«خريجو الإعلام» أَولى

حسين الرواشدة

فرصة ثمينة جاءتنا على «طبق» التربية الإعلامية ‏التي تقرر إدراجها ضمن مناهج التدريس في مدارسنا (وجامعاتنا أيضا) لحل مشكلة المئات من خريجي الصحافة والإعلام العاطلين عن العمل، لكننا للأسف لم نلتقطها، بل وما زال بعض المسؤولين مصرين على إهدارها، مما يعني أننا سنخسر جودة التجربة مع وجود مدرسين متخصصين في هذا المجال، كما أننا سنخسر توظيف أبنائنا الذين ما زالوا ينتظرون في سوق البطالة أية فرصة للعمل.
‏أضم صوتي – بالطبع – إلى كل الذين طالبوا وزارة التربية والتعليم بفتح ما يلزم من «شواغر» لهؤلاء الخريجين، حتى وإن اعتمدت تدريب بعض المعلمين فيها لتدريس هذا المساق، يمكن هنا جدولة التعيينات لمدة ثلاث او خمس سنوات، بحيث نفتح «كوة» امل لمن يدرس الصحافة بالتوظيف معلما، بعد ان انسدت أمامه فرص العمل في المؤسسات الإعلامية.
‏فكرة التربية الإعلامية تبدو وجيهة، وهي تجربة جديدة أتمنى أن يتم التأسيس لها بشكل مدروس، وأن نتعلم من تجربة التربية الوطنية التي جرى تدريسها بشكل الزامي في جامعاتنا‏، واكتشفنا أننا أخطأنا أحيانا في تقديمها لطلابنا، لا على صعيد إعداد المنهاج المناسب، وإنما أيضا على صعيد من تولى تدريس هذه المادة، ومن قرر أن يحصرها في الإطار النظري، وهي أحوج ما تكون لمختبرات ميدانية تعمق قيمة الوطنية في أذهان طلبتنا.
‏قضية خريجي الصحافة والإعلام تذكرنا بواقع الصحافة والإعلام في بلدنا، وما طرأ على «المهنة» من تحولات واصابات، وعلى المؤسسات الصحفية من تهميش وتراجع في الاهتمام، كما تذكرنا بالدور الذي يجب أن تنهض به نقابة الصحفيين تجاه هؤلاء الخريجين، لا يجوز أبدا أن يُحرَم هؤلاء من الانتساب إلى نقاباتهم باي شكل، حتى لو تم تصنيفهم – قبل أن يكملوا شروط الانتساب – ‏كأعضاء غير عاملين مع ضمان حقوقهم المعنوية والمادية.
‏لدينا ست كليات وأقسام للإعلام والصحافة في جامعاتنا، كما ان لدينا معهدا للدراسات العليا (الماجستير) وهذه تشكل «بيوت» خبرة إعلامية يمكن الاستفادة منها، كما يفترض منها أن تدرس سوق العمل لخريجيها حين تقوم بتصميم مساقاتها التدريسية، وأن تؤهلهم بشكل عملي ومهني وأخلاقي للانخراط في مهنة الإعلام التي ندرك جميعا أنها تعاني من كثير من المشكلات والتحديات.
في موازاة «تربية» أبنائنا الطلبة في مجال الإعلام وتدريبهم على الوسائل والمناهج الصحيحة للتعامل مع ما يضخه من معلومات، وتوجيههم لتجنب الوقوع في «شباك» التضليل والاشاعات، ‏لا بد أيضا أن نسير في مسارين آخرين مهمين، الأول يتعلق بتحرير وسائل اعلامنا (والسوشال ميديا أيضا) من حالة الفوضى والإرتباك التي تعاني منها، ليس بالقوانين فقط، وإنما بإشاعة الوعي وتقديم النموذج الصالح والانفتاح على الناس، اما المسار الآخر فيتعلق بإيجاد قنوات مفتوحة بين الإعلام والمجتمع (الجامعة والمدرسة) وإناطة تدريس ما يتعلق بالإعلام بإعلاميين متخصصين، فدورة اعلامية او اكثر لا يمكن أن تؤهل معلما غير مختص بالإعلام لتدريس مادة «التربية الإعلامية» بحرفية واقتدار.

الدستور





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق