العجارمة يكتب: مراجعات دستورية

هلا أخبار – قدم رئيس ديوان التشريع والرأي السابق نوفان العجارمة، جملة من الملاحظات بشأن الصياغة القانونية للتعديلات الدستورية لسنة 2011م.

ورأى في مداخلة له عبر صفحته على “فيسبوك” مساء الجمعة أن مشروع تعديل الدستور الذي تقدمت به الحكومة كان متقدماً في صياغته الفنية على ما أقرّه مجلس الأمة.

وأشار إلى أن بعض النصوص صيغت- من قبل مجلس الأمة- بطريقة لا تخلو من الغموض.

وتالياً نص ما كتبه العجارمة:

مراجعات دستورية (3): ملاحظات بشأن الصياغة القانونية للتعديلات الدستورية لسنة 2011م

بعد نقاش طويل خرجت التعديلات الدستورية لسنة 2011  إلى حيز الوجود، بعد إقرارها من مجلسي النواب والأعيان تم توشيحها بالإرادة الملكية السامية، وقد نشرت هذه التعديلات في الجريدة الرسمية في العدد رقم (5117) الصادر بتاريخ 1/10/2011م.

ولان النص الدستوري ليس كغيره من النصوص، فصياغة هذا النص تتطلب كتابة بطيئة، تؤدي إلى إيجاد نصوص جامعة مانعة، بعيدة عن الغموض، واضحة في عبارتها قاطعة في دلالتها، فالدستور منارة تسير على هديها جميع سلطات الدولة، فوضوح الرؤية تؤدي إلى سهولة الوصول إلى الهدف بكل  يسر.

وأقول – وبكل أمانة- إن مشروع تعديل الدستور الذي تقدمت به الحكومة كان متقدماً في صياغته الفنية على ما اقره مجلس الأمة،  وبعد التأمل في قراءة نصوص الدستور المعدل ، وجدت أن بعض النصوص صيغت- من قبل مجلس الأمة- بطريقة لا تخلو من الغموض، الأمر الذي دعاني إلى إفراد  الحديث في هذا المقال:

تنص المادة (42) : على (لا يلي منصب الوزارة، وما في حكمها إلا الأردني)، إن عبارة وما في حكمها جاءت غامضة غير واضحة، فهل المقصود من كان في حكم الوزير من حيث الراتب؟ أم من حيث طريقة التعيين؟ أم من حيث المهام و المسؤوليات؟ أم من حيث درجة الإرتباط مع رئيس الوزراء؟؟ الأمر الذي دفع بالحكومة- وقبل أن يجف حبر هذا التعديل- إلى طلب التفسير هذه المادة من المجلس العالي لتفسير الدستور، وقد أفتى المجلس (بموجب قراره رقم4/2011) بان هذه العبارة تعني الموظف الذي يعادل الوزير من حيث الرتبة والراتب.

إن عبارة (إثر صدور قرار الإحالة عن مجلس النواب) الواردة في المادة (57) من الدستور، جاءت زائدة ومن باب لزوم ما يلزم ، لأن المادة (56) من الدستور بينت أن مجلس النواب هو صاحب الولاية في إحالة الوزير إلى النيابة العامة .

إن دقة الصياغة التشريعية تحتم ذكر عبارة (دون غيرها) بعد عبارة (تختص المحكمة الدستورية) الواردة إلى الفقرة (1) من المادة (59) من الدستور بحيث يكون النص كالتالي: تختص المحكمة الدستورية دون غيرها…الخ ، والهدف من ذلك حتى نقفل باب الاجتهاد في مسالة تصدي المحاكم على اختلاف أنواعها لموضوع الرقابة على  دستورية القوانين بالإضافة إلى المحكمة الدستورية، لأن النص الدستوري لم يكن قاطعاً في دلالته، بحيث يقصر الاختصاص في الرقابة على دستورية القوانين على المحكمة الدستورية  دون غيرها .

 الفقرة (2) من المادة (60) من الدستور ذكرت عبارة (وعلى المحكمة أن وجدت أن الدفع جدي تحيله المحكمة التي يحددها القانون) إن عبارة (الدفع الجدي) عبارة غامضة غير محددة  المفهوم، فكل من يقدم دفعاً ويدفع عنه رسماً يعتبر دفعاً جدياً بنظر القانون ؟؟  ولكل من يقدم دفعاً ويتابع هذا الدفع يعتبر كذلك دفعا جدياً بنظر القانون؟؟ فهل هذا هو المقصود؟؟

النص الواردة في المادة (61/1/ج) من الدستور لم يساوي بين القضاة والمحامين، حيث تطلب خبرة في القاضي تصل إلى 25 عاما، في حين تطلب خبرة لدى المحامي تصل إلى 15 عاما؟  أيضا عبارة (ومن أحد المختصين) الواردة في تلك المادة يكتنفها نوعاً من الغموض، فهل المقصود أن يكون محامياً وبنفس الوقت من أحد المختصين الذين تنطبق عليهم شروط العضوية  في مجلس الأعيان؟؟  أم عبارة (أحد المختصين) مستقلة عن كلمة (المحامين)، وإذا كان هذا هو المقصود كان ينبغي أن يكون النص كالتالي:  المحاماة أومن أحد المختصين.

 إن (صيغة اليمين) الواردة في الفقرة (2) من المادة (61) من الدستور غير مستخدم في التشريعات الأردنية ولا حتى في الدستور الأردني، فصيغة اليمين التي وضعت لكي يحلفها قاضي المحكمة الدستورية منقولة حرفياً عن صيغة اليمن التي يحلفها الوزير (وفقا لأحكام المادة 43) من الدستور، مع أن  مهمة القاضي تختلف كثيراً عن مهمة الوزير؟

إضافة إلى ذلك تم ذكر عبارة (وأن اخدم الأمة) ولا أعرف ما المقصود بالأمة طالما أن المادة (1) من الدستور بينت أن (الشعب الأردني) جزء من الأمة العربية، فهل المقصود أن القاضي الدستوري يخدم الأمة العربية؟  وأخيراً، إن أهم أمر يجب أن يقسم عليه القاضي الدستوري هو أن يحكم بالعدل، وهذا الأمر كان غائباً – ومع كل أسف- عن القسم الدستوري.

تنص الفقرة (2) من المادة (67) من الدستور على ( تنشأ  بقانون هيئة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية النيابية وتديرها في كل مراحلها، كما تشرف على أي انتخابات أخرى يقررها مجلس الوزراء) هذا النص لم يكن محكماً في صياغته، لأن إدارة الانتخابات تستغرق وتشمل (عملية الإشراف)، فكلمة (تشرف) جاءت لغواً، إضافة إلى ذلك أن عبارة (كما تشرف على أي انتخابات أخرى يقررها مجلس الوزراء) جاءت عامة ومطلقة بحيث يوحي النص بان كل انتخابات يقررها مجلس الوزراء يجب أن تخضع لإشراف (الهيئة المستقلة)، أي أن سلطة مجلس الوزراء مقيدة وليست تقديرية، في حين كان الهدف من النص  منح مجلس الوزراء مرونته بحيث يقرر كل حالة على حدة، لذلك حسناً فعل المشرع الدستوري عندما تلافى هذا العيب في تعدل الدستور لسنة 2014  حيث اصبح نص الفقرة (2) من المادة (67) كالتالي : تنشأ بقانون هيئة مستقلة تدير الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقا لأحكام القانون، ولمجلس الوزراء تكليف الهيئة المستقلة بإدارة أي انتخابات أخرى أو الاشراف عليها بناء على طلب الجهة المخولة قانونا بإجراء تلك الانتخابات.

الفقرة (1) من المادة (71) من الدستور إنطوت على سوء صياغة وتكرار غير مبرر لعبارة (الدائرة الانتخابية)، الأصل أن تقول لكل ناخب أن يقدم طعنا… الخ.

الفقرة (2) من المادة (71) من الدستور إنطوت على سوء صياغة  فكلمة (أما) زائدة و لا مبرر لها، نقول : تقضي المحكمة برد الطعن …. الخ .

الفقرة (5) من المادة (71) من الدستور إنطوت على سوء صياغة، إذا كانت المحكمة تحدد هوية الفائز وفقا لمنطوق الفقرة (2) من تلك المادة، فلماذا تقوم المحكمة ببطلان الانتخابات في تلك الدائرة ؟؟ الأصل إذا شاب الانتخابات البطلان ولم تستطيع المحكمة أن تحدد هوية الفائز عندها تعطى المحكمة صلاحية إبطال الانتخابات.

الفقرة (3) من المادة (75) من الدستور إنطوت على سوء صياغة حيث جاء النص كالتالي : إذا حدثت أي حالة من حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة لأي عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أثناء عضويته أو ظهرت بعد انتخابه أو خالف أي عضو أحكام الفقرة (2) من هذه المادة تسقط عضويته حكما ويصبح محله شاغراً على أن يرفع القرار إذا كان صادراً من مجلس الأعيان إلى جلالة الملك لإقراره.

 والسؤال: إذا كانت العضوية تسقط حكما فهل هناك مبرر لصدور قرار عن مجلس الأعيان ؟؟  وإذا كانت عضوية العين تسقط حكماً بموجب الدستور فلمَ يرفع الأمر إلى جلالة الملك من اجل إقراره، فهل هل هناك سلطة تقديرية لجلالة الملك في مثل هذه الحالة ؟؟

إنطوت المادة (94) من الدستور على سوء صياغة حيث حدد النص الحالات التي تجيز للحكومة إصدار قوانين مؤقتة وهي (الكوارث العامة وحالة الحرب والطوارئ)، فكلمة الطوارئ  تستغرق (الكوارث العامة وحالة الحرب) فيتم عادة إعلان الطوارئ في حالة الكوارث العامة والحروب، كذلك وردت عبارة (لم يبت بها) والأصل أن نقول (لم يبت فيها) لأن الحديث عن القوانين.

الفقرة (1) من المادة (112) من الدستور إنطوت على سوء صياغة لأن كلمة (نفس) زائدة نقول (تسري عليها الأحكام المتعلقة) ولا نقول (تسري عليها نفس الأحكام المتعلقة).

تنص الفقرة (2) من المادة (128) من الدستور على : أن جميع القوانين والأنظمة وسائر الأعمال التشريعية المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية عند نفاذ هذا الدستور تبقى نافذة إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يصدر بمقتضاه، وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات) والسؤال : ثلاث سنوات من أي تاريخ ؟؟ متى تبدأ مدة الثلاث سنوات؟؟  أن دلالة العبارة تقول نفاذ أحكام هذا الدستور؟؟ ولكن كان ينبغي على مشرعنا الجليل أن لا يترك هذا الأمر للاجتهاد ؟؟






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق