الأردنيون ليسوا عنصريين. ولكن ؟

كتب حسين الرواشدة

فيما مضى من "عمر" مجتمعنا، كان الاردنيون يعتبرون "الغريب" اي غريب، ضيفاً عليهم، ويتدافعون لخدمته وتقديم الواجب اليه، آنذاك كان يراودهم احساس "بدوي" بأن "قيمة" الكرم مثلا ضرورة توفر لهم الحماية والخدمة، قبل ان توفرها "للقادمين" او المارين عبرهم، وكانوا يعتقدون تبعا "للمخزون" الديني ان "ارضهم" هي ارض الحشد والرباط، وتبعا للمخزون "العربي" انها ملاذ "للاحرار" ومنطلق للتحرر، لكن مع تغير الظروف وتحول "الاحداث" اصبح "الاردني" اكثر انعزالة واكثر احساسا "بعقدة" الظلم وبعدم تقدير الآخرين له، وبالتالي تولدت لديه الرغبة بالدفاع عن "ذاته" والبحث عن مصالحه.

وردّ الاخطار التي يعتقد انها تهدد "وجوده"، وفي هذه اللحظة بالذات ومع موجة "الثورات" العربية التي اكملت "موسم" الهجرات المتتالية الى مجتمعنا، وكرست داخله الاحساس بحاجته الى استعادة كرامته وحضوره في المشهد الجديد، فهم البعض ان ما عبر عنه الاردنيون من دفاع عن "ذاتهم" وكرامتهم هو نوع من "العنصرية"، وهذا بالطبع فهم غير صحيح، حتى لو اعتبرنا ان "تصنيفات" التنوع، وحدة تداول "الهويات" وصراعات "الجغرافيا والديمغرافيا" التي جاءت في سياقات سياسية لا في سياقات اجتماعية هي جزء من وهم "العنصرية" او تهمة "التمييز".. مع انها في الحقيقة ليست اكثر من تعبير عن احساس بالخطر وتنبيه اليه.. ومحاولة لتحسين "الظروف" السياسية والاجتماعية التي افرزت ما لاحظناه من غضب ونزق احياناً.

استقيموا يرحمكم الله.

مشكلتنا ليست في مجتمعنا ، هذا الذي يسجل كل مرة افضل ما يمكن ان نتوقعه من صور التماسك والتوافق ،ويفرز كل يوم اجمل ما فينا من قيم الاخوة والنخوة والصبر، ولكن مشكلتنا في بعض النخب التي استقالت من فطرتها السليمة ، وانساقت الى العبث بنواميسنا الوطنية ، واستسلمت لصراعاتها وانحازت لمصالحها، واختارت ان تنام في « المقبرة» : تنبش رفات الاموات وتصدمنا بكوابيسها لتغتال احلامنا ، الواحد تلو الآخر.
الاردنيون كلهم: فلاحون ومعلمون، عمال وجنود، تجار ومهنيون وطلاب، فتحوا شرايينهم لكي ترتوي «شجرة» الوطن وتظل دائما باسقة،عضوا على فقرهم وجوعهم وتعبهم لكي يبقى الاردن سيدا عزيزا، تحملوا فساد الفاسدين ونهم الذين لا يملأ اعينهم الا التراب ،ليظل بلدهم واقفا ، ودولتهم قوية وامنهم صامدا امام جحافل الشطار والعيارين.

يا هذا الوطن الذي نحب، ابق فينا كما انت،حررنا من احقادنا وصراعاتنا ، من كذبنا وضلالاتنا ، يا هذا الوطن المجروح من اخطائنا علمنا كيف نواجه عقوقنا ونعود اليك كما يعود الابناء ان ضلوا الطريق الى ابائهم وامهاتهم معتذرين، يا هذا الوطن الصامد في وجه» العاديات : اقرا علينا سورة « العاديات» وافرد يديك لنبايعك من جديد ، وارفع صوتك فوق منابرنا : استقيموا يرحمكم الله.

نحن اليوم – ايها الوطن – احوج ما نكون اليك ، فحدق بنا لكي تنكسر العيون التي ما تزال تغمز فيك وفينا ، وقف امامنا لكي نصلي في المحاريب التي ترتقي بنا الى الله بلا واسطة، وتبدد منا هذه الوحشة التي اخذنا اليها من لا يخافون الله.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق