أبو رمان : لدينا 700 هيئة ثقافية وهنالك تعليمات ستغلق غير الفاعلة

فكرة العقد الإجتماعي شُيطنت ونُظر إليها بـ”عقلية المؤامرة” وهي ضرورة وليست ترفاً

** إما الذهاب للعقد الاجتماعي أو البقاء ضمن سياسة إطفاء الحرائق

** الحكومات أهملت النخب الثقافية لعقود والتي تشكل القوة الناعمة للدولة

** “لامركزية” محافظة لم ترصد مبلغاً للأنشطة الثقافية وأخرى وضعت مبالغ زهيدة

** تعليمات تقضي بتوجيه الدعم إلى الأنشطة الثقافية وإغلاق “الهيئات” غير الفاعلة

** لم تجد الحكومة في مؤتمر لندن منتجاً ثقافياً ابداعياً

** الأكاديميات السياسية مشروع مرتبط بوزارتي الشباب والشؤون السياسية

** استحداث مراكز شبابية داخل حرم الجامعات لإيصال رسائل “الوزارة” 

هلا أخبار-  سامر العبادي- قال وزير الثقافة والشباب الدكتور محمد أبو رمان “إن البعض تعامل مع مفهوم العقد الاجتماعي الجديد، والذي طرحته الحكومة بعقلية المؤامرة فيما شيطنه آخرون” – على حد وصفه -.

وأضاف في حوار لـ” هلا أخبار” أن ما تشهده البلاد حالياً من أزماتٍ وتحدياتٍ يؤكد على صحة المفهوم، موضحاً أن هناك حاجة حقيقية لعقد اجتماعي جديد بالأردن يقوم على إعادة تعريف دور الدولة والحكومات ودور المواطن.

ولفت – في حديثه – إلى ما نلمسه في الأزمات الأخيرة، قائلا: “لو كانت التوقعات واضحة من قبل المواطنين والشباب تجاه الدولة وما هو متوقع من قبل الدولة تجاه الشباب لما دخلنا بتلك الأزمات بشكل مباشر”، واعتبر- في سياق الحديث عن مفهوم العقد الإجتماعي- أن الحاجة إلى هذا العقد تتأتى كنتيجةٍ للتحولات التي تشهدها المنطقة والداخل الأردن.  

وعن دور الحكومة بالانتقال لمرحلة العقد الإجتماعي، نوه أنه لن يكون بالدور السلس حيث “ستواجه الحكومة معوقات وصدمات وستجد أن أي مشروع جديد يواجه كل هذه الأزمات” – بحسب قوله-.

وأعرب الوزير عن اعتقاده بتحقيق الحكومة لنتائج مهمة، وذلك بالرغم من أنها خسرت من شعبيتها، وبالرغم أيضاً من تشكل انطباع عام بأن الحكومة لم تنجح في تحقيق الوعود التي طرحتها.

وقال: “أعتقد أن  الحكومة حققت على المدى البعيد نتائج مهمة بينها أن شرائح اجتماعية مُعينة وعريضة أدركت طبيعة المرحلة التي نمر بها”؛ مشيراً إلى وجود حالةٍ من الإدراك لما يُمكن أن تقدمه الحكومات خاصة بوجود الأزمات السياسية والإقتصادية.

ولفت إلى وجود (أو تنامي) خطاب جديد خاصة بالمحافظات لدى الشباب يدرك ما هو مطلوب منه وما هو الواقع المتاح، واعتبر أن العقد الإجتماعي الجديد بات ضرورة وليست ترفاً، لافتاً إلى أنه خيار دولة وليس خياراً حكومياً، بقوله: “إن الديناميكيات هي التي تقود لهذه المرحلة”.

الوزير قال: “نحن أمام خيارين إما الذهاب للعقد الاجتماعي الجديد أو القبول بالبقاء ضمن سياسة اطفاء الحرائق وترحيل الوقت وشرائه”.

** المشهد الثقافي: 

وتطرق الوزير إلى المشهد الثقافي، وقال: “إن هناك معاناة في القطاع الثقافي بما يشمل من فنون وأداب ومختلف الألوان والفروع الثقافية”؛ معتبراً أن هذه المعاناة تتمثل بعدم إدراكٍ حقيقيٍ وكبير من السياسات الرسمية لأهميته.

واستعرض الوزير جوانب الضعف الذي شاب العمل الثقافي، بقوله: “كان هنالك على الدوام تعامل مع وزارة الثقافة كوزارة ثانوية وليست رئيسية، وهذا انطباع أيضاً، تشكل لدى النخب المثقفة عن وزارتهم.”

ونوه إلى وجود اهمالٍ كبير خلال العقود الماضية من قبل المؤسسات الرسمية والحكومات لشريحة الفنانين والمثقفين والأدباء، معتبراً أن هذا الإهمال ارتبط بعدم الإدراك لأهمية النخب الثقافية بتشكيل القوة الناعمة للدولة.

ودعا الوزير إلى الإعتراف بهذه الحقيقة لتكون منطلقاً لرؤية الواقع الثقافي ووضعه الحالي، فيما أكد على أن وزارة الثقافة تعاملت مع الشأن الثقافي بالرغم من شح امكانياتها ومواردها.

وأوضح الوزير، بقوله: “إن الوزارة سعت لتوفير برامج لدعم المثقفين والهيئات الثقافية وضمن ما هو متاح وبأقصى الحدود”، معتبراً أنه كان هنالك اهتمام محصور بالدعم على حساب عملية الإبداع.

وبين أن آلية الدعم أدت إلى تقديمه إلى قوالب جامدة، أي أنه اقتصر على دعم هيئات وبرامج وشريحة بعينها، لافتاً إلى افرازات ذلك بقوله: ” إنه أدى إلى مشكلات أبرزها أن الوزارة ابتعدت عن دورها الوطني العام”.

وأوضح قائلاً:”إن هذه الآلية أدت إلى اقتصار الاهتمام على النخبة الثقافية، فيما لم يشمل الثقافة بمعناها الشمولي والمرتبط بالأبعاد الروحية والسياسية والمجتمعية”.

ونتيجةً لآلية الدعم المتبعة هذه، فإن الهيئات الثقافية انتشرت بصورةٍ عشوائيةٍ ووصلت إلى نحو (700) هيئة ثقافية دون وجود معايير دقيقة في تقييمها، قائلاً: “فتحولت وزارة الثقافة وكأنها داعم مادي وحسب”.

الوزير، دعا المثقفين والهيئات الثقافية إلى أن تتحمل مسؤوليتها أيضاً، في ضوء حديثه عن تقييم الواقع الثقافي، قائلاً: “هنالك فجوة بين المثقف والشارع، مثل فجوة الثقة والتنمية بين عمان والمحافظات”.

وأضاف: “إن النخبة الأردنية المثقفة التقليدية (أي الأجيال السابقة) تقوقعت على نفسها بدرجة كبيرة، وأصبحت لغة ورسالة المثقف مقتصرة على نطاقات معينة كالندوات والمؤتمرات، ولم يحاول المثقفون بناء علاقة تواصل وتأثير حقيقية بالشارع”.

وأشار إلى أن الفجوة اليوم باتت واضحة ما بين الأجيال السابقة من المثقفين والفنانين والحالية الشابة، والأخيرة ولدت خارج الأطر الرسمية من وزارة ثقافة ونقابات فنية وسواها، معتبراً أن هذا الأمر جاء نتيجة عدم شعور الجيل الحالي بوجود مساحةٍ له داخل هذه الأطر ليكون مُمثلاً فخلق أطره الخاصة.

ولفت الوزير إلى وجود حالة وصفها بالتشظي بعمل الهيئات الثقافية وعزوفها عن العمل بصورةٍ شبكية ومتصلة، قائلاً: “كل طرف يعمل وحده ولا يرغب بالتشبيك، وهذا أضعف من شأن الثقافة ولم يدعم فكرة أهمية تقويتها في المشهد العام”.

الوزير اعتبر أن هذه الحالة انعكست على موازنات الثقافة في “اللامركزية”، بقوله:”محافظتان لم تضعا أي مبلغ للأنشطة الثقافية، والمحافظات الأخرى وضعت مبالغ زهيدة”.

ونوه الوزير إلى أن هذا تعبير على أن المشكلة تتجاوز الحكومة المركزية وتصل إلى غياب الإدراك العام للقوى السياسية والإجتماعية لأهمية الثقافة.

وأكد على ضرورة أن يستطيع المثقفون بناء رأي وخطاب عام لكسب الدعم والتأييد لأهمية الثقافة ودورها بالمجتمع.

وفي سياق توضيحه لأسباب وجود نحو (700) هيئة ثقافية، لا تمثل كثير منها مثقفين حقيقيين ووجدت لتحصيل الدعم المادي أوالوجاهة الإجتماعية، قال الوزير: “إن الأمر مرتبط بقانون الجمعيات الذي يتيح تأسيس الجمعيات بشروط بسيطة، ويسمح بإيجاد وانتشار الهيئات الثقافية بشكل كبير، أي استسهال هذا الأمر، دون النظر إلى الكلفة التشغيلية والنفقات”.

وزاد: “بالاضافة، إلى وجود خطأ على وزارة الثقافة بالأعوام الماضية، في أن الدعم بات حقاً مكتسباً للهيئات”، لافتاً إلى أن “الوزارة” تسعى لتوجيه الدعم للأنشطة والبرامج الثقافية وليس للهيئات.

وأشار إلى أن هذه الهيئات هي بالنهاية مؤسسات أهلية ويجب أن تتلقى دعماً من المجتمع المحلي، والوزارة تدعم البرامج والأنشطة.

وأكد على جدوى توجيه الدعم للبرامج والأنشطة خاصة في ضوء تشابه أنشطة الهيئات الثقافية بذات المحافظة، وذلك وفي ضوء غياب مؤشرات للجدوى والأثر ونسبة المشاركين فيها.

وكشف عن توجه وزارة الثقافة إلى اصدار تعليمات تقضي بتوجيه الدعم إلى الأنشطة الثقافية وليس للهيئات نفسها، وأن تبني هذه التعليمات جاءت عقب دراسات مرتبطة بقياس الأثر والنتائج وحجم الفعالية، بالإضافة إلى التزام القائمين على الفعالية بأهدافها.

وبين أن التعليمات التي ستصدر قريباً، تتضمن اعادة النظر بالهيئات وستمنح الوزارة الحق بإغلاق الهيئات غير الفاعلة ودعم الهيئات المفعلة، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يقنن علاقة الوزارة بالهيئات الثقافية.

ونوه الوزير، إلى أن هذا التوجه سيلقى ما وصفه ب”الغضب” و “ردود فعل عنيفة” و “احتجاجات” من قبل بعض هيئات تنظر لدعم الوزارة على أنه حق مكتسب، معرباً عن أمله أن يدعم الرأي العام هذه التوجهات ليذهب الدعم بالإتجاه الصحيح.

وتطرق الوزير إلى الأفكار، التي ولدت سابقاً والتي سعت لحوكمة القطاع الثقافي مثل: صندوق الثقافة والمجلس الأعلى، وقال: “إنها أفكار رأت النور ولكنها اختفت”.

وبين أن هذه الأفكار ما زالت محل تفكير، وأن دراسات أجريت حول الإدارة الثقافية وتشريعاتها، فيما الوزارة تبحث عن شركاء، فالوزارة لا تحتكر العمل الثقافي ودورها أن تكون مُيسرةً له.

وقال إن ورشات عملٍ تعقد حالياً ستؤدي إلى ثورة كبيرة في السياسات الثقافية وإعادة ترسيمها، مبيناً أن صندوق الثقافة ما زال  مطروحا، بالإضافة إلى انشاء مجلس أعلى للثقافة والفنون.

وأشار إلى أن التمهل في ولادة هذه الأفكار حالياً حتى لا “تكرر التجارب وتفشل، بل نريد صيغاً تلقى الإستمرارية”.

الوزير، في حديثه، لفت إلى غياب المنتج الثقافي الإبداعي (محلياً)  وعدم “استدخاله” بصورة دقيقة بالسياسات الثقافية، “لذا فالتفكير هو بإيجاد شراكة ما بين وزارة الثقافة ومؤسسات أخرى تهتم بالإدارة والمنتجات الثقافية والإبداعية وتسويقها داخلياً وخارجياً”.

ودلل على غيابه بقوله: “عندما توجهت الحكومة إلى مؤتمر لندن مؤخراً، وأخذت على عاتقها تسويق المنتجات الأردنية لم نجد منتج ثقافي ابداعي”.

ودعا في ضوء هذا الطرح إلى اعادة تعريف الثقافة ضمن التطورات التكنولوجية، مؤكداً وجود قضايا بحاجة لنقاش ملحٍ على أن يشمل مؤسسات المجتمع المدني.

ورأى أن مشاريع المدن والألوية الثقافية حققت أهدافها حيث عملت على نقل الفعل الثقافي من عمان إلى المحافظات والآن من القصبات إلى الألوية، وبتنافسية شديدة بينها.

وأشار إلى وجود حاجةٍ إلى تطوير وتحسين مشروع الألوية الثقافية بعدم حصر الفعل الثقافي على اللواء نفسه، مبيناً أن جزءاً من فعاليات الألوية الثقافية ستنضوي تحت فعاليات مهرجان جرش للعام الحالي، بالإضافة إلى ادخال الموسيقى والفن البديل ضمن نشاطاتها.

وعن الأدوار التي تقوم بها وزارة الثقافة بالتعاون مع الشباب، قال الوزير، إن التركيز بدأ على الطاقات الشبابية الفنية، وبات هناك تركيز على الطاقات الشبابية والفنية.

وأشار إلى أن مركز تدريب الفنون في وزارة الثقافة بات معهداً  وجهز كمبنى كامل وكبير، وتم زيادة عدد المدرسين ومكافآتهم، فيما ارتفع عدد المتدربين من 400 إلى 1000 منتفع.

** المشهد الشبابي: 

وقال إن الطاقات الشبابية الفنية تحظى اليوم بإهتمام وزارة الشباب حيث تم مبادرات شبابية متعلقة بالفنون بإربد وبالزرقاء، وتم الاتفاق مع مجموعة من الشباب الفنانين على تدريبهم  في مدينة الأمير محمد من خلال وزارة الثقافة، لغاية فتح المراكز الشبابية والمسارح أمامهم.

كما تم توطين مبادرة متعلقة بتدريب الفنون بعمان، منوهاً إلى أن ذلك  سيسهم بمأسستها ضمن منشآت وزارة الشباب فيما تتلقى التدريب من خلال كوادر وزارة الثقافة.

وقال إن هذا التشبيك (الشراكة) بين الوزارتين والطاقات الشبابية سيؤدي إلى ولادة جيل يهتم بالفن، مؤكداً على أهميته في ضوء مُلاحظة التسرع بإعلان ولادة الفنان أو المخرج المسرحي.

واعتبر أن هذه الظاهرة ولدت لغياب تقاليد التأهيل الفني ولإستسهال أن يكون الشاب ممثلاً أو مخرجاً، معولاً على هذه المأسسة بردم الفجوة.

وأشار إلى أن معهد تدريب الفنون ستتوسع أنشطته لتشمل محافظات أخرى كعمان والزرقاء وإربد، بالإضافة إلى أنه سيقدم شهاداتٍ معتمدةٍ وضمن منهج تدريس واضح.

وتطرق الوزير إلى ما طرح مؤخراً من مفهوم الأكاديميات السياسية، قائلاً: إنه مشروع مرتبط بوزارتي الشباب والشؤون السياسية، ويهدف إلى افراز قيادات سياسية شابة.

وتوقع أن يبدأ عمل الأكاديميات السياسية خلال أيام قليلة.

وعن أسباب التأخير في بدأ عملها، قال: “إن السبب مادي، والوزارة خصصت مؤخراً مبالغ لها، وخلال الأشهر المقبلة ستأخذ الأكاديميات صدى كبير”.

وقال إنها مشروع شبابي بحت يقوم عليه الشباب فيما دور وزارة الشباب اقتصر على أنها مظلة تدعم الفكرة لوجستياً ومالياً، فيما تسعى الوزارة إلى تحويل كل مركز شبابي لمركز تدريب سياسي وتوفير قاعدة بيانات لمساعدة القائمين على المشروع.

وحول موقع وزارة الشباب من هموم البطالة، والتي تتصدر أولويات الحكومة، قال الوزير: “إن البطالة همٌ رئيسي بالأردن ودور وزارة الشباب يأتي  بصورة غير مباشرة:.

وأوضح قائلاً: “إن من أدوار وزارة الشباب شرح التحولات المهمة الاقتصادية والسياسية وفي القطاعات الاقتصادية وما هو متوقع ومطلوب من الشباب وما هو مطلوب من الدولة، بالإضافة على العمل على تكسير الجدران الثقافية بين الشباب والعمل”.

وكشف عن توقيع وزارة الشباب لإتفاقيات مع الجامعات لأجل استحداث مراكز شبابية داخل حرمها، مبيناً أن الهدف هو تحقيق رسالة وزارة الشباب.

وقال إنه جرى توقيع اتفاقيات لإنشاء مراكز شبابية في الجامعة الهاشمية، كما تم الإتفاق بشكلٍ مماثلٍ مع “الأردنية” و”مؤتة”و”العلوم الاسلامية”.

الوزير، تطرق إلى ما تم تداوله إعلامياً عن وجود  مركز شبابي بإربد مغلق خلال زيارة للوزير وضمن ساعات الدوام الرسمي، وقال: “المشكلة ليست بالعاملين بل بالموقع البعيد والذي يحول دون الوصول إليه (..)”.

وأكد أنه جرى صيانة المركز وتطويره، وتوطين مبادرة شبابية فنية فيه ضمت ما يزيد عن 100 فنان، وسيكون مساحة للشباب لعرض انتاجهم الفني خلال الفترة المقبلة.





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق