وحدة التحليل في الدراسات المستقبلية

وليد عبد الحي

لكل علم وحدة تحليله المركزية، فالمادة هي وحدة تحليل الفيزياء والكيمياء،والسلعة والمال هما وحدة تحليل الاقتصاد، والفرد وحدة تحليل علم النفس ، بينما المجتمع هو وحدة تحليل علم الاجتماع ،والميتافيزيقيا هي وحدة تحليل الأديان، واحداث الماضي هي وحدة التحليل في التاريخ..اما في الدراسات المستقبلية فان وحدة التحليل فيها فهي التغير، فبدون التغير ينتفي الزمن ويصبح المستقبل تكرارا للحاضر الذي هو بدوره تكرار للماضي.

وعليه فان اول خطوات الدراسة المستقبلية هو رصد التغير ثم بناء منظور معرفي على اساس معرفة اتجاه التغير وسرعته وتسارعه وشبكات الترابط بين مكوناته وتحديد اتجاهات مكونات التغير عبر سلسلة الزمن.

لنتأمل في التغيرات التالية كأمثلة فعلية :

1- تغيرات الدساتير والقوانين في العالم في موقفها من الدين بحيث وصلنا الى الوضع الحالي خلال قرن واحد :

أ‌- 106 دول لا تنص دساتيرها او قوانينها على دين الدولة ولا على الدعوة للدين

ب‌- 43 دولة تنص على دين الدولة في دساتيرها او أنظمتها القانونية(منها 27 دولة اسلامية)

ت‌- 40 دولة تطالب بمراعاة الشعائر الدينية دون النص على اي دين

ث‌- 10 دول تنص دساتيرها او قوانينها على منع الاديان وتحريمها

2- تغير النظام السياسي من ملكي الى جمهوري خلال الفترة من 1950 الى 2020 في 76 دولة.

3- يدخل الموسوعة العلمية مفاهيم ومصطلحات علمية جديدة بمعدل سنوي يصل الى أربعة آلاف مصطلح جديد.

4- يزداد عدد سكان العالم بمعدل شخص واحد كل ثانية ويموت شخص كل 2.3 ثانية

5- تزداد مساحات الصحراء في العالم بمعدل الفين وثمانمائة وخمسة هكتارات سنويا

6- سينتهي مخزون النفط في العالم خلال 41 سنة اي مع عام 2063

7- هناك 41 حربا تدور الآن في العالم منها 4 يفوق معدل القتلى الالف سنويا،و 12 حربا يصل القتلى الى حدود الالف سنويا و 25 حربا دون الالف قتيل سنويا.

8- عدد براءات الاختراع الصينية التي جرى تطبيقها عام 2020 يساوي مجموع براءات الاختراع الامريكية واليابانية والروسية والبريطانية والفرنسية والالمانية.

9- ارتفع عدد الافراد الذي يعيشون في بلاد غير اوطانهم(كأجانب) من 173 مليون عام 2000 الى 221 مليون عام 2020 ليصل العدد عام 2022 الى 281 مليون نسمة.

10- ارتفع اجمالي الناتج المحلي العالمي من حوالي 34 تريليون دولار عام 2000 الى 102 تريليون عام 2022، اي بمعدل زيادة سنوية تصل الى 3.09 تريليون دولار.

ويمكن اضافة عشرات التغيرات السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية والبيئية…الخ، لكن الاصعب هو كيفية الربط بين هذه التغيرات وتأثير التغيرات على بعضها البعض لتحديد الاتجاهات وتحديد المستقبل الممكن(possible) او المحتمل(probable )او المرغوب(preferable) دون استبعاد التغيرات المفاجئة او ما تسميه الدراسات المستقبلية( low Probability-High Impact) والتي يتم التعامل معها بتقنيات تتطور تدريجيا…

خلاصة القول ، إن الفرق في الثقافات في “أحد جوانبه” هو في مدى التنبه للتغير مهما كان صغيرا(نموذج جناح الفراشة) ورصده وإدراك ترابطاته وسرعته وتسارعه ثم وضع الخطط المسبقة لمواجهة القادم والتكيف معه لأننا “ذاهبون الى هناك” كما قال آينشتاين…ربما.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق