سارية العلم

بقلم الإعلامي سمير مصاروه

تلك الجَلَبةُ الشهية التي يُحدثها الأبناءُ وهم يستعدون للانطلاق الى المدرسه صباحًا تعيد فينا رغبةَ السنين والحنينَ الى أيامٍ خَلَت من ذلك الكسلِ الجميل حين نغادرُ الفراش محملين بأحلامنا .. نملأ الدارَ صخباً يوشوش سمعَ الدنيا .. نجري صفقاتٍ صباحيةً بريئة حول ( بوط الرياضه) وعلبة الهندسة والآلة الحاسبة دون أدنى حسابٍ لخطط التنمية المستدامة أو تحسين الوضع الإقتصادي للأب الذي وضع مصروفنا عشرة قروش فوق طاولة (التلفزيون) .. (التلفزيون) الذي كان يشاركنا مراسمَ استقبال يومٍ مدرسي على صوت فيروز ( أردن أرض العزم ) أو أغنية عمان لفارس عوض

كانت سندويشة الزعتر تحجز مكانها في حقائبنا المدرسية مسافراً دائماً برحلةً باتجاه واحد كما قلوبنا التي كانت تسافر صوب الوطن وسارية العلم في الطابور الصباحي رحلةً لا رجعة فيها

كانت شوارع القرية تتنفس فينا كل صباح أسراباً لا تحيدُ عن دربها .. تحملنا الشوارع والأزقة بفرح وترافقنا الشمس بدفئها لتسلمنا الى اول استاذٍ ينتظرنا بباب المدرسة يحمل عصا التربية والحب ليتأكد من أن الجميع قد تحصّن داخل اسوار المدرسة ليبدأ الطابور الصباحي بنشيد العلم نرفعه على سارية أحلامنا نحو السماء .. يبدأ اليوم الدراسي بعيون كسلى ما زال عالقاً فيها دفءُ الفراش وتهدهدها راحة البال الى أولِ هديرٍ من صوت استاذ اللغة العربية يُعيدُ فيها صوت َدندنةٍ ظلت عالقةً برأسي منذ الصباح لأغنية

وابي جندي عربي

عربي عربي عربي

تحتضن السيف ذراعه

وتضم بلادي عيناه

وبلادي مهج وجبال

ويحب الارض وامي والاولاد ويحب عيون الحرية

حينها تكون أمي قد أغلقت التلفاز وبدأت تحضر لعودتنا

وليتنا نعود من جديد يا أمي فقد لاكتنا الأيام وشرّدت أحلامنا





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق