“غضبة” حزبية متفرقة على “نظام التمويل”، والحكومة ترفض فكرة “المبلغ الثابت”

هلا أخبار – سامر العبادي – يتضح من ردود فعل عدد من الأحزاب حول نظام التمويل أنها غير موحّدة، فكل حزب يرفض فقرة هنا أو مادة هناك، ما ينتج عنه رفض يوحي بأنه جماعي لعدد من الأحزاب.
على صعيد الحكومة فإنها تعي تماماً أن كل حزب قد لا تعجبه مادة أو فقرة لكنها سعت إلى فرض نظام يتخذ الممارسات العالمية سبيلاً – وفق وجهة نظر مسؤولين-، حيث توجد 112 دولة العالم لديها أحكام للتمويل العام وأن المعيار الرئيس فيها هو الانتخابات.
الحكومة ترفض تماماً فكرة سعي بعض الأحزاب للحصول على مبلغ ثابت كسقف أدنى (15 ألف دينار) والتي تطالب بها بعض الأحزاب، لكنها تؤكد أنها سهّلت الحصول على ذلك السقف من خلال عدد مقاعد الحزب الواحد في البرلمان.
تبدي الحكومة اهتماماً بفكرة أساسية تتمثل بأن الأسمى ليس النظر إلى الاتهامات التي تطلق بأن النظام ستقضي على الأحزاب، فالموضوع ليس بالكثرة بل بتأثيرها وهو الهدف الرئيس.
وتستغرب أوساط حكومية من رفض بعض الأحزاب للاشتراكات الشهرية والتي تراها مرهقة برغم أن الحديث يدور عن اشتراك دينارين شهرياً، وعليه فإن النظام سيمنح تمويلاً معيناً لقاء الالتزام بالاشتراكات، وكذلك سيمنح مبلغاً للحزب الذي يجري كل سنتين انتخابات وهو أمر جوازي لكل حزب، فإن فعل ذلك يحوز على أفضلية في الدعم.
وهنالك أحزاب ترفض وضع سقف للمقاعد في البرلمان، فيما تعتقد الحكومة أنها لن تؤطر لفكرة تكاثر الأحزاب على حساب قوتها وتأثيرها، وتبرر إصرارها بالتأكيد على أن التمويل للحزب الواحد قد يصل إلى 75 ألف دينار بمعنى أنه أكثر من التمويل الحالي، لكن على كل حزب إذا أراد أن يصل لهذا السقف أن يطور من نفسه ويلتزم بالمسارات التي تؤهله للحصول على كامل النقاط التي حددها النظام.
وترفض الحكومة فكرة أحزاب الأفراد والتي ازدادت عددها في الفترة الماضية على حساب النوعية، حيث وصل عدد الأحزاب إلى نحو 49 حزباً فيما يوجد نحو 18 حزباً تنتظر الترخيص، فيما لا يوجد ممثلون عن أحزاب تحت قبة البرلمان سوى لحزبين.
ويعتقد مسؤولون أن النظام الذي أٌقرّ عام 2007 نتج عنه هذا الازدياد في عدد الأحزاب، بينما تمتاز بشكل عام بقلة الفاعلية والأداء السياسي، ولا يرى مسؤولون أن المعايير الحالية للتمويل موضوعية ولا توجد منهجية واضحة ولا تطور الحياة الحزبية ومعظمها لم تنعكس ايجاباً على واقع المشاركة السياسية والحضور الحزبي لدى الجماهير.
وتؤكد الحكومة مراراً أنه لم يتم التراجع عن التمويل، ولم يتم تقليل المبالغ، وإنما تغيرت المعايير والأسس التي على أساسها سيتم توزيع الدعم، وأهمها الدعم على المشاركة في الانتخابات ونتائجها فبعض الأحزاب قد يزيد تمويلها عما هو معمول به حالياً.
ونظام التمويل الجديد، يؤكد أن الأحزاب هي أساس العمل السياسي، ووظيفتها الرئيسية هي المشاركة في الانتخابات، وهي رسالة للرأي العام وجمهور الناخبين أن الدعم سيقدم للمرشحين الحزبيين.
وترى الحكومة أنه عندما يكون عدد الأحزاب كبيراً، تبرز الحاجة لوضع معايير وأسس للتمويل ومؤشرات تتنافس على أساسها الأحزاب حتى يتم الحكم على فاعليتها.
كما تعتقد أن تقديم الدعم على أساس عدد الفروع وعدد الأعضاء، لم يثبت فاعليته، وكانت النتيجة التكاثر الكمي على حساب الحضور النوعي الفاعل.
وفي التجارب العالمية فإن الأنظمة لا تقدم دعماً، ولا تتعامل سياسياً إلا مع الأحزاب الممثلة في البرلمان (أمريكا، بريطانيا، اسبانيا، المانيا، النمسا، ايطاليا)، وفي الدول العربية، المغرب مثلاً، يتم التمويل للحملات الانتخابية والقوائم التي لا تحصل على 3% من عدد الأصوات تقوم بسداد المساعدة، والجزء الآخر من التمويل على أساس النتائج.
وإن نظام التمويل الحالي يجعل بعض الأحزاب الدفاع من أجل المحافظة على المعايير الحالية التي تراها الحكومة غير موضوعية في العمل الحزبي، كعدد الأعضاء والفروع والصرف على القضايا التشغيلية للحصول على الدعم بعيداً عن الأصل السياسي للحزب وفلسفة وجوده ووظيفته.
وتشير المقترحات والاعتراضات التي قدمتها معظم الأحزاب إلى أنها تتعلق بالأرقام ولم يتم الاختلاف على المعايير أو المبادئ التي على أساسها سيتم تقديم الدعم، وفق رأي مسؤولين -، بينما تم الأخذ بمقترحات قدمتها الأحزاب ومنها: الإعلام الحزبي من صحف ومطبوعات او موقع إلكتروني، كما تمت الموافقة على مقترح الأحزاب بوجود فترة انتقالية لتطبيق النظام المقترح والدعم على أساس الاشتراكات.
كما أن هنالك نقطة تتمسك بها الحكومة والتي يجب التأكيد عليها، وهو أن النظام هو نظام مساهمة، ولا يمكن أن تقوم الحكومة بتمويل كافة نشاطات الأحزاب من الخزينة العامة.
وجاءت الأسباب الموجبة والبيانات التشريعية لمشروع نظام المساهمة في دعم الأحزاب لعام 2019، بهدف تمكين الاحزاب السياسية المرخصة وفق أحكام القانون، والقيام بدورها الأساسي على أساس المواطنة والمساواة والالتزام بالديمقراطية والتعددية السياسية وذلك من خلال مساهمة مالية مقدمة من أموال الخزينة للأحزاب.
ويأتي لضمان المشاركة الفاعلة للأحزاب في الحياة السياسية العامة والمشاركة في الانتخابات التي تجري في المملكة بأنواعها المختلفة من خلال المساهمة المالية.
وكذلك تحديد مقدار المساهمة المالية بمبالغ محددة وفق المعايير والممارسات العالمية ومرتبطة بنشاط الحزب السياسي وحضوره في كافة مجالات العمل السياسي وخصوصاً الانتخابات.
وتهدف الأسباب الوجبة إلى تعزيز الشفافية من خلال تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة للحفاظ على المال العام. وتقديم الوثائق التي تثبت كيفية صرف المبالغ المقدمة له كمساهمة من الخزينة، وتعزيز الحاكمية الرشيدة وترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة من خلال الدور الرقابي لديوان المحاسبة على المال العام للتثبت من سلامة إنفاق المساهمة المالية.
ويستند النظام إلى المادة 28 من قانون الأحزاب السياسية رقم 39 لسنة 2015، فيما ينظر إلى الأثر المالي ضمن الأسباب الموجبة.