الاقتحامات الاسرائيلية للأقصى: خلط السياسة بالخرافة التلمودية

هلا أخبار – تلجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى تشديد الخناق على المسجد الأقصى المبارك، بصورة تعكس أزمة بنيوية تعيشها دولة الاحتلال الذي لا مفر أمامه إلا التعايش مرغما مع حقائق تصاعد مقاومة الشعب الفلسطيني الذي يشكل وجود المسجد ركيزة أساسية في وجدانه الروحي.
ويرى محللون سياسيون أن وتيرة الاقتحامات تتصاعد خلال شهر الصوم تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي في سياق مخطط لفرض التقسيم الزماني والمكاني.
وما بين الخزعبلات الاسرائيلية التي تخلط البعد السياسي بالبعد الديني المستند لخرافة الهيكل والقوة المفرطة لمواجهة الحق الفلسطيني، يؤكد هؤلاء المحللون أن أكثر ما يستفز اسرائيل هو موجات المصلين من أنحاء الأرض الفلسطينية لإعمار المسجد بالصلاة والاعتكاف رغم كل سياسات القوة والإرهاب ضد شعب يريد ممارسة شعائره الدينية على أرضه.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني وجه أمس الأحد، في اجتماع عبر تقنية الاتصال المرئي، الحكومة بالاستمرار في الجهود الإقليمية والدولية لوقف الخطوات الإسرائيلية التصعيدية، وبلورة موقف دولي ضاغط ومؤثر، باعتبار أن حماية القدس ومقدساتها ستبقى أولوية أردنية.
ودعا جلالته إسرائيل لاحترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، ووقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية التي تخرق هذا الوضع وتدفع باتجاه المزيد من التأزيم.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور عماد البشتاوي في حديث لـ (بترا) عبر مسنجر، إن الاستهدافات الإسرائيلية تزداد ضراوة في شهر رمضان، على خلفية مزاعم وخرافات اسرائيلية ليس لها أي سند بهدف إعادة انتاج تاريخ المكان الفلسطيني وفق الرؤية التوراتية الحاقدة على العرب والمسلمين.
ويزعم الاسرائيليون أن هناك هيكلا تحت المسجد الأقصى، ما يستدعي لموقف عربي واسلامي موحد حيال هذه الترهات التلمودية البشعة، وفقا للبشتاوي.
واضاف، إن إسرائيل لا يمكن أن تعقد سلاما بمفهومه الموضوعي الحقيقي، اذ تريد استسلاما عربيا واسلاميا بروايتها التي تقول بوجود الهيكل الذي يعني بالتالي هدم المسجد الاقصى ونسف التاريخ من جذوره، خصوصا وأن الأقصى يعد حجر الزاوية في مفهوم وجود فلسطين وتصاعد مقاومتها لكنس الاحتلال وهزيمة مشروعه.
وفيما يتعلق بالاقتحامات الاخيرة للاقصى بين البشتاوي، ان الاحتلال لا يستطيع ان يستمر ساكنا دون ان يستفز الشعب الفلسطيني ويستهدف معالمه التاريخية والدينية وكل مقومات شخصيته التراثية، ولعل سلوك اسرائيل في طول فلسطين وعرضها يعبر عن حالة من الجنون حيال تدفق مئات الآلاف من المصلين الى المسجدين الاقصى والابراهيمي، وهو المشهد الذي يستفز الإسرائيليين ويشعرهم بالإحباط والقهر حيال هذه المقاومة التي لا تلين.
وأوضح أنه ولهذا السبب، تمارس اسرائيل سياسات عنيفة وتضييقية على الفلسطينيين للحد من من إعمار المسجد الأقصى بالصلاة والاعتكاف فيه، لكن موجات المصلين الفلسطينيين تشعر الإسرائيليين بفشل مشروعهم في طمس ذاكرة الفلسطيني المتمسك بتاريخه.
وقال، ان حكومة نفتالي بينيت أصبحت مهددة بالسقوط، بانسحاب عضو من الائتلاف الحكومي، ما يعني ان بينيت يحاول ما وسعته الحيلة ان يتجنب الوصول الى انفجار ازمة سياسية من شأنها الإطاحة بالحكومة ثنائية الرأس، لافتا الى ان الدم الفلسطيني دائما يسقط الحكومات الاسرائيلية ويكشف هشاشتها الامنية مهما توغلت آلة البطش ضد الشعب الفلسطيني.
الاقتحامات تخدم أغراضا سياسية ورأى البشتاوي أن إدخال فكرة القرابين- بالرغم من أنها لم تمارس عمليا في إسرائيل واقتصارها على المعتقدات الدينية اليهودية- إلا أن ذلك يثير تساؤلات كبيرة عن المغزى منها؛ ففي هذه السنة تحديدا تم إدخال القرابين بهذا الشكل، وهي استثمار سياسي للأوهام التلمودية لخدمة بقاء الحكومة التي لا تتردد في الاعلان عن أنها الاكثر التصاقا بالاهداف الصهيونية في فلسطين المحتلة.
ولفت الى ان العدو يمتلك استراتيجية ويعرف أين يذهب، ويفترض ان تكون مواجهته بالوحدة الوطنية الفلسطينية الحقيقية، ففلسطين تواجه اليوم حملة مسعورة تشكل خطرا داهما على أقدس مقدسات العرب والمسلمين.
وأكد أهمية انبثاق حالة وطنية لتجنيد الطاقات الفلسطينية وتوحيدها وصياغة رؤية واضحة، في مواجهة عدو يمتلك رؤية واستراتيجية، ما يتطلب تحقيق الوحدة الوطنية، مشددا على اهمية البعد العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، فالقدس ليست مقدسة للفلسطينيين فقط بل وللعرب مسلمين ومسيحيين، فأول خطوة قبل لوم العرب والمسلمين لا بد ان يبادر الفلسطينيون لتوحيد صفوفهم في مواجهة المشروع الصهيوني المستند الى دعم دولي وغربي لا حدود له.
من جهته، رأى أمين عام الحملة الاكاديمية الاردنية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور محمد المصالحة أن ما يجري في الأقصى هو مؤامرة صهيونية ترتبط بالفكر اليهودي الذي يريد أن يستحوذ على المقدسات.
وقال المصالحة رئيس مركز الدراسات البرلمانية (داميا)، انهم يسمون منطقة الأقصى بجبل الهيكل وهو دليل على أنهم يريدون تملك هذا المسجد والجبل الذي يقيم عليه، ما يعني أنهم يربطون البعد السياسي بالبعد الديني. انهم دائما يتحدثون عن جبل الهيكل ومملكة سليمان وغير ذلك من الخزعبلات، وهو دليل على ربط اوهامهم بهذا المكان، في مسعى لنزع الهوية العربية التاريخية للمكان.
واعتقد المصالحة أن تصعيد الاقتحامات اليهودية للاقصى في رمضان، يهدف الى تبرير ادعاءاتهم بأنهم يمتلكون هذه المنطقة المقدسة عند المسلمين، ولعل اصعب موقف يمر على الانسان هو المس بثوابته الدينية التاريخية ومشاعره العاطفية التي تعود لحقب تاريخية طويلة، بحسب المصالحة.
وبين ان أسباب الاعتداءات مردها ديني سياسي، حيث يسعى الصهاينة وكيانهم الى التوسع وامتلاك الأرض التي كانوا يدعون انها بلا شعب، لأنهم حينما أطلقوا اسم الدولة اليهودية على إسرائيل شددوا على قوميتها وبعدها الديني على حساب أصحابها الفلسطينيون.
وقال، ان الشباب الفلسطيني الثائر له همة وطموح وله مستقبل ولديه أفق سياسي مفتوح ويملك هويته والقدرة على العمل والحركة والتعبير، وهو يستخدمها جميعا ليقتلع الاحتلال من جذوره.
واضاف، ان إسرائيل فرضت سيطرتها على الارض والبحر، وفي أي لحظة تعمد الى اغلاق أي منطقة أو تفرض عليه حصارا، ذلك أن الفلسطينيين هم الشعب الوحيد في العالم حتى هذه اللحظة الذي لا يملك مقدراته وموارده ولا يملك سيادة على بلاده وواقع الحال يقول ان هذا الشعب لم يعد يؤمن بكل الترهات والأحاديث عن السلام والتهدئة، لافتا الى أن كلمتي السلام والتهدئة تعني في العرف الفلسطيني أن أبقى صامتا ومستكينا فيما حقي وارضي يغتصبان، وهو ما لا يقبله منطق.
بترا