تداعيات كورونا تعيد ترتيب الأولويات والأنماط الحياتية

هلا أخبار – جاءت جائحة كورونا لتدق ساعة التغيير في حياتنا، فبالرغم من تداعياتها السلبية المتعددة إلا إنها كانت دافعاً لتحويل التحديات إلى فرص واستثمارات فأعاد الكثيرون برمجة حياتهم بأكملها، من خلال الانحياز للتفاؤل والتجدد والخروج من أزمة عصفت بمجمل مناحي الحياة.

معنيون قالوا إن الظروف التي فرضتها تداعيات الوباء، أعادت ترتيب الأولويات والأنماط الحياتية والسلوكيات لدى الفرد والمجتمع، ما شكل منعطفاً كبيراً في العادات والسلوكيات اليومية.

ويرى المستشار الأسري والتربوي الدكتور خليل الزيود، أنه ومنذ بداية انتشار الفيروس وبسبب ظروف الحظر التي رافقت ذلك، فقد توفرت الفرص للكثيرين للجلوس مع الآباء والأمهات والعائلة، فيما أن ظروف الحظر كان لها الأثر السلبي على البعض، مبيناً أن الأشخاص الذين تضرروا من تلك الظروف لم يفكروا باللجوء إلى المستشارين التربويين والأسريين بالشكل المطلوب لمساعدتهم على تجاوز تلك الأزمة.

من جهته، قال المتخصص في العلوم الإنسانية، الدكتور مهند الزامل، إن “وسائل الإعلام تبعث يومياً بتوصيات من شأنها الحفاظ على صحتنا في ظروف الجائحة”، مضيفاً أن “التباعد الاجتماعي المتبع احترازياً، رغم حاجتنا إليه للوقاية من المرض يتنافى مع الطبيعة البشرية باعتبار الإنسان عبارة عن كائن اتصالي، إلا أنه ومن خلال التواصل الإلكتروني تضيع التعابير الدقيقة للوجه والجسد “لغة الجسد”، غير أن ذلك الاتصال يعد أفضل كثيراً من عدم التواصل.

وأشار إلى أن مهارة المرونة النفسية تتيح لنا التعامل بسهولة أكبر مع الأزمات والمواقف الصعبة، وأن الحفاظ على عقلية مرنة وتحسينها سيكون مهارة حاسمة بالنسبة للناس لتكون بديلا عن الوقوع في اليأس والقلق المزمن.

ودعا الزامل إلى التقليل من التعرض للأخبار السلبية التي قد تؤدي إلى زيادة الإحساس بالهلع ووضع حد أقصى لمعرفة الأخبار عن تطور الفيروس، وليكن 30 دقيقة في اليوم، وضرورة الاستمرار بالحفاظ على الروتين اليومي، مثل الاستيقاظ في الموعد نفسه ومحاولة الفصل بين الالتزامات العائلية والعملية، اضافة لمحاولة تعلم هوايات جديدة أو أداء بعض المهمات المؤجلة واختيار الانحياز إلى التفاؤل.

بدوره، قال الأستاذ المساعد بعلم النفس في الجامعة الأردنية، الدكتور فراس الحبيس، أن كورونا أخذت من الكثيرين بعض الأمان النفسي إلى حد ما، خاصة الأشخاص الذين فقدوا أقرباء لهم، داعياً لطلب المساعدة النفسية من الآخرين، سواء من المقربين أو عبر العلاج السلوكي المعرفي، حيث من الممكن أن يتم ذلك من خلال الإنترنت.

ولفت إلى أهمية التعبير عن مشاعر الغضب أو الآلام النفسية والتحدث عنها، لأن الكبت قد يؤدي إلى الاكتئاب أو الأمراض النفسية التي قد لا تظهر آثارها في الحال، مؤكداً ضرورة ممارسة تمارين التأمل من خلال تطبيقات “الموبايل” أو ممارسة أي نوع من أنواع التمارين الرياضية في المنزل.

وحول الآثار الاقتصادية للجائحة، قال المتخصص بالشؤون الاقتصادية سلامة الدرعاوي، أن وباء كورونا إثر على قطاعات اقتصادية كثيرة والحق بها الخسائر، مثل المنشآت والمكاتب السياحية والنقل على سبيل المثال.

وأضاف أن الاقتصاد الوطني كان الأكثر تضرراً، حيث بلغت خسائره 100 مليون دينار يومياً، بسبب التعطل الكامل للكثير من المنشآت الحيوية خلال الحظر الذي امتد لأكثر من شهرين في عام 2020.

وأكد الدرعاوي، أن عملية التعطل تلك أدت الى تراجع الإيرادات بأكثر من 600 مليون دينار، مصحوبة بتوقف الدخل المتأتي من السياحة والاستثمار، مع جمود في عمليات الاقتراض الخارجي بالتزامن مع التزام الحكومة بكامل التزاماتها المالية الداخلية والخارجية معا. وأضاف أن الأثر الأكبر للجائحة يتمثل بوصول معدلات البطالة إلى ما نسبته 25 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، ما ينذر بخطر كبير يهدد أمن المجتمع، مذكراً بأهمية اللجوء للقطاع الخاص ليكون هو المشغل الرئيسي للأكاديميين المتعطلين عن العمل.

وبين أن قدرة الحكومة في التعاطي مع تداعيات كورونا اقتصاديا كانت متفاوتة من مؤسسة لأخرى، فهناك قطاعات نمت بشكل كبير وحققت زيادة في مبيعاتها وأرباحها وانشطتها المختلفة مثل الصناعات الغذائية والكيماوية والبلاستيكية والخدمات وغيرها، اذ خالفت كل التوقعات والانطباعات عن ادائها بأنها تراجعت مثل باقي القطاعات نتيجة تداعيات الجائحة.

وتابع الدرعاوي: “استطاع القطاع الصناعي الوصول إلى أسواق جديدة في العالم من خلال الفهم الحقيقي للأزمة وآثارها التي من المؤكد أنها ستستمر لأشهر طويلة، فارتأت تلك الهيئات والمؤسسات بإنتاج المعقمات والكمامات”، مبيناً أن كورونا دعمت عمليات الإصلاح الاقتصادي المنشودة من خلال الاستعداد للطوارئ والخطط طويلة المدى.(بترا)






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق