زياد خازر المجالي يكتب عن الصحافة: أي تاج ترتدين؟

** المجالي : على كل صحفي وطني ملتزم، أن يشعر انه وزير إعلام 

 صاحبة الجلالة ” الصحافة “, تحيةً وبعد، فاكتب إليك من خلالك ممثلة بالصحيفة الإلكترونية (هلا أخبار) وأعلم أن ثورة التكنولوجيا نقلت العديد من الصحافة من عالم الأوراق الى اثير الانترنت ، فبات كل الاعلام صاحب جلالةٍ لأنه صاحب صولةٍ وجولةٍ ، وفي أحايين عديدة يحكم او يساعد بالحكم بالكلمة الناعمة فيشعل الحروب او يبني أسس السلام والوئام .

وعندنا في الأردن – ولا أُلزم أحداً في تأييد تقييمي – فعندما غاب دور مجلس النواب قسراً بعد “نكسة” حزيران ، قمتِ بدورٍ جليلٍ ،  دور مجلس النواب الرقابي التوجيهي ، والذي تفوق على دور بعض النقابات في ذلك الوقت ، والتي – وآمل ان تعذرني – أعجبها ممارسة  دور المعارضة السياسية في الغالب ، ونسيت أحياناً دورها كنقابات مهنية ، خاصة عندما سمحت للأحزاب السياسية ان تستغلها  وتستخدمها في بعض الحالات بعيداً عن دورها الأصلي في رعاية وتنمية المهنة ومنتسبيها ورعاية حقوقهم والدفاع عنها. 

واجزم أيضاً ، ومن وجهة نظرٍ شخصية ان جلالتك ربما كان دورك الرقابي اهم من دور الاتحاد الوطني مطلع السبعينات ثم ساند  المجلس الوطني الاستشاري، ولَم يغب دورك البناء ما قبل وبعد نيسان/١٩٨٩.

 وخلال العقود الثلاث الماضيه كان من الواضح ان التطور التقني الهائل والمتسارع لا بد له ان يمثل اشكالية ليس فقط امام الدور التقليدي للصحافة خاصة والإعلام بشكل عام، وإنما أيضاً لجميع المتلقين أفراداً وجماعاتٍ وحكومات. فمن يحمل هاتفاً ذكياً هو – إن رغب – يصبح مندوباً لتلفزيون ، وناقلاً مباشراً لحدثٍ ما يبصره على الطبيعة وعلى طريقته، وبخلاف الصورة، والصوت، فكل فرد يستطيع ان يحيل صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الى منصةٍ  يحمّلها ما يشاء ، فيتناقل الحمل آلاف وربما ملايين الأفراد، وبذلك اختل الميزان وضعفت مواصفات – وربما مصداقية –ودور السلطة الرابعة.

 لكنك يا صا حبة الجلالة انت الأصل ولك أصولك وفنونك ورسالتك السامية، ولك قواعد ومدونات سلوك متعارف عليها دولياً، والأصل انك تبنين ولا تهدمين، وتنقلين الحقيقة والعدل، وتخدمين مصالح المجتمع، ولكن، وعندما يصبح بعض الأفراد وسائل إعلام متنقلة يخدمون وسائل التواصل الاجتماعي او بعض الصحافة ((الصفراء))  يضطرب الرأي العام بفعل مدخلات غير موزونة، سواء كانت بفعل جهلٍ، او عن قصد للتأثير السلبي على صلابة المجتمعات وتدمير روحها لأغراض أطراف معادية. وهنا تحديداً يستطيع الفرد في المجتمع أن ينجح في الامتحان، فيكون مواطناً صالحاً ورافعة في بناء الوطن، او ينظم الى (الطابور الخامس) فيبث السم في جسد وطنه عن جهلٍ ،او قصدٍ لا سمح الله.

لا أناقش هنا قوانين او مشاريع قوانين تهدف حماية حقوق الأفراد وتحميهم من تزويرٍ يهدف (حرق الشخصية)، ولست من دعاة تكميم الأفواه، وإلا كنت ممن يدعون الصحافة الى التخلي عن عرشها التقليدي، ولكني وان كنت أتمنى لها ان تحتفظ باخلاق واهداف الملوك في خدمة الحقيقة والإنسانية بشكل عام، فإني أتوقع منها وفِي خضم هذه الثورة التقنية، ان تعيد حساباتها وتدرس واقع المستجدات لتلفظ الغث، وتحافظ على رسالتها حتى وان انتقلت من الأوراق الى التقنية الرقمية. وربما أن على نقابة الصحفيين ان تكثف الندوات وان يبحث جسم الصحافة ذاته، طبيعة آلامه وآماله، والأهم : الدور الوطني المنوط به.

وفِي اردن اليوم تزداد المسؤولية على الصحافة، فهي لا بد لها ان تكون رافعة بناء وتتصدى لمعاول الهدم، وان تبصر  ما يحاك لصمود هذا الوطن العزيز ووحدته الوطنية، فتقوم بدورٍ يحسبه التاريخ لها كما الدور الذي قامت به بعد عام ١٩٦٧. فالظروف الاقتصادية والسياسية المحيطة بنا يجب ان لا تكون سبباً في تشتت الجهود، أو مدخلاً لمن يريد الاصطياد في الماء العكر…

في لحظة ما، على كل صحفي وطني ملتزم، أن يشعر انه وزير إعلام ، وحتى رئيس وزراء، ويقوم بالمهمة الجليلة التى تحمي الوطن وتشكل الرأي العام الناصع الملتحم مع قيادته الهاشمية التاريخية الملتزمة نهضة الأمه، وشحذ همم الشباب من اجل المساهمة في بناء اردن الغد الأفضل .

 هنا، والآن، موعد ارتداء تاجك المرصع الأبهى، والذي يوحد الأمة نحو الهدف الأسمى.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق