود حالةٍ من القلق على الأمة والمجتمع العربي الواسع إثر ما حدث عام 2011م.

ولخص موسى أسباب “الربيع العربي” بثلاث، قائلاً: ” إنه حدث كان متوقعاً وجاء نتيجة لسوء إدارة الحكم في كثير من الدول العربية (محلياً)، ولتأثير حركات التطرف السياسي (اقليمياً)، ونظراً للفوضى الخلاقة (دولياً)”.

وأشار إلى أياً من هذه الأسباب الثلاث لوحده قادر على إحداث الفوضى، بل تفاعلها جميعاً هو ما أحدث فوضى الربيع العربي.

واعتبر أن هناك حالة من الإيجابيات الناتجة عن هذه الحالة، وبينها أن الشباب العربي الذي يشكل (70%) من المجتمعات العربية أوصل رسالته إلى أهل الحُكم، بالإضافة إلى أن القوى السلبية هزمت بالرغم من أنها تحاول أن تنقض من جديدٍ على رقاب المجتمع – بحسب قوله-.

وقال إن القرن الحادي والعشرين بدأ عربياً عام 2011م، وربما قبل ذلك ومع اندلاع الثورة التونسية، مبيناً أن التغيير القادم سيكون متدرجاً، “وأن الأجيال العربية المتشابكة عليها واجب الخروج بمشروع تحديثي عربي ديناميكي مستدام”.

ودعا إلى إنتاج ربيعٍ عربيٍ ثانٍ، قائلاً: “لقد عانينا من فوضى الربيع العربي الأول أما الثاني فيجب أن يصب في صالح الإصلاح حتى لا يتراجع الإقليم الذي يحمل اسمنا”. (أي الإقليم العربي).

واستعرض – خلال حديثه- أرقاماً لدراسة أجراها البنك الدولي مؤخراً، أشارت إلى سوء توزيع الثروة حيث أن (10%) من السكان يستحوذون على (61%) من الدخل القومي عربياً.

**شروط لنهضة عربية:

وطرح عمرو موسى، خلال الندوة شروطاً لتجاوز تحدي الاستخفاف بالعالم العربي.

وبين أنه يجب إدراك أن العالم العربي ليس الأمة العربية وحسب، بل هو عالم يوجد فيه عناصر أخرى كالشركس والأكراد والأمازيغ والتركمان، قائلاً:” إن التعاون مع هذه العناصر له مزاياه وضروراته”.

ودعا إلى التعامل بكل جرأة مع المشاكل الوطنية، وإلى ضرورة أن يتوقف النزاع بين السنة والشيعة، معتبراً أن هذه سياسة تستهدف الإيقاع بين أطراف المجتمعات وصولاً إلى إيجاد “أزمة مستدامة”.

كما أكد على ضرورة أن تأخذ الجماعة المثقفة العالِمة القادرة على التأثير دورها، لتقف بوجه هذه السياسة، لافتاً إلى ضرورة إيلاء الشعار السياسي الجامع الأهمية.

ونوه إلى أن على المجتمعات العربية أن تتجاوز الدعوة العاطفية للوحدة العربية وتنتقل إلى رؤية حول التقدم العربي.

** تركيا وإيران:

وانتقد موسى الأدوار الإيرانية والتركية بالمنطقة، قائلاً: ” إنه أمر مستغرب أن لديهما قوة تحتم دوراً وعناوين إستراتيجية بالمنقطة، فيما يعملان على أن لا يكون العنوان عربياً”.

وحذر مما وصفه بـ” الكلفة السياسية ” على العرب حيال دورهما، داعياً إلى عدم تسليم العرب، بقوله: ” إن العرب هم العنوان بالمنطقة منذ تشكل النظام العالمي الجديد عقب الحرب العالمية الثانية، وهم أصحاب قضية عادلة”.

وأكد على ضرورة توقف السياسة الإيرانية، “والتي تفاخر بسيطرتها على أكثر من عاصمة عربية”، مشيراً إلى ضرورة أن تغير إيران مسارها الضار بأمن الدول العربية.

وأشار إلى أن السياسة التركية تمارس “مقاربات عثمانية” لتعيد الإعتبار لدورها – بحسب قوله-.

وتابع أنه: ” لو كنا مطورين لأمورنا الداخلية لما أصبنا بسوء إدارة الحكم في كثيرٍ من دولنا”؛ ودلل على حديثه مضيفاً:” أن مصر عانت من سوء إدارة الحُكم منذ عهد الملك فاروق وحتى حكم الإخوان المسلمين”.

وأشار إلى أن على العرب خلق دورٍ إقليمي جديدٍ، والعمل لأجله، وليس استعادة القديم، محذراً من وجود أدوار خطرة على العرب أيضاً، أبرزها إسرائيل.

** القضية الفلسطينية والتمسك بالمبادرة العربية:

وأكد على ضرورة التمسك بالمبادرة العربية التي طرحت في بيروت عام 2002م، معتبراً أنها تعطي الفلسطينيين والإسرائيليين حقوقهم، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تشكل موقفاً عربياً مشتركاً لم يحظَ بأي تحفظات، نظراً لزخم الموقف العربي آنذاك.

وأشار إلى أن الرأي العام العربي يسأل عن جدوى الإتصالات مع اسرائيل إن لم تحقق شيئاً للفلسطينيين.

وقال موسى إن شرط فتح باب تعامل الجامعة العربية مع اسرائيل هو قبولها بالمبادرة العربية، محذراً من استمرار الإنقسام الفلسطيني، “حيث إن أكثر من هم مطالبون بالعمل لأجل القضية الفلسطينية الفلسطينيون أنفسهم”.

وأكد أن لا إلغاء للقضية الفلسطينية وفق ما يريد البعض.  

**سوريا:

وأشار إلى أن سوريا ما زالت بحاجةٍ إلى فترةٍ طويلة لإعادة الإعمار وإعادة المهجرين لمدنهم وقراهم.

وبين أن الكلفة المالية لإعادة الإعمار مسألة لا زالت مبهمة، خاصة من ناحية من سيتكفل بها.

وأكد على ضرورة أن تبقى السيادة السورية على الجولان، قائلاً: ” لا يجب المساس بالوضع القانوني للجولان”، محذراً من فصله عن سوريا إثر ما تمر به من أزمة منذ سنوات.

** الجامعة العربية ما زالت عنواناً:

واعتبر موسى أن الجامعة العربية ما زالت عنواناً للعمل العربي المشترك، قائلاً: ” إذا أراد أحد (دولة أو منظمة) الحديث إلى العرب فهو يتوجه لها”.

وأشار إلى أنها كمؤسسة أصابها ما أصاب العرب، فيما أن العمل العربي المشترك قبل الربيع العربي لم يكن بالسوء المتصور، بل ظهرت عليه علامات الصحة.

ومثالاً على ذلك، قال: ” إن السوق العربية والمنطقة الحرة والاتحاد الجمركي، وعدد من المبادرات رأت النور، وبدأ بعضها بالعمل”.

ولفت إلى أن التغييرات التي طرأت على الجامعة، مثل الإصلاحات المهمة على صعيد البرلمان العربي، وتدشين القمة العربية الاقتصادية عام 2009م.

** الإرهاب وداعش:

وطرح في سياق اجاباته على أسئلة الحضور، عدداً من التساؤلات المرتبطة بكيفية ولادة تنظيمٍ كعصابة داعش الإرهابية.

وقال إن القوى الكبرى كانت تؤكد – منذ سنوات- أنها تصون أمن البحر الأبيض المتوسط، ولكننا فجأة وجدنا نحو (3000) عنصر لعصابة داعش في ليبيا.

واعتبر أن هذه المنظمات تلعب دوراً محدداً في السياسة الدولية، مؤكداً أن الدولة القوية يقع على عاتقها صد هذا الإرهاب وتلافي أخطاره.  





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق