“المدن الضائعة”.. محاولات لفرض نظرية مغلوطة لها أبعاد دينية

ديار النبي لوط لغز مازال يُحير العلماء

هلا أخبار – ياسر مهيار – فند عالم آثار أردني ما نشرته مجلة دولية حول تحديد موقع المدن الضائعة “ديار قوم النبي لوط” في محافظة البلقاء بالقرب من غور الكفرين، بالاستناد إلى مجموعة من الباحثين الأجانب، مبينا أنه تضمن مغالطات تاريخية كبيرة لها أهداف وأبعاد دينية بحتة.

“المدن الضائعة” التي تُعتبر اللغز التاريخي الذي كان ومازال يُحير علماء الآثار، ستبقى محط اهتمام كبير من قبل المعنيين بالتاريخ، حيث استطاع علماء آثار أردنيين تحديد أهم مدينتين لها “سدوم وعامورة”.

“هلا أخبار” التي تابعت هذا الموضوع البالغ الأهمية، أخذت على عاتقها نشر الوثائق التاريخية عنه، كما ذهبت لأخذ رأي أحد أبرز علماء الآثار الأردنيين الذي أكد أن التقرير تضمن مغالطات تاريخية كبيرة و”فادحة” بحسب رأيه.

ووفق التقرير الذي خلى من مشاركة ووجود أي عالم أو باحث أردني: (عثر العلماء والباحثين خلال عمليات الحفر في مدينة تل الحمام القديمة -التي يتوقع أنها إحدى ديار النبي لوط عليه السلام-، على إثباتات تفيد بأن المدينة دمرت تماما في عام 1650 قبل الميلاد، نتيجة انفجار نيزك جليدي هائل فوقها).

ويقول عالم الآثار محمد وهيب لـ”هلا أخبار”، إن هذا التقرير غير صحيح ويحتوي على مغالطات تاريخية الهدف من ورائها تثبيت معلومات توراتية غير حقيقية، فموقع ديار قوم النبي لوط عليه السلام تم تحديده في مناطق الغور الصافي وليس كما ادعى التقرير.

وأضاف أن تاريخ منطقة تل الحمام الذي أشار إليها التقرير يرجع إلى 1650 عاما قبل الميلاد، في المقابل فإن المواقع التي أُعلن عنها واكتشفها العلماء في السابق يعود تاريخها إلى 3125 عاما قبل الميلاد، وهذا يُعتبر أول المغالطات التاريخية الكبيرة في التقرير الدولي.

وبين أن الدلائل الأثرية التي تم مناقشة بعضها سابقا والكشف عنها خلال الـ 50 عاماً الماضية تؤكد أن المواقع الأثرية المتواجدة في منطقة الشاطئ الشرقي للبحر الميت في منطقة غور الصافي وغور الذراع (الجزء الجنوبي) والنميره والنقع قرب البحر الميت كشفت عن تواجد بقايا قرى تاريخية تعود لقوم النبي لوط عليه السلام، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المواقع هذه ترجع إلى فترة العصر البرونزي المبكر ابتداء من الحقبة الأولى وحتى الرابعة.

وقال إن تاريخ دمار هذه المواقع والمدن والقرى والمقابر التابعة، متوافق تماما مع نتائج الدراسات الفلكية التي قامت بها إحدى علماء الآثار، خاصة مقابر باب الذراع ومقابر النقع وتل النميرة وفيفا وخنيزيره، الأمر الذي يذهب بنا للقول أن تلك البقايا الأثرية هي الأثر الذي ابقاه الله سبحانه وتعالى من تلك الديار أو “المؤتفكات” بحيث أبلغنا بذلك بوضوح تام وصريح.

وأضاف: هنا لا يخامرنا شك بوجود توافق في أن الدلائل الأثرية لدمار مدن وقرى قوم لوط تتفق تماما مع التقدير السابق الذكر والمبني على الحسابات الفلكية لرؤية سيدنا ابراهيم كسوف الشمس عام 2470 قبل الميلاد، وعليه نجد أن ما ذهب إليه خبراء الفلك وعلماء الآثار يتوافق مع نتائج المسوحات والتنقيبات الأثرية التي جرت في الأغوار الجنوبية خلال الأعوام الماضية، بحيث إن هذا التطابق يُساعد في فهم التفسيرات للآيات الواردة في الكتب المقدسة خاصة في القرآن الكريم.

وأكد وهيب أن من أبرز الدلائل التي تشير إلى اكتشاف ديار النبي لوط عليه السلام في الأغوار الجنوبية/ الأردن، هي الألواح الكتابية ومن أبرزها  “ألواح إيبلا / تل مارديخ” التي تم اكتشافها في شمال سوريا في مدينة إيبلا / تل مارديخ الأُثرية ما بين حماة وحلب، حيث كُشف عن حوالي عشرين ألف لوح طيني أرخت إلى نهاية العصر البرونزي المبكر الثالث 2300 قبل الميلادي، وتحتوي هذه الألواح على أسماء 290 موقعا من خلال رحلات التجار قبل عام 2300 قبل الميلاد، وأحد هذه الأسماء كان يشير الى سدوم والتي تم تعريفها على أنها تمثل باب الذراع، مشيرا إلى أن الباحثين ذهبوا في عام 1976 إلى القول أن الألواح تحتوي على أسماء المدن الخمسة المعروفة بديار لوط في الحوض الجنوبي من البحر الميت.

وأضاف أن هناك “الألواح الأكادية” التي ذكرت إحدى القصائد الأكادية ما يشير إلى دمار قد أصاب بعض المدن في الشرق ودمرها، وأن خبر دمار تلك المدن والقرى وحادثة الخسف قد انتشرت وشاعت في الشرق ووصلت إلى مناطق بعيدة من خلال قوافل التجارة حيث وصلت إلى بلاد الرافدين.

ويقول وهيب أن من أهم هذه الألواح هي “لوح نينوى” الذي كُتب باللغة السومرية، حيث بيّنت المصادر الكتابية المتعلقة بالأدلة على وجود ديار لوط، وجود لوح كتابي طيني موجود في المتحف البريطاني معروف بـ”Planisphere” ورقمه (K8538)، وقد تم اكتشافه في بقايا المكتبة الملكية في نينوى/ العراق وكتب بالخط الأشوري حوالي 700 عام قبل الميلاد وفي مضمونه عمل مرتبط بالفلك ويمثل رسم مجموعة نجوم.

ويشير وهيب إلى أن خلاصة نص اللوح أنه يمثل محاولة عالم نجوم سومري قبل 3123 عاما لرصد النجوم في السماء من خلال التوثيق، حيث أكد أن هناك كويكبا يبلغ قطره أكثر من كيلو متر ومداره قريب من مدارية الأرض واصطدم بالأرض وكان قد انفجر قبل اسطدامه، حيث إن تأثير هذا الحدث على الإنسان كان شديداً  ووصل تأثيره إلى ديار النبي لوط أو ما تعارف على تسميته مدينة سدوم وعاموراء، وقتل الكثيرون من الناس نتيجة هذا الحدث الكبير، وعليه فقد تم ربط ذلك الحدث بما جرى على الشاطئ الشرقي للبحر الميت من دمار وخراب وقتل ونيران مشتعلة.





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق