عشرينية تكافح تداعيات كورونا ببيع المشروبات في شوارع عمّان

هلا أخبار – وجدت أسيل إبراهيم نفسها في عمر صغير دون أب أو أم يعيلونها، فقرَّرت أن تعتمد على نفسها في العمل بعيداً عن التسول وسؤال الناس، وتنقلت بين المطاعم التي أغلقت أبوابها في وجهها بعد تفشي جائحة كورونا؛ وبين بائعة في شوارع العاصمة عمَّان، بيد أنَّ الامل ما زال يراودها في الاستقرار بمكان تكسب منه قوت يومها وسكنها.

فجراً، وعلى أحد شوارع العاصمة، اتخذت “أسيل” مكاناً بسيارتها الخاصة والتي تدفع قسطها شهرياً، وقد وضعت بصندوقها الخلفي أدوات صناعة المشروبات الساخنة، وبدأ توقف عدد من المارة بسياراتهم لشراء الشَّاي والقهوة والذين بدا أنهم يعرفونها جيداً من تعاملهم اليومي معها بعد 17 شهرًا من العمل في هذه المهنة.

تقول أسيل، “بعد أن تفشى فيروس كورونا في الأردن، وانقطع عملها في المطاعم، قرَّرت أن لا أجوع، وبدأت البيع بهذه الطريقة على الشَّارع، لأجمع يومياً نحو 10 دنانير، 8 منها أدخرها أجرة للمنزل والذي يصل إلى 120 ديناراً، وقسط السيارة التي تساعدني على العمل”.

“أمي تقولي آخر شيء رح أشوفك على تنك مي تشتغلي” تقول أسيل، وتضيف أن والديها منفصلان منذ أن كان عمرها 3 سنوات، ثم تزوجت والدتها، وغادرت هي وأخيها رعاية أمهما بعد سن 16 عامًا لظروف عائلية صعبة، لتبدأ رحلة العمل وعدم “عازة الناس” حسب وصفها.

وتشير إلى أنَّها تعمل يومياً منذ ساعات الفجر الأولى وحتى الساعة 12 ظهراً، ثم تعود إلى غرفتها، لا تغادرها إلى أي مكان سوى لزيارة أمها أو مع بعض صديقاتها، شريطة أن يكون الخروج بعيدا عن أيّ مكان فيه دفع نقود، لانَّها كما تقول “كل قرش له باب لا يمكن أن تتصرف به”.

وتؤكد أنَّ آخر مرة اشترت بها ملابس لنفسها كان قبل أكثر من عامين، فالحالة لا تسمح لها بالتفكير بالشراء أو التسوق، وأن كيلو الخبز يبقى لديها أكثر من أسبوعين.

وبينت أنَّها لا تشعر بأي حرج أو مضايقات من وقوفها على الشَّارع بل على العكس فإنَّ كل من يشتري منها يدعمها، ويؤكد لها أنّ عملها فخر لها ولهم وهذا ما خفف صعوبة الأمر عليها كفتاة وفي مقتبل العمر.

وتلفت إلى أنَّها أنهت دراسة الأول الثانوي ولا تفكر في إكمال دراستها بل تريد فرصة عمل لتعيش في ظل الظروف الاجتماعية والعائلية الصَّعبة، أو الحصول على مكان مستقر لبيع المشروبات السَّاخنة وبشكل يومي، فهي وصلت لسن 24 ربيعا ولا تعلم ما تخبئه لها الأيَّام.

ونوهت إلى أنَّها لم تلجأ إلى وزارة التنمية الاجتماعية او صندوق المعونة الوطنية او أي من الجمعيات الخيرية، فهي تعتقد جازمة انَّ لديها القدرة على العمل والإنتاج وتأمين نفسها بمصروفها اليومي.

وأكدت أنَّه وقبل أن تدخل أزمة كورونا كانت تعمل في المطاعم، وكانت تحصل على قوت يومها ويصل راتبها إلى 300 دينار وهو الأمر الذي مكنها من شراء سيارة بالتقسيط وتستأجر غرفة تقيم فيها مع أخيها الذي سافر للعمل في إحدى الدول العربية.

ولفتت إلى أنَّ شقيقها يساعدها ويقف إلى جانبها دائمًا، وكان خائفاً من عدم قدرتها على تحمل هذا العمل الطويل والشاق، والمضايقات التي قد تتعرض لها فتاة بهذا العمر، لكن تسير الأمور بخير مع وجود المبدأ الذي لا يعادله ثمن.

وأكدوا الزبائن أنَّهم يوميًا يأتون إلى هذا المكان ليشربوا من الشاي والقهوة التي تعدها “أسيل” دعماً لها حيث أنها لم تقبل أن تمد يدها لأي إنسان ولم تقف للتسول على الإشارات الضوئية.

يقول محمد الصَّالح والذي يبلغ من العمر 51 عاماً، إنَّ أسيل فريدة من نوعها، مبتسمة ومتزنة وأنَّه يسلك الطريق إلى عمله من شفا بدران إلى دوار الداخلية شريطة أن تكون نقطة المرور يوميا بها، ويأخذ منها كوبا من القهوة السَّادة.

وتقول هديل خالد والتي توقفت بمركبتها وترافقها شقيقتها، إنَّ “الشاي والقهوة من عند أسيل مختلفة جداً، واليوم كل الفتيات بهذا العمر يحتجن إلى الدعم والمساندة والوقوف إلى جانبهن مع الظروف الاقتصادية الصعبة جدا”.

وأظهر تقرير الربع الأول من عام 2021 حول معدل البطالة في الأردن والصَّادر عن دائرة الإحصاءات العامة ارتفاع نسبة البطالة بمقدار 0.3 بالمئة مقارنة مع الربع الرابع من العام الماضي، كما ارتفعت البطالة بين الذكور بمقدار 1.6 بالمئة، إلا أنَّها انخفضت بين الإناث، في حين ارتفعت قوة العمل بين الإناث وانضمت حوالي 14 ألف امرأة الى سوق العمل.

وأشارت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” على موقعها الإلكتروني إلى أن نسب البطالة في الأردن للربع الأول من عام 2021، شهدت انخفاضا بين الإناث لتصل إلى 5ر28 بالمئة، مقارنة مع الربع الرابع من عام 2020 والبالغة 8ر32 بالمئة للإناث، وبلغت نسبة قوة العمل بين النساء الأردنيات 14 بالمئة خلال الربع الأول من عام 2021 مقابل 7ر13 بالمئة خلال الربع الرابع من عام 2020 وشكلت تحسناً بمقدار 3ر0 بالمئة.

وبينت أنَّ الظروف الصعبة التي نشأت ولا تزال بسبب جائحة كورونا التي اجتاحت العالم منذ بداية العام 2020، لها آثار سلبية كبيرة على العاملين والعاملات بشكل عام، وعلى العاملين والعاملات في القطاع غير المنظم وعمال وعاملات المياومة بشكل خاص، كما أثرت على العديد من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، مما أدى إلى فقدان الوظائف وتعطل النشاط الاقتصادي بسبب الإجراءات الاحترازية التي فرضتها الدول لمكافحة الجائحة.

وتضيف تضامن أنَّ من بين كل 100 امرأة في الأردن فوق 15 عاماً هناك 86 امرأة غير نشيطة اقتصادياً و10 نساء عاملات و4 نساء يعانين من البطالة.

ودعت الجهات المعنية كافة إلى الأخذ بعين الاعتبار احتياجات النساء وضرورة إشراكهن وإدماجهن في أي سياسات أو خطط تنفيذية أو لجان تهدف إلى تنمية المحافظات وتقليل نسب البطالة والقضاء على جيوب الفقر.

بترا





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق