«الجمعة البيضاء».. هل حققت أهدافها؟

كتب: عوني الداوود

تجربة «الجمعة البيضاء»، كما نسميها أو كما هو اسمها لدى الغرب (BLACK FRIDAY) مختلفة من حيث ضروراتها ونتائجها من دولة وأخرى، وإن كان الجميع يسعون الى غاية واحدة تعود على التجار بمنافع البيع الوفير وعلى المستهلكين بمنافع الحصول على بضائع جيدة بأسعار «تنزيلات» تفضيلية في هذا اليوم من العام.

في الغرب تشكل الـ BLACK FRIDAY (الجمعة الاخيرة من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر) فرصة يتخلص فيها التجار من «الستوكات» المتكدسة في مخازنهم وبأسعار تحفز المستهلكين على الاقبال على الشراء خصوصا قبيل الاحتفالات بأعياد الميلاد «الكريسماس».

هذا العام 2021 تأتي المناسبة في ظل معاناة العالم من تبعات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، وتأتي في وقت تعاني فيه التجارة العالمية من مشاكل عدم انتظام سلاسل التوريد وشح البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وغيرها، الأمر الذي لم يعد «التخلص من البضائع في المخازن » هدفا، خصوصا في أسواقنا المحلية والتي يعاني فيها التجار من أمرين: الأول: ضعف الحركة الشرائية عموما، وثانيا: عدم قدرة كثيرين على الاستيراد للأسباب المذكورة أعلاه من مشاكل التوريد وارتفاع كلف الاستيراد .. وغيرها، وبالتالي فان هدف « الجمعة البيضاء » محليا هو تنشيط حركة البيع من خلال تخفيض الاسعار «التنزيلات»، ومن هنا لم يكن المردود كبيرا كما كان قبل جائحة كورونا (لا محليا ولا عالميا-باستثناء الصين)، وكان الاقبال الاكبر «محليا» على الاجهزة الالكترونية والهواتف الخلوية والماركات الاجنبية من الملابس والاحذية، ولذلك وبحسب مؤشرات حركة الاسواق يوم أمس الجمعة فقد كان الاقبال كبيرا في مناطق وضعيفا جدا في أخرى، وشهدت بعض المحلات الالكترونية «طوابير» انتظار خارجها!.

البارز في موضوع «الجمعة البيضاء» هذا العام محليا وعالميا بصورة أكبر، زيادة الاقبال على الشراء «الكترونيا – عبر الانترنت»، وهذه ظاهرة شجّعت عليها كثيرا تداعيات جائحة كورونا، وحرص كثيرين على تجنب الازدحامات في المتاجر، رغم شكوى كثير من المستهلكين من أن التسوق عبر الإنترنت قد يستغرق وقتًا طويلًا حتى يتم توصيل الطلبات.

السوق المحلية تعاني من ضعف القوة الشرائية، ونحن كما العالم سنواجه مشكلة «التضخم»، وفي البرامج الاقتصادية التي تستهدف التعافي الاقتصادي، يجتهد معظمها على تحفيز النشاط الاستهلاكي من أجل تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية عموما، للابقاء على الوظائف والنمو وحركة الاستيراد والتصدير، وحتى التصنيع خصوصا الصناعات المحلية، وفي مرحلة كورونا وتبعاتها فان هذه الاهداف تتطلب ابداعا في خلق أفكار تحفز المستهلكين على الشراء رغم كل الصعوبات، وهذا جهد لا تتحمله غرف التجارة والصناعة فقط بل يتطلب جهدا حكوميا من خلال كافة الجهات المعنية اضافة الى البنك المركزي والبنوك بتوفير سيولة في أيدي المواطنين والمؤسسات والشركات من خلال تيسير سبل الاقراض، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والاسراع بجعل السيولة الناجمة عن أرباح الشركات المساهمة والبنوك وغيرها هذا العام والتي تقدّر بأكثر من ( 800 مليون دينار ) في متناول المساهمين، لخلق سيولة تحرّك وتنشّط الاسواق.

«الجمعة البيضاء – أو – البلاك فرايدي» فكرة مهمة نجحت عالميا ومحليا بتحريك عجلة النشاط التجاري بصورة أو بأخرى، وكذلك نجحت (قبل جائحة كورونا) فكرة «شهر التسوّق » في كثير من الدول.

وفي مرحلة «التعافي» فإن الأسواق (محليا وعالميا) في أمسّ الحاجة لمزيد من الأفكار والمناسبات التي تنشّط الحركة الاقتصادية وجاهيا و«الكترونيا – عبر الانترنت »، وربما تكون هناك حاجة أيضا لأكثر من « جمعة بيضاء » خلال العام!.

الدستور






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق