المجالي يكتب: حُزم الرزاز بين المأمول والممنوع

هلا أخبار – فادي المجالي * – لماذا يتضاءل حلم كل أردني مع اشراقةِ كل صباح في وطنٍ يزدهر اقتصاده وتتوفر فيه فرص العمل ويرتفع فيه دخل الفرد وينطلق فيه الشباب للعمل والإبداع؟!

مع اشراقة كل صباح هل أضحت هذه الآمال مجرد وهم ؟! ليحل محلها الإحباط والسوداوية والتشاؤم (أتساءل آسفاً وأنا المؤمن بضرورة التفاؤل مهما اشتدت الصعاب).

حقيقة إن حزم اليوم هي أفضل من واقع الأمس، ولكنها بالمطلق ليست ما يمكن أن يُعوُّل عليه لإنقاذ الاقتصاد من حالة الركود وتحفيز المستثمرين وفتح شهيتهم نحو مزيدٍ من الاستثمارات وخلق فرص عمل لشعبٍ ناهزت نسب البطالة فيه العشرين بالمئة ذكوراً والأربعين بالمئة إناثاً.

بالنظر للحزم التي طرحتها الحكومة مؤخراً، لعل أهمها وأنجعها على الإطلاق هي حزمة تحفيز الاستثمار، فالحديث عن تثبيت الحوافز عند تأسيس الاستثمار لمدة 10 سنوات أو أكثر حسب القطاع أمرٌ بالغ الأهمية ويطمئن المستثمر على مستقبل أعماله وحول تأسيس وحدة لمتابعة قضايا المستثمرين تفعيلاً لنظام التظلّم فلا بد أن تتنبه الحكومة لقانونية هذا القرار بحيث يأخذ قرار وحدة التظلم (صفة الإلزام) وهو ما من شأنه أن يجنب المستثمرين طول الإجراءات القضائية.

ولعل أهم ما جاء في هذه الحزمة هو  تفعيل قانون الإعسار بما يمنح المستثمرين المتعثرين فرصة للاستمرار والتعافي، والحجز التحفظي الصادر عن الجهات الإدارية (دائرة الجمارك، دائرة ضريبة الدخل ومؤسسة الضمان الاجتماعي) بحيث يقتصر الحجز على قيمة المطالبة لتلك الجهات، وبلا شك أن هذه تطورات إيجابية وبالغة الأهمية.

ولأن تشغيل الأردنيين وخفض نسب البطالة بين شبابنا أصبح أكبر تحدياتنا فعلى القطاع الخاص أن يلتفت ويلتقط سريعاً مبادرة تحفيز توظيف الأردنيين والتي قدمت  240 ديناراً سنوياً عن كل عامل أردني يتمّ تشغيله بدلاً من العامل الوافد، وتوفير تأمين صحي حكومي للعامل الأردني الجديد وعائلته، على ان توضح الحكومة  (الأسس المحددة التي تحدثت عنها في هذا الجانب).

أما الحزمة التحفيزية الخاصة بدفع رديات ضريبية للمصدرين فلم ترق للمستوى المأمول لا من حيث حجم الرديات ولا من حيث استثنائها لقطاعات هامة كالتعدين والملابس والأدوية، حالها في ذلك حال  حزمة تخفيض كلف الطاقة التي باتت تشكل أكبر تهديد لواقع الصناعة في الأردن.

فجاءت هاتان الحزمتان وردائتهما لتعززا التساؤل في الشارع الأردني حول ملفي الطاقة والضريبة، وهل هما من الملفات التي يحظر الحديث عنهما ويمنع تقديم تنازلات حقيقية تقود إلى تحفيز السوق وتحريك عجلة الاقتصاد!!

وفي الحديث عن حزمة الاجراءات الخاصة بسوق العقار والاسكان فلا بد من اتخاذ قرار سريع من الحكومة بتمديد أجل هذه الحزمة بما يفسح المجال أمام المواطنين والمستثمرين على حدٍ سواء لدراسة قرارت الشراء وبناء مراكزهم الاستثمارية و دراسة سوق العقار والفرص المتاحة وإمكانية ترويجها محلياً وخارجياً من وسطاء العقار والمهتمين في هذا المجال، لا أن تكون مجرد قراراً روتينياً مكرراً تتخذه الحكومة في نهاية كل عام لرفد خزينتها وتخفيف ما أمكن من عجزها.

لقد أهملت الحزم الحكومية تماماً السوق المالية في الأردن (سوق عمان المالي) تلك السوق التي تعكس حجم الثقة في المناخ الاستثماري الأردني.

إذن لا بد من  تطوير وتعميق مؤسسات القطاع المالي، وتطوير السوق المالية في الأردن، ولا بد أن تستهدف الاْردن الوصول لمركز متقدم بين أسواق المال العالمية.

ولتحقيق ذلك لا بد من تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير سوق مالية متقدمة، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي ورفع جاذبية السوق المالية أمام المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب عن طريق عدد من المبادرات التي من شأنها تنويع المنتجات الاستثمارية وتطوير الجوانب التشريعية، ودعم جهود تخصيص بعض الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية وبعض المرافق المملوكة للدولة، وذلك من خلال الاكتتاب العام الأولي الذي سيساهم في تعميق السوق المالية، ورفع مستوى الخدمات وكفاءة الإنفاق، ويجب أن نشجع تعزيز وتمكين التخطيط المالي على جانبي الطلب والعرض لتحسين منظومة الادخار في المملكة، من خلال توفير شبكة متنوعة من المنتجات والبرامج الادخارية الجذابة والآمنة، بالإضافة إلى زيادة الوعي والثقافة المالية والتخطيط المالي، وبالتالي تشجيع البنوك على طرح منتجات ادخارية متنوعة لعدد أكبر من عملائها.

كما اهملت مبادرة الحزم الحكومية، ويا للأسف النظر للمؤسسات الصغيرة وريادي الأعمال، وهنا لا بدّ أن تطلق الحكومة بالتعاون (الجاد) مع القطاع الخاص (مبادرة المستثمر الجريء ) لتحفيز التمويل الرأسمالي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادي الأعمال، وتعزيز سبل الاستثمار في المنشآت الناشئة خلال مراحل نموها المختلفة، وتنويعها في مختلف القطاعات لا سيما الزراعية بالدرجة الأولى ثم الصناعية وتكنولوجيا المعلومات واستغلال القدرات المحلية من خلال الاستثمار في الشركات في المراحل المبكرة ومراحل النمو بهدف خلق عوائد مالية للمستثمرين وتحقيق عوائد استراتيجية تخدم نمو الاقتصاد في وطننا الحبيب تحقيقا لتطلعات سيد البلاد وتحقيقا لآمال هذا الشعب العظيم الذي صبر وتحمل ما تنوء عن حملِه الجبال، حفظ الله الاردن وحفظه قيادته وشعبه الأمين وكل مخلصٍ يعمل بصدق للحفاظ على الوطن الغالي.

*رئيس مجلس ادارة جمعية سيدات ورجال الاعمال الاردنيين المغتربين






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق