وصفات لمعالجة الخلل في مدنية الدولة

كتب: حسين الرواشدة

ما هي الوصفات التي يمكن من خلالها ان نعالج الخلل الذي أصاب «حركة» الدولة في صميم «مدنيتها»؟

الإجابة عنوانها «سيادة القانون»، وهذه السيادة تقتضي ترسيم العلاقة بين السلطات الحاكمة والتزام الحكومات والمؤسسات الرسمية بأدوارها التي حددها الدستور ثم يقظة المجتمع ايضاً.

فلا «مدنية» بدون إحساس الناس وقناعتهم بإن الدولة التي ينتمون اليها هي «للجميع»، باعتبارهم مواطنين فيها وليسوا رعايا.

ولا مدنية بدون وجود مشروع وطني بهوية جامعة يلتقي عليها الأردنيون من وحي إدراكهم ان هذا المشروع يمثلهم، وانه ضرورة لتحقيق أهدافهم ومطالبهم.

وهذا (المشروع) وطني وتاريخي بمعنى واحد، يستمد وطنيته من الانتماء للأردن الوطن، كما يستمد تاريخيته من اللحظة التاريخية التي تستوجب حسم الأسئلة المعلقة والمتعلقة بالهوية والمصالح والارتباطات والعلاقات، بإجابات واضحة لا تقبل اللبس، من اجل التأسيس لإصلاح سياسي حقيقي ينقلنا من دائرة الشك إلى اليقين ومن مجرد الإحساس بالخطر الى مواجهته فعلا.

في كل مرة تطرح فيها قضية ” المواطنة ” نكتشف أننا نوجه نقاشنا العام حول "نقاط" ملغومة وملتبسة ومستفزة، ونقع ضحية لتجاذبات "متطرفة" لها مصلحة في اذكاء حدة الصراع واستمراره بدل حله وتجاوز مطباته.

كما نكتشف بأن الاشكالية لا تتعلق بما يريده الناس وما يشغلهم من قضايا وهموم وانما تتعلق "بحسابات" النخب واشتباكاتها التي غالباً ما تعتمد منطق الاقصاء والحذف وتغيب عنها اخلاقيات الخصومة السياسية كما يغيب عنها التفكير – مجرد التفكير- بانتاج مشروع وطني جامع أو التأسيس "لجماعة وطنية" تستوعب الجميع ولا تترك لأحد أن يطرد الآخر من داخل دائرة"الملة" الوطنية او يقصيه عنها.

حان الوقت لكي يفكر الاردنيون جديا بالتوافق على مشروع وطني جامع يتوحدون حوله ويفرزون افضل ما لديهم لخدمة بلدهم، وهذه ليست مجرد امنية او رغبة وانما حاجة وضرورة ملحة ايضا.

تحتاج هذه الدعوة الى توضيح، فالمشروع المطلوب لا بد ان يستند الى "قضية" تشكل نقطة التقاء يجتمع الاردنيون عليها، واعتقد ان عنوان هذه القضية هو (الدولة) بكل ما تمثله من جوامع ومشتركات، وقيم ومصالح.

ثم انه يحتاج الى نخب وطنية تحمله وتتبناه ،وهذه النخب يمكن ان تتشكل من "كتلة تاريخية" تضع لها هدفا واحدا هو بناء الدولة الاردنية على اساس مدني ديمقراطي وفي اطار هوية واضحة ترفض التقسيم على الجغرافيا او الدين او الطائفة او القبيلة، واذا كان المجتمع هو المسؤول عن انتاج هذا المشروع وتحديد مضامينه واهدافه فان على الدولة ايضا باجهزتها المختلفة ان تحتضنه وترعاه وتنسجم معه في قراراتها وتشريعاتها المختلفة.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق