موازنة 2022: مؤشرات عامة (1)

د. رعد محمود التل

 

يحمل قانون الموازنة العامة للعام 2022 مؤشرات مختلفة ذات دلالات اقتصادية مهمة. في باب النفقات، تشير أرقام الموازنة الى ارتفاع بإجمالي النفقات بمقدار 18 % عن العام السابق (2021) وبما يقارب 798 مليونا، لتبلغ النفقات المقدرة للعام 2022 حوالي 10.66 مليار. هذه الزيادة في الإنفاق توزعت على النفقات الجارية 9.11 مليار بزيادة مقدارها 3.7 % (367 مليونا) وزيادة في النفقات الرأسمالية 1.55 مليار بزيادة مقدارها 44 %، والتي نأمل بأن لا تمس، كما حصل في العام الماضي؛ حيث انخفضت نسبة الإنفاق الرأسمالي عما كان مقدرا في موازنة ذلك العام بما يقارب 17 % لما لهذا الإنفاق من ضرورة في زيادة مراكمة رأس المال وزيادة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة. مع ذلك، ما تزال نسبة الإنفاق الرأسمالي الى إجمالي الإنفاق محدودة ولا تشكل أكثر من 17 % من حجم الإنفاق المقدر (قاربت 11 % في العام 2021).
بالنسبة لأرقام العجز المقدر في الموازنة للعام 2022، فإنها تشير الى تحسن نسبي باتجاه انخفاض العجز، حيث قدر العجز للعام 2022 بحوالي 2.409 مليار بانخفاض يقارب 8 % عن العام السابق (بلغ العجز المقدر العام الماضي 2.62 مليار). هذا العجز موزع بين عجز موازنة 1.75 مليار وعجز موازنة الوحدات المستقلة بمقدار 652 مليونا، مع الإشارة أيضاً الى انخفاض قيمة العجز عما هو مقدر في العام الماضي أيضاً بما يقارب 12 % وهو رقم إيجابي أيضاً.
لكن الجانب السلبي دائماً هو ارتفاع قيمة الدين العام؛ حيث إن العجز في الموازنة هو أصل الدين، وبالتالي سيؤدي هذا العجز الى ارتفاع جديد في أرقام المديونية التي تقدر قيمتها بحوالي 38.82 مليار، وهو ما يشكل أكثر من 113 % من الناتج المحلي الإجمالي.
في بند الإيرادات العامة، تقدر الحكومة الإيرادات بحوالي 8 مليارات (ما يقارب منها 6 مليارات إيرادات ضريبية تشكل 68 % من الإيرادات العامة)؛ حيث تظهر الأرقام في الموازنة زيادة مقدارها 10.5 % عن موازنة العام 2021 بواقع 763 مليونا، مع توقع ثبات قيمة المنح الخارجية (840 مليونا). لكن هذه الزيادة والتحسن في الإيرادات -وعلى ما تحمله من إيجابية- ليسا مدفوعين بنمو وتحسن حقيقي في الناتج المحلي، وإنما نتيجة تحسن كفاءة التحصيل الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي (وهو جهد كبير ومقدر) خلال آخر عامين، لكن وبعد استقرار نظام التحصيل الضريبي ستختفي هذه الزيادة تماماً، وبالتالي يجب العودة لأصل المسألة، وهو كيفية زيادة الإيرادات العامة، وخاصة غير الضريبية منها.
إجمالاً، ما تزال الموازنة تعاني تشوها هيكليا، فالإيرادات العامة تغطي فقط ما يقارب 84 % من إجمالي النفقات، والأخطر من ذلك الإيرادات المحلية تغطي ما نسبته 88.5 % من النفقات الجارية (التشغيلية)، والأساس أن تكون هذه النسبة 100 % بحيث تغطي الإيرادات المحلية كل النفقات التشيغلية كحد أدنى. بالنسبة لمشاريع الموازنة، فقد تم تخصيص ما يقارب 3 % فقط من إجمالي الإنفاق، وهو طبعاً قيمة منخفضة لا يمكن أن تعمل على تحفيز النمو الاقتصادي.
هذه قراءة عامة لمؤشرات وأرقام الموازنة، يلزمها قراءة اقتصادية معمقة تربط بين الأرقام المجردة وبين واقع الاقتصاد الأردني وسبل تنميته، وهذا ما سنعرضه في مقال لاحق.

الغد





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق