الخطاب التأزيمي والتقسيمي لا يخدم قضيةً ويجب أن يُنبذ ويتعرى

هلا أخبار – أغضب حديث النائب محمد هديب مجلس النواب خلال الجلسة الطارئة التي عقدها صباح الإثنين وخصصها لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى.

كادت الجلسة أن “تفرط” حيث رفعها رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة لفترة من الوقت لحين “لملمة” الأمور، بعد أن اعترض نواب بشدة على حديث هديب الذي اعتبروه “تأزيمياً” و “تقسيمياً” لا يخدم قضية ولا أجندة وطنية.

التقط وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مُبكّراً الرسالة النيابية التي بدت أنها تخاطب “قواعد انتخابية”، وهو ذات الوصف الذي استخدمه النائب مصلح الطراونة لوصف “المزاودين”.

الصفدي بادر مع أول مقاطعة له من قبل نواب حينما أشار إلى الجهود الأردنية للحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى، ليؤكد أن ملف القدس برمته (فوق السياسة)، ما يعني أن الجميع يتفق عليه في الأردن دون أي اختلاف حوله ولا يوجد جدلاً إزاؤه.

لكن البرلمانيين تفاجأوا عندما تحدّث النائب هديب وقال “إن صفقة القرن نُفّذ منها 90 % و”ننتظر ال 10 % وهي المبالغ التي ستدفع وهي ما تبقى (من الصفقة)”.

هذه العبارة التي ذكرها النائب جاءت بعد إشارته إلى الأردن، وحديثه عن مزاعم عبرية عن الأردن بأنه اتفق على عدة إجراءات مع رئيس الشاباك الإسرائيلي في زيارة قام بها، ليتهم الإعلام الأردني بأنه “نائم”، وقال “إن الكل يتاجر بالقضية الفلسطينية ولبنان انهت موضوع اللاجئين بما يتواءم مع صفقة القرن”.

واضاف هديب بأن مجلس النواب سبق أن صوت لطرد السفير الإسرائيلي ولكن لا أحد يستطيع أن يستدعي سفيرنا من تل أبيب وليس أن نطرد السفير الإسرائيلي.

وفي مطلع المداخلة وضمن عبارة رآها النواب مسيئة ومثبطة للروح المعنوية و”مدسوسة” قال النائب إن “الوصاية الهاشمية تحتضر”، وهو أمر دفع بالنواب إلى الغضب ومقاطعة هديب.

وبعد أن أنهى هديب كلمته سعى رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة لنزع فتيل أزمة من خلال عدم إعطاء النائب مزيداً من الحديث بعد أن انتهى وقته غير أن النائب لم يكتفِ وأصرّ على مواصلة حديثه.

كان الطراونة حاداً وواضحاً وحازماً وأبلغ النائب بأنه يريد أن يفتعل جدلاً، بينما اعتقد النائب أن حديثه خارج السياق وعليه فقط مُنع من اكماله، لكن الطراونة قال “هل تريد استفزاز الحضور؟”، بينما النائب قال “ليس من واجبي الاستفزاز”، وختم حديثه بعبارة أكثر استفزازاً كانت لمجلس النواب الذي يخصص جلسة طارئة من أجل الأقصى “اؤكد في رسالة للشعب الفلسطيني أنه لن يكون أحد معكم إلا الله وللأقصى رب يحميه”.

الطراونة استشاط غضباً من هديب وقال له “يفترض أن لا تكون حتى نائباً أردنياً ولا تخدم القضية وتخلق فتنة، وانت تتنصل من نيابتك فأنت لست بنائب فلسطيني بل نائب أردني”.

الطراونة ذهب إلى أبعد منذ ذلك وهو يصف النائب هديب بـ”المدسوس” و”العنصري” مطالباً اتخاذ قرار بعضوية النائب قائلاً له “أنت مدسوس لتخلق فتنة في مجلس النواب وعلى المجلس أن يتخذ قراراً في عضوية هذا الرجل، المجلس يتخذ القرار بحق هذا النائب”.

لكن هنالك عبارة مرّت من الطراونة وسط الضجة دون التوقف عندها كثيراً حينما قال لهديب “أعرف جيداً بأنك لا ترغب بهذا النقاش (يقصد الجلسة الطارئة التي عقدها البرلمان)”، قبل أن يطلب نواب من الرئيس السماح لهديب بالاعتذار وأنه لم يقصد في حديثه لكن الطراونة تساءل “من يضمن أن يتحدث بلغة سوية؟”.

وطالب نواب برفع الجلسة غير أن الطراونة رفض الأمر، وقال “الجلسة ليست لمحمد هديب بل هي قضية تهم الشعب الأردني والأقصى تحت وصاية هاشمية أردنية .. ومحمد مدسوس ويتحدث بلغة مريضة”.

الطراونة وجه حديثه مخاطباً هديب “كان باستطاعتك أن لا تخلق هذه الفوضى، أنا أعرف أن لديك عنصرية لكن ليس بهذه الطريقة في مجلس النواب الأردني”.

ومُنح هديب الحديث مجدداً حاول فيه التراجع عما قاله بالقول”أقدر وأثمن انفعالهم وهذا دليل على ما يجول بأنفس زملائنا تجاه القضية الفلسطينية والمزاودات مرفوضة وحديث الرئيس مرفوض”، لكن هذا الحديث استفز النواب مجدداً فقال الطراونة له “أنت نائب مزاود لا تصلح، وقد يكون هديب مدسوساً على هذا الموضوع”.

ووسط مطالبات بتحويل النائب إلى لجنة السلوك  قرر المجلس ذلك بعد أن قال الطراونة “الموضوع أكبر من نائب خارج عن النظام ويتحدى، والنائب أخطأ بحق مجلس النواب والشعب الاردني وأطلب تحويله إلى لجنة للتحقيق معه واتخاذ الاجراء اللازم”.

ويتضح بعد هذه الحادثة التي أدت إلى رفع الجلسة لوقت قصير على خلفية مشاحنة بين النائب هديب والنائب خالد الفناطسة التي كادت أن تتطور إلى اشتباك بالأيدي، أن النواب الذين تحدثوا عبروا عن رفضهم لما تحدث به هديب.

وشدد النواب على أن الخطاب التقسيمي التأزيمي يقسّم ولا يخدم، بل إن هنالك عدداً من النواب وجهوا انتقادات واتهامات مباشرة، وهو ما دفع نواب بالقول إن هذا الأمر يستدعي مراجعة المواقف التي يطلقها البعض في الداخل الأردني ولصالح من تسدى؟.

وعبّر عن نواب منهم النائب مصلح الطراونة عن رفضهم لأن ينظر الى القضية الفلسطينية على أساس أنها قاعدة انتخابية، فيما ذهب نواب آخرون إلى أبعد من ذلك بكلام مباشر وصريح لا يقبل التأويل.

وشدد نواب على ضرورة نبذ وتعرية المواقف التي يغلفها الطابع العام الحرص على المصلحة الوطنية بينما في باطنها تثير الفتن والقلاقل وتغمط الجهد الوطني الأردني قيادة وحكومة وبرلماناً وشعباً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي وصفتها الحكومة بأنها “قضية وطنية”، فيما جلالة الملك يحمل هم هذه القضية معه في كل المنابر والمحافل الدولية، فضلاً عن العمل الملموس داخل المسجد الأقصى من نواحي عدة لا يمكن انكارها ولا تجاهلها أو الإنتقاص منها أو تقزيمها.

 

 





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق