كيف نرمم ما تشظى في علاقة الاعلام والدولة

الدكتور عبدالمهدي القطامين

ترددت كثيرا قبل البدء بهذه المقالة التي هي في الاصل بعض توصيات تقدمت بها في رسالة ماجستير ناقشت اثر التحول الديموقراطي على الاعلام والامن الوطني قبل ثماني عشرة سنة   ووجدت ونحن نعيش في ظل ظروف لا نحسد عليها محليا وعربيا واقليميا ودوليا وفي ظل حوارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدا ان هدفها الظاهر حق وباطنها باطل وبات الاتكاء على ما تجود به مواقع التواصل من بيانات غير دقيقة مثيرا للشفقة فهل هذا هو الاعلام الذي يريده الوطن وهل ما ينشر يعبر حقيقة عن رأي عام متزن وعاقل ام انه يفتقد للحكمة وهذا يدفعنا للبحث عن غياب او تدني مصداقية الاعلام الرسمي او شبه الرسمي لدى الناس هل الخطأ في الاعلاميين انفسهم ام انه الانسياق نحو الخبر او الحدث او التحليل الاكثر اثارة بالنسبة للعامة على حساب الحقيقة .

ومن اولى الملاحظات على الاعلاميين ان الدخل المالي المتأتي من عملهم الصحفي ما زال دون طموح ومستويات الجهود التي يبذلها الصحفي او الاعلامي وهذا يستدعي اعادة النظر في معدلات رواتب الصحفيين لمنع بقائهم لاهثين وراء لقمة الخبز التي تقيم اود عوائلهم وربما قادهم ذلك الهم الى تزييف الحقائق لصالح مسؤول متنفذ ربما كان فاسدا ويسعى لاخفاء فساده عبر صوته العالي في وسائل الاعلام المختلفة وهنا يبدو مناسبا لو ان الدولة بالتعاون مع نقابة الصحفيين استندت الى سلم رواتب الجهاز القضائي لتطبيقه على الصحفيين العاملين في مختلف وسائل الاعلام الرسمية والزام وسائل الاعلام الخاصة بذلك السلم لأنني اجد ان الصحفي والقاضي متشابهان تماما في التأثير فكلاهما اذا جاع كانت الحقيقة اولى ضحاياه مع ان القاضي اذا اخطأ او انحاز لهواه في قضية ما فانه يضر بفرد من افراد المجتمع اما اذا تعامى الصحفي عن الحقيقة فانه يضر بالمجتمع كله عبر تزييف الحقائق ووأدها .

وعلى نقابة الصحفيين ان تزيد من رقابتها على منتسبيها وان تتحرى كل حادثة تقدم لها تتعلق بأي زميل وفق منطق العدل وحماية الناس والدولة ومصالحها ومنع الدخلاء على المهنة الصحفية من الدخول لها بموافقة النقابة ووفق قانونها والسعي الى ضم عدد اكبر من الصحفيين العاملين في وسائل الاعلام الالكترونية والاذاعية والتلفازية وعدم ابقائهم خارج الجسم النقابي حتى يتنسى مساءلتهم في حالات الخطأ او التجني واشراكهم في مكتسبات العمل الصحفي ان وجدت مثل هذه المكتسبات في مهنة هي اساسا تسمى مهنة المتاعب .

وحتى يتسنى للاعلاميين تطوير قدرتهم ومهارتهم اصبح اشراكهم في مختلف الدورات التدريبية ومجالات العمل الاعلامي المختلفة والتحقيقات الصحفية المتخصصة ضرورة ملحة وليست ترفا ليكونوا قادرين على الخوض في تفاصيل ومناقشة قضايا المجتمع بكل تفاصيلها ومناقشة المسائل ذات المساس بأمن المواطن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وملاحقة بؤر الفساد وكشفها امام الجمهور وعلى الصحف ان تعيد حساباتها في اهمية التحقيق الصحفي الجاد وان ترصد له في موازناتها الموارد اللازمة والحاق صحفييها بالدورات المتخصصة في هذا المجال والاستعانة بخبرات الدول المتقدمة المتميزة في هذا الباب .

ولا بد من اعداد استراتيجية وطنية اعلامية توحد الخطاب الاعلامي وتعزز من قدرة الدولة الاردنية على مخاطبة العالم خطابا متزنا مرنا يقدم النموذج الاردني في الحكم والقيادة على اعتبار انه النموذج الذي استطاع البقاء وسط اقليم ملتهب اخذته الحروب والاضطرابات الى مستنقع الرعب والتطرف على ان تضمن مثل هذه الاستراتيجية ابتعاد الاعلاميين عن المساس بحياة الناس الخاصة واتاحة الفرصة امام المواطن والمسؤول للإعراب عن رأيه مثلما تتاح للإعلامي هذه الفرصة فالأداة الاعلامية ليست حكرا على الاعلامي فقط يمرر من خلالها ما يريد ولكنها اداة لجميع مكونات المجتمع والعدالة تقتضي ان يأخذ الجميع فرصتهم في التعبير عن آرائهم وبالتساوي .





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق