التعليم التقني والتدريب النوعي.. نجاعة في دحر البطالة

هلا أخبار – كان واضحا وبشكل لافت اصرار جلالة الملك عبدالله الثاني وإلحاحه على محاربة البطالة منهجيا وفق خطط مدروسة ومتابعة حثيثة، استجابة لتحقيق متطلبات النمو المحلي.

فالثلاثاء، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن محاربة البطالة تتطلب التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص، والعمل من خلال خطط مدروسة وواضحة على أن يتابع تنفيذها بشكل دوري.

الحديث الملكي المتواتر عن اهمية تطوير بيئة التدريب المهني والتعليم التقني، وتزويد الشباب بالمهارات المطلوبة لتلبية متطلبات سوق العمل، وتغيير الثقافة المرتبطة بالوظائف المهنية، ارتبط بلفت نظر واضعي السياسات الاقتصادية الى ان الإقبال على التعليم التقني والتدريب المهني لا يزال دون الطموح.

خبراء أكدوا أن جلالة الملك أشّر في حديثه الى كبد الحقيقة فيما يتعلق بمتطلبات النمو وحل مشكلة البطالة، وأجمعوا في أنه لا مفر من توفير دعم كبير وعلمي للتعليم التقني والتدريب المهني لتوفير فرص العمل، التي ستكون مؤشرا على خطوات عملية لانحسار نسب البطالة.

وفي هذا السياق يقول رئيس بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة، إن عدد المتعطلين عن العمل يتخطى حاجز 400 ألف متعطل وبمعدل بلغ 23.2 بالمئة، وهؤلاء يعيلون حوالي مليوني مواطن.

وأشار أبو نجمة الى الحاجة لاستحداث 250 ألف فرصة عمل جديدة على الأقل لنصل بالبطالة إلى ما كانت عليه عام 2014 عندما بلغ معدلها 11.5 بالمئة وهو المعدل الأقل خلال العشرين سنة الماضية، والذي يعادل المتوسط العربي الحالي للبطالة، موضحا أنه ولتحقيق ذلك لا بديل عن جذب استثمارات جديدة وإنشاء مؤسسات ومصانع ومشاريع توفر فرص العمل اللازمة لهذه الغاية.

وتوقع تقرير منظمة الدولية الذي حمل عنوان “الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2021 “، ان يصل معدل البطالة العالمي إلى 205 ملايين شخص عام 2022، متجاوزاً وبحد كبير مستوى 187 مليون شخص المسجلين عام 2019. وهذا يعني أن معدل البطالة يبلغ 5.7 بالمئة.

كما توقع أن تصل “فجوة فرص العمل” الناجمة عن الأزمة العالمية إلى 75 مليون فرصة عام 2021 قبل أن تتراجع إلى 23 مليون فرصة عمل عام 2022.

وتبلغ الفجوة ذات الصلة في ساعات العمل والتي تشمل الفجوة في فرص العمل وتلك المتعلقة بانخفاض عدد ساعات العمل ما يعادل 100 مليون وظيفة بدوام كامل في عام 2021 فيما ستبلغ 26 مليون وظيفة بدوام كامل في عام 2022. ويأتي هذا النقص في فرص العمل وساعات العمل لينضاف إلى المستويات المرتفعة أصلاً وباستمرار لمعدل البطالة ونقص استخدام اليد العاملة وسوء ظروف العمل حتى قبل الأزمة، بحسب تقرير المنظمة.

ويرى ابو نجمة ان عدد العاملين في القطاعين العام والخاص يبلغ نحو مليون و400 ألف، وعدد القادمين الجدد سنويا إلى سوق العمل كباحثين عن عمل حوالي 110 آلاف شاب وشابة، وهو رقم لا يستوعب سوق العمل منه سوى 35 ألفا على وجه التقريب.

ويضيف، “إذا أردنا حقيقة أن نصل إلى مستوى مقبول نسبيا من البطالة يجب أن نصل إلى سوق عمل يشغل على الأقل مليونا و 650 ألف مواطن، وهو أمر من الصعب تحقيقه دون وضع خطة طوارئ وطنية يشارك بها مختلف الجهات الرسمية وممثلو القطاع الخاص، بموازاة تفعيل حقيقي للشراكة مع القطاع الخاص، ومعالجة الاختلالات في سياسات التعليم الجامعي التي تراعي متطلبات سوق العمل واحتياجاته من الكفاءات، وتطوير برامج التدريب المهني لتواكب التطورات الحديثة في سياسات وبرامج التدريب”.

ولضمان نجاح برامج التدريب والتشغيل، يشير ابو نجمة الى أهمية أن تكون برامج التدريب مصممة لأعمال ومهن مطلوبة فعليا في سوق العمل، من أجل توفير فرص عمل لهم بعد إنهاء التدريب، وأن تكون هذه البرامج وفق المتطلبات الفنية لأصحاب العمل، وهو أمر لا يتحقق إلا بمشاركة حقيقية منهم في وضع البرامج وتنفيذها، وبغير ذلك ستكون مخرجات البرامج غير مقبولة في السوق ولا تحقق احتياجات أصحاب العمل كما حصل في برامج سابقة.

وفي ظل ظروف ارتفاع معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة ، دعا ابو نجمة الحكومة الى العمل على جملة من الحلول، وبشكل خاص في المجال الاقتصادي لحفز الاقتصاد ودعمه لزيادة الطلب على الأيدي العاملة باستخدام الأدوات المالية المتاحة وتخفيف عبء الالتزامات المالية على المؤسسات كالرسوم والضرائب.

ومن جانب آخر يجب العمل على تعزيز دور برامج دعم إنشاء المشاريع الريادية التي تستهدف فئة الشباب، خاصة الداخلين الجدد إلى سوق العمل ومن فقدوا وظائفهم نتيجة الجائحة، وفق ابو نجمة، الذي أشار إلى أنه لا غنى عن دعم شبكة الحمايات الاجتماعية كالضمان الاجتماعي، وشمول مختلف شرائح العمال غير الرسميين بتأميناته، وتخفيض قيمة اشتراكاته التي تعتبر من الأعلى عالميا، والتي تدفع العمال وأصحاب العمل إلى التهرب من الشمول.

كما دعا الى التوقف عن استنزاف أموال صندوق التعطل في غير أهدافه، وذلك لتمكينه من الوفاء بالتزاماته الحالية والمستقبلية، وتحويل تأمين التعطل إلى تأمين البطالة الذي يعتمد التكافل بين المشتركين، وتوفير التأمين الصحي للجميع والخدمات الطبية المجانية لغير المقتدرين، ومراجعة حجم التمويل المخصص لبرامج الحماية الاجتماعية، حيث لا بديل عن زيادة حجم الإنفاق عليها، كي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها.

ويلاحظ أبو نجمة، تراجع دور آليات الحوار الاجتماعي وتهميشها في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى غياب التنسيق بين الشركاء الاجتماعيين في وضع السياسات الناظمة لسوق العمل في ظل الجائحة، مؤكدا ضرورة إعادة تفعيل هذه الآليات بين الحكومة والعمال وأصحاب العمل للوصول إلى تفاهمات مرضية للجميع تتضمن حلولا للتحديات التي تواجه سوق العمل تتسم بالفعالية والإنصاف.

ودعا الى معالجة الضعف الكبير الذي ظهر في شروط العمل اللائق، والذي ظهر جليا في عدد من قطاعات العمل، وإعادة بناء منظومة التشريعات والممارسات ذات العلاقة بسوق العمل لتكون أكثر أمانا وعدلا واستدامة، وأكثر فاعلية في التصدي للأزمات والتخفيف من آثارها.

ويشدد ابو نجمة على أن الواقع يفرض على الاردن العمل على توفير نموذج أمان اجتماعي مرن يتكيف مع واقع وطبيعة فرص العمل، يضمن توازنا عادلا بين الحماية الاجتماعية من جهة والسياسات النشطة لسوق العمل من جهة أخرى إضافة إلى إصلاح النظام التعليمي.

وأشار الى أن من الممكن أن يكون للضمان الاجتماعي دور مهم في هذه المرحلة، من خلال تفعيل نصوص القانون الخاصة بتأمين التعطل، والعودة عن حرمان أوامر الدفاع العاملين في بعض القطاعات من الشمول بتأمين الشيخوخة، وشمول جميع العاملين بمظلة الضمان ومنهم العاملين في القطاع غير المنظم الذين يمثلون 48 بالمئة من العمالة.

من جهته، يشدد الخبير المستشار في مجال التعليم التقني والتدريب المهني، الدكتور محمد عوض الفواعير، على اهمية التطور التكنولوجي واستشراف المستقبل، داعيا الشباب الأردني الى التسلح بالمعارف والمهارات والسلوكيات التي تتواءم مع المتغيرات التكنولوجية والإقليمية والعالمية.

ودعا الى إعداد الشباب الأردني وتعليمه وتدريبه على أحدث تكنولوجيا العصر باعتبار أن القوى العاملة المدربة هي القادرة على التعامل مع عناصر الإنتاج المختلفة لتوفير منتج أو خدمة بجودة عالية، وتكلفة منخفضة والمنافسة في الأسواق العالمية، وبما ينعكس بشكل مباشر على المساهمة بدفع عجلة النمـو الاقتصادي الأردني.

وأشار الى ان الاقتصاد الأردني يعاني منـذ سـنوات مـن حالـة تراجـع وبطء في النمـو، فعلــى الرغــم مــن جهــود الحكومــات المتعاقبــة والقطــاع الخــاص، لــم يشــهد الاقتصاد الوطنــي أي زيــادة ملحوظــة فــي النمــو الاقتصادي خــلال السـنوات العشـر الماضيـة، في حين مـا تزالـ معدلات البطالـة مرتفعـة جـدا مقارنـة بدول المنطقـة والعالـم خاصـة بيـن فئة الشـباب.

وفـي ظـل هـذا السـيناريو، يضيف الفواعير، يمكـن أن يســاعد توســيع نظــام التعليــم التقني والتدريــب المهنــي في ايجاد نمــو مســتدام وفتــح آفاق جديــدة للشــباب.

وأكد أن نظــام التعليــم التقني والتدريــب المهنــي حظي باهتمام كبير من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي أولاه عناية خاصة، إيماناً منه بأن التعليم التقني والتدريب المهني محرك أساس للنمو الاقتصادي، وتصب آثاره مباشرة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، ويؤدي إلى خفض معدلات الفقر والبطالة.

ويشير إلى انه مع ازديـاد التحديـات الإقليمية، وتداعيات جائحة كورنا؛ إلا أن إجــراءات تنفيــذ الإصلاحات اللازمة لخلــق فــرص عمــل لائقة ما تزال دون المســتوى المطلــوب، والإقبال على التعليم التقني والتدريب المهني لا يزال دون الطموح، كما أشار جلالة الملك يوم امس.

وتوقف الفواعير عند إشارة جلالة الملك حول أهمية التعليم التقني والتدريب المهني في الأردن كمكون أساسي في منظومة التعليم، مؤكدا اهمية التدريب بفروعه المختلفة في ايجاد فرص عمل للشباب ومساهمته في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، كونه المصدر الرئيسي لإعداد الأيدي العامة القادرة على تحمل عبء الإنتاج، كما له دور في تحقيق مستقبل الشباب وحصولهم على عمل بشكل أسرع.

ويضيف، ان نظــام التعليــم التقني والتدريـب المهنـي يواجـه العديـد مـن العقبـات التـي تحـد مـن توجه الشـباب والشـابات على الإقبال عليـه، مثـل نقـص المـوارد الماليـة اللازمة لتطويـر برامـج فعالــة، وضعف قدرة مؤسسات التعليم التقني والتدريب المهني على تنمية الموارد البشرية، وعدم ملاءمة مخرجاتها لاحتياجات سوق العمل، وعــدم مواءمــة مهــارات الخريجيــن مــع احتياجــات ســوق العمــل من خلال إكسابهم المهارات الفنية والسلوكية التي تساعد على مواجهة الخلل الهيكلي بين العرض والطلب، الأمر الذي تمخض عنه اتساع الفجوة بين مخرجات مؤسسات التعليم التقني والتدريب المهني، وبين متطلبات واحتياجات منشآت قطاع الأعمال.

وأشار الفواعير الى أن الجهل بماهية التعليم التقني والتدريب المهني ومفهومه ودوره في بناء المجتمع سواء من قبل الطلبة أنفسهم أم من قبل أفراد المجتمع، يعود بسبب غياب التوجيه والإرشاد التقني والمهني، وعدم ارتباط المناهج الدراسية بالواقع العملي للمهنة ارتباطا وثيقا، فضلا عن عدم ملاءمة البرامج التعليمية لاحتياجات سوق العمل، وبالتالي عدم قدرة الخريج على المنافسة مع العامل الحر.

وأكد أهمية بعض التوصيـات والاقتراحات التي مــن شــأنها أن تســاهم فــي إعــداد نمــوذج تعليــم تقني وتدريــب مهنــي ناجــح يتجــاوز التحديــات الحاليــة لســوق العمــل الأردني، مشيرا بهذا الخصوص الى اهمية توعية أولياء الأمور بأهمية التعليم التقني والتدريب المهني من خلال تنظيم حملات إعلامية، وتنظيم زيارات لمراكز الإنتاج الصناعي بغرض نشر مفاهيم جديدة عن الأبعاد المستقبلية للشباب الملتحقين به.

الخبير والمدرب في تحليل الأعمال والتطوير المؤسسي الدكتور معاذ الذنيبات، يقول ان الاقتصاد الأردني يعاني من طيف واسع من المشكلات، ما أدى إلى ارتفاع مستويات البطالة الى حد كبير لا يمكن السكوت عليه.

ويتوقف الذنيبات عند سوء تخطيط الموارد، وهي مشكلة لا بد من تحليلها وفقا لمنهج النظم، اذ ان الاقتصاد عبارة عن منظومة متكاملة لها ثلاثة عناصر رئيسية هي المدخلات والعمليات والمخرجات.

ان مخرجات أي نظام اقتصادي، يضيف الذنيبات، يفترض أن تنتج فرصا ودخلا لتحسين مستوى معيشة الافراد، بموازاة تحسين الموارد المتاحة وهي المدخلات الرئيسية للنظام الاقتصادي، والتي تتمثل بالأفراد المؤهلين ورأس المال والأصول غير الملموسة والأصول المادية الملموسة بما فيها الموارد الطبيعية.

وقال، ان عنصر العمليات في النظام الاقتصادي هو عبارة عن مزج طبيعي لهذه الموارد من خلال تحقيق الاستغلال الأمثل لها وتحقيق عملية التشغيل الفعلي بصورة تؤدي الى تحقيق المخرجات المطلوبة.

وأوضح أنه إذا اسقطنا هذا التحليل البسيط على الحالة الأردنية فسنجد أن هناك خللاً واضحا في المدخلات والعمليات على حد سواء، وبالتالي ستكون النتيجة عدم الحصول على المخرجات المطلوبة المتمثلة في فرص العمل، مبينا أن هذا سبب رئيسي ومباشر لحدوث مشكلة البطالة وارتفاع مستوياتها.

ودعا الذنيبات الى الوقوف على مدى توفر المدخلات المطلوبة للنظام الاقتصادي، مشيرا إلى أن هناك أسبابا عديدة لعدم اتزان مستوى الطلب على الوظائف مع أعداد الخريجين في كل مجال من المجالات المعرفية ضمن التخصصات منها: ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع مستوياته الامر الذي ينعكس على انخفاض احتياجات سوق العمل من القوى العاملة، إضافة الى انخفاض مستوى الابتكار لدى منظمات القطاعين العام والخاص، ما ينعكس سلبا على استحداث فرص عمل جديدة، إضافة الى مشكلة قد نوعية الخريجين ومؤهلاتهم ومستوى كفاءتهم.

ودعا إلى التفكير في الجانب الآخر من المشكلة وهو نوعية الخريجين، متسائلا: هل يتوفر لدى الخريجين الكفاءات المطلوبة لسوق العمل؟ وهل تحقق نوعية الخريج الابتكار؟ وهل منظماتنا قادرة في ظل ظروفها على تحقيق الابتكار وإيجاد فرص عمل جديدة؟ولفت الى أهمية دور الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية في الحل، اذ ان الهدف الرئيسي لهذه الاستراتيجية هو تحقيق الانسجام والتوافق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، مشيرا الى أن ديوان الخدمة المدنية نشر في النصف الثاني من العام الماضي تقريراً مهما حول التخصصات العلمية الراكدة والنشطة باعتبار ذلك إضاءة على عملية التشغيل.

وأوضح بهذا الخصوص ان الاردن بحاجة الى معرفة الاحتياجات من الوظائف في القطاع الاقتصادي، ومعرفة الطلب على الوظائف في سوق العمل الخارجي المحيط، مؤكدا أن توفر مثل هذه البيانات ودقتها يساعد الى حد كبير في تحقيق التخطيط الشمولي للموارد البشرية على المستوى الوطني ومن ثم بناء الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية.

وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، مازن المعايطة، إن توجيهات جلالة الملك للحكومة بضرورة تطوير بيئة التدريب المهني والتعليم التقني، لها دور كبير في خفض معدلات البطالة التي وصلت إلى مستويات قياسية، ما يسهم في توفير فرص عمل في قطاعات التشغيل المهني والتقني، معتبرا دعوة جلالته لـ”تغيير الثقافة المرتبطة بالوظائف المهنية” رسالة مهمة وضرورية لشرائح المجتمع كافة.

وبين المعايطة أن ضمان توفير معايير العمل اللائق (أجور وساعات دوام وحماية اجتماعية) من شأنه أن يجعل العمل في قطاعات التشغيل المهني جاذبة للجميع، خاصة الداخلين الجدد إلى سوق العمل من الشباب والشابات، مؤكدا ضرورة تكاتف الجهود المجتمعية من أجل تغيير الثقافة السائدة بشأن تفضيل دراسة التخصصات الأكاديمية عوضا عن التوجه إلى التدريب المهني والتعليم التقني. ولفت إلى أن تخصصات عديدة يفضل كثيرون دراستها ليس لها مستقبل وظيفي، وأنّ التخصصات والمهن المطلوبة تغيرت نتيجة تطورات متسارعة ومتلاحقة يشهدها سوق العمل، مؤكدا أهمية التعاون المستمر والشراكة الحقيقية مع أصحاب العمل لفهم أوسع للتخصصات المطلوبة في سوق العمل محليا ودوليا.

بينما قال الأمين العام الأسبق لوزارة العمل، المهندس زياد عبيدات، إن الأردن يواجه تحديا كبيرا يتمثل في مشكلة ارتفاع نسبة البطالة، خاصة بين الشباب والشابات ممن تقل أعمارهم عن 24 عاما، مؤكدا أهمية تعاون جميع الجهات المعنية من قطاع عام وخاص ومؤسسات مجتمع مدني لتنفيذ توجيهات جلالة الملك لمحاربة هذه الظاهرة وتوفير فرص ضمن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية.

وبين أن التدريب المهني يشكل رافعة أساسية في حل مشكلة البطالة بين الشباب والشابات، مشيدا بدعم جلالة الملك للتدريب المهني في هذه المرحلة وأهميته القصوى لتحسين البنية التحتية للتدريب المهني وتحديث المشاغل وتطوير المناهج التدريبية وفتح اختصاصات جديدة لها أهمية قصوى وتلبي احتياجات سوق العمل.

وأكد عبيدات أهمية تمكين الشباب بمهارات جديدة تتناسب مع التطور التكنولوجي، خاصة المهارات الرقمية، وضرورة بناء قدرات المدربين القائمين على عملية التدريب لمواكبة التطورات التكنولوجية وتطوير المناهج بالشراكة مع القطاع الخاص لتتواءم مع متطلباته.

وطالب عبيدات بأن تقوم مؤسسة التدريب المهني، بالشراكة مع القطاع الخاص، بإدارة بعض المعاهد أو إدارة تخصصات كإدارة نوعية من القطاع الخاص، وأن توفر قاعدة بيانات حديثة دائمة ومستدامة حول احتياجات سوق العمل.

وبين أن التدريب المهني خيار استراتيجي لمواجهة البطالة، مؤكدا أهمية الرجوع إلى مخرجات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بوصفها منظومة متكاملة عالجت هذه القضايا بشكل شمولي.

وأشار عبيدات إلى أهمية الرسالة الملكية بضرورة تغيير ثقافة الشباب نحو التعليم المهني والتقني، وأوضح أن ذلك يحتاج إلى تعاون القطاعين العام والخاص للتركيز على هذه الرسالة المهمة من خلال استراتيجية إعلام واتصال قوية وحملة وطنية لتغير هذه الثقافة وتشجيع الشباب للالتحاق بالتعليم المهني والتقني، خاصة أن مراكز مؤسسة التدريب المهني منتشرة في معظم مناطق المملكة ولديها القدرة على مواكبة التطوير والتغيير باستمرار.

من جانبه، تحدث المدرب المعتمد من أكاديمية الريادة التابعة لمنظمة العمل الدولية ومستشار التدريب، محمود سمحان، عن تحديات النهوض بقطاع التدريب المهني، وما يحتاجه من عمل وتطوير في السياسات ذات العلاقة، مشيرا إلى أن معظم التوظيف يتم بناء على أساس الشهادات، وليس المهارات، ما يتطلب تطوير أنظمة التوظيف.

وأكد أهمية إدماج التدريب المهني عند التخطيط لمستقبل التعليم على الصعيد الوطني، وأن تكون مخرجاته تدريبية وليس مرتبطة بالتعليم الأكاديمي فقط، مطالبا أن تكون برامج التدريب المهني مواكبة لمتطلبات سوق العمل.

ودعا سمحان الشباب إلى الاعتماد على مشاريع ذاتية وأفكار ريادية بعد تعزيز قدراتهم من خلال برامج تطرحها مؤسسة التدريب المهني، مشيرا إلى أنّ القطاع الزراعي مثلا يوفر فرص عمل جديدة في مجال التدريب المهني، خاصة تلك المرتبطة بتوظيف التكنولوجيا والأساليب الحديثة، واستثمارها لطرح برامج تدريب تواكب المتغيرات في القطاع، وهو ما ينعكس إيجابا على استدامته ويوفر فرص عمل للشباب الأردني.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق