الكلفة الاقتصادية لغزو أوكرانيا!

كتب: عوني الداوود

بداية لا احد يتمنى غزو اوكرانيا .. ورغم طبول الحرب التي تقرع منذ أمد الا ان ذلك لا يعني انها ستندلع غدا كما لا يعني انها لن تندلع في « أي وقت « كما تقول وتتوقع الولايات المتحدة نفسها ، خصوصا بعد فشل المفاوضات الدبلوماسية حتى الآن للتوصل الى حل يرضي جميع الاطراف .

الأزمة وصلت الى طريق شبه مسدود بعد « قمتين « بين الرئيسين فلاديمير بوتين و جو بايدن ، ولقاءات على مستوى وزراء الخارجية – كان آخرها يوم امس في جنيف – بين بلينكين ولا فروف اضافة الى لقاءات اوروبية واتصالات دولية لنزع فتيل الازمة ، لكن الحشود العسكرية مستمرة سواء من الجانب الروسي خصوصا بعد المناورات الحية والمفاجئة مع بلاروسيا ، واستعدادات حلف شمال الاطلسي « الناتو « على الجانب الآخر وتزويد أوكرانيا بأسلحة – دفاعية – .

أصل الحكاية في الازمة الاخيرة تكمن في خشية روسيا وتخوفاتها من انضمام اوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي مما تعتبره تهديدا لأمنها بجعل حلف» الناتو « على حدودها مباشرة وهي الآن تطلب تطمينات تتمثل بحظر دائم لانضمام اوكرانيا لحلف شمال الاطلسي .

في المقابل فان حلف شمال الاطلسي يحذر موسكو بانها ستدفع « ثمنا باهضا « ان هي اقدمت على غزو اوكرانيا .. وتهدد بـ « عقوبات اقتصادية غير مسبوقة « ..فما هي تلك العقوبات المتوقعة ؟وما هو الثمن ؟ وما هي كلفة غزو اوكرانيا اذا اصرت روسيا واتخذت هذه الخطوة ؟

1 – علينا ان نذّكر اولا بان روسيا تعد ( ثاني ) اكبر مصدّر للنفط ..و( اكبر مصدّر للغاز الطبيعي ) في العالم …وتقدر المصادر بان روسيا تحتوي على ( 30%) من موارد العالم الطبيعية .

2 – هذا يعني ان تفاقم الازمة وغزو اوكرانيا سيضرب الاقتصادات العالمية خصوصا اسواق النفط والغاز والطاقة عموما ..خصوصا وان هناك اعتماد كبير على الغاز الروسي في القارة الاوروبية عموما وهناك خطوط غاز رئيسة تمر عبر الاراضي الاوكرانية .

3 – الرد العسكري « المباشر « مستبعد – حسب التصريحات الامريكية والاوروبية- لكن التهديد بحرب اقتصادية مدمرة للاقتصاد الروسي وهو يتمثل بعدة إجراءات أهمها ما اتفقت عليه المانيا والولايات المتحدة من عدم تشغيل خط ( نورد ستريم -2) الألماني الروسي .

4 – الولايات المتحدة سبق ولوّحت بأن واحدة من أقوى أدوات العقوبات الاقتصادية لديها هي فرض قيود على إصدار موسكو للديون السيادية .

5 – كما يمكن أن تفرض واشنطن عقوبات على قدرة روسيا على تداول الدولار الأمريكي .

6 – من الممكن أن تفرض واشنطن عقوبات على استيراد صادرات الطاقة الروسية، وهذه عقوبات خطيرة سوف تتضرر منها اوروبا حيث تشهد أسعار الغاز صعوداً كبيراً ينذر بشتاء صعب للاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على روسيا في تلبية أكثر من ثلث احتياجاته من الغاز تحديداً ، كما أن الولايات المتحدة نفسها عانت من آثار ارتفاع أسعار النفط مؤخرا، الأمر الذي دفعها لتحرير جزء من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي النفطي، لذلك فان فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي الضخم، سواء في الغاز أو النفط كفيل، بإحداث أزمة كبيرة على الجميع .. والعالم بأسره .

7 – فرض إجراءات عدم تعامل مع البنوك الروسية، وفرض عقوبات تشمل حظر روسيا من استخدام نظام «سويفت» لتحويل الأموال،( نظام سويفت للتحويلات المالية يستخدمه نحو ( 11) الف بنك ومؤسسة مالية من نحو 200 دولة كسداد وتلقي المدفوعات عبر الحدود ) .

8 – حظر شامل على شركات الطاقة الروسية المملوكة للدولة، وأيضاً على شركات أخرى في القطاع المالي وفرض حظر تعامل على رجال المال والأعمال الروس وعائلاتهم .

– باختصار فان سيناريوهات العقوبات الاقتصادية متعددة ، لكن في المقابل فان التقارير تشير الى ان روسيا مستعدة لكل ذلك وقد تحملت العقوبات التي فرضت عليها منذ دخولها القرم عام 2014 وان لديها بدائل عن « نظام سويفت « وغيره ، وان تعاونها مع الصين وربما الهند اقتصاديا سيزيدها قوة ، وان تاثير العقوبات الاقتصادية على اوروبا نفسها سيكون اكبر وهي تزود اوروبا بنحو ( 35%) من احتياجاته من الطاقة ..الى آخر تلك السيناريوهات التي تتفق بأن أي تطور سلبي يؤدي الى حرب في أوكرانيا ستكون له عواقب وخيمة على العالم كله سياسيا واقتصاديا ..نفطيا وتجاريا وماليا.. في وقت لم يستفق العالم فيه بعد من ارتدادات « كورونا « على الاقتصاد العالمي خصوصا في سلاسل التوريد والطاقة والنقل والشحن ..ويأمل المراقبون بأن يكون التصعيد العسكري مجرد أدوات ضغط على طاولة المفاوضات من أجل الوصول الى تفاهمات تنزع فتيل الأزمة .

الدستور





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق