في يوم حرية الصحافة

كتب: د. عبدالله الطوالبة

أمضيت في دراستها النظرية 10 أعوام في دولة عملاقة، تنهض رؤيتها للصحفي على أنه أديب يمارس مهنة الصحافة. مارستها فيما يعرف بلغتها الدارجة ب”مطبخ التحرير”، 26 عاماً و 26 يوماً، في صحيفة أردنية عريقة، محرراً وكاتب تحقيق صحفي ومقال وقصة قصيرة. وأخيراً، أُتيح لي تدريسها لمدة عام، في جامعة خاصة.

الصحافة من أنبل المهن. حتى تعبها لذيذ، لأنها ذات رسالة لا يعي أهميتها إلا من كابد شقاوة الحرف وعرف معنى السهر في محراب الكلمة.

تعددت كنياتها بدءاً بمهنة المتاعب، ومروراً بصاحبة الجلالة، وصولاً إلى السلطة الرابعة، مع أنني شخصياً لا أحبذ هذه الكنية الأخيرة. فلم يُتوافق عليها في الدساتير، وفيها تحديد لدور المهنة في سلطة، مع أنها أكبر من ذلك وأشمل. فهي عين المجتمع التي بها يرى، واذنه التي من خلالها يسمع، ولها دورها في صياغة وعيه وتشكيل ذوقه.

يخشاها الجبابرة عبر التاريخ. وتحسب لها الحكومات ألف حساب، حتى في الدول الديمقراطية.

ولا شيء يخيف المستبدين والفاسدين، في كل زمان ومكان، أكثر من القلم الحر في صحيفة حرة. وعليه، فقد تسابق هؤلاء عبر التاريخ، لاحتواء الصحافة واطفاء جذوة فاعليتها، بثالوث التدجين والترهيب والترغيب. من هنا يصح القول، أرِني صحافة قوم، أقُل لك من هم.

لا صحافة من دون حرية. فالثانية للأولى، كما الماء للسمك. ولا صحافة من دون صحفيين. ولكي يشرُف المرءُ بأن يستحق لقب صحفي، لا بد وأن تتوافر فيه شروط عدة برأيي المتواضع، من اهمها: الرغبة أولاً، والمهنية ثانياً، والثقافة ثالثاً وعاشراً. لا يمكن لغير المثقف ان يكون صحفياً، حتى لو قُيض له ممارسة المهنة او تدريسها. من هنا بالذات، يبدأ البحث عن كيفية تطوير أداء الصحافة والإعلام في أي بلد على سطح المعمورة.

في اليوم العالمي لحرية الصحافة، كل عام ومهنة التعب اللذيذ بخير. كل عام والصحفيون الصحفيون بخير.

 






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق