بين “مأزق دستوري” و”انهيار الحكومة”.. خيارات نتنياهو

هلا أخبار – يواجه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، معضلة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، بعد أن قررت المحكمة العليا إلغاء تعيينه لأحد أهم وزرائه.

نتنياهو الذي أدى اليمين الدستورية في 29 كانون أول الماضي، لم يتخذ أي إجراء – حتى الآن – بشأن إقالة، أرييه درعي، من منصبه كوزير للصحة والداخلية.

وإذا لم يستقيل درعي خلال الأيام المقبلة أو لم يقم نتانياهو بإقالته، فإن الخلاف القانوني سيؤدي إلى تفاقم صدام أوسع بين الحكومة والقضاء الذي يعتبره المحللون من أكثر النزاعات عمقا في تاريخ إسرائيل.

وقال يوهانان بليسنر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث غير حزبي يتخذ من القدس مقرا له، “إذا خالف رئيس الوزراء نتانياهو أمر المحكمة ولم ينه تعيين درعي في الحكومة فنحن في أزمة دستورية لم يسبق لنا مواجهتها”.

في حديثه لصحيفة “نيويورك تايمز”، قال بليسنر إنه “إذا امتثل نتانياهو لقرار المحكمة وأنهى ولاية درعي كوزير، فإننا أمام فصل سياسي جديد في الحياة القصيرة لهذه الحكومة الجديدة مما يؤدي لتعقيد سياسي قد يكون بمثابة عامل زعزعة الاستقرار”.

الحل “المعقد”

والأربعاء، أعلنت المحكمة الإسرائيلية العليا، إلغاء تعيين رئيس حزب “شاس” المتشدد، أرييه درعي، وزيرا، بسبب إدانته بمخالفات جنائية العام الماضي.

وأدين درعي في العام 2022 بالتهرب الضريبي، لكنه لتجنّب السجن، بعد أن توصل إلى اتفاق مع المحكمة بأن يقرّ بالذنب، ويدفع غرامة قدرها 180 ألف شيكل (50 ألف دولار) ويتنازل عن مقعده في الكنيست.

ونصح المدعي الإسرائيلي العام، غالي باهراف ميارا، نتانياهو بأنه ليس لديه خيار قانوني آخر، وفقا لرسالة نشرتها هيئة البث الوطنية “كان”.

وجاء تعيين درعي في الحكومة بناء على قانون أقر في الكنيست أواخر الشهر الماضي، يسمح لأي شخص مدان بجريمة ولم يدخل السجن، بالحصول على حقيبة وزارية، بينما كان القانون يحظر ذلك في السابق.

لكن في إسرائيل التي ليس لديها دستور، يمكن للمحكمة العليا إلغاء قوانين يقرّها الكنيست إذا اعتبرت أنها تتعارض مع القوانين الأساسية للبلاد.

ويعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي، يواب شتيرن، أن رئيس الوزراء يحاول البحث عن حلول وسط للخروج من هذه الأزمة دون أن يدخل البلاد في “مأزق دستوري” أو يخسر دعم حزب “شاس” الذي يملك 11 مقعدا في الكنيست.

وقال شتيرن لموقع قناة “الحرة” إن “نتانياهو لا يريد أن يدخل البلاد مأزقا دستوريا وصراعا مباشرا مع المحكمة العليا، ولكن من جهة ثانية هو بحاجة إلى إرضاء درعي”. وأشار إلى أن رئيس الوزراء يبحث عن حلول ترضي جميع الأطراف.

حلول صعبة

من ضمن الحلول المطروحة، تعيين درعي رئيس وزراء بديل في البلاد، حسبما قال شتيرن، لكن هذه الخطوة “طويلة وتنفيذها معقد ومحفوف بالمخاطر”، وفق ما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

واستحدثت إسرائيل منصب رئيس الوزراء البديل عام 2020، ويعني تقسيم فترة الحكم الممتدة إلى 4 سنوات بين رئيسين، يقضي كل منهما عامين في المنصب.

وكان نتنياهو أول من بدأ هذا الأسلوب لتبادل السلطة مع وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، لكن الحكومة لم تدم طويلا.

ولجأت الحكومة الائتلافية السابقة لذات المنصب، حين تبوأ، نفتالي بينيت، رئاسة الوزراء قبل أن يتبادل المنصب مع يائير لبيد، عقب سنتين، لكن الائتلاف المختلف أيدولوجيا واجه المصير ذاته وانهارت الحكومة.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن تقرير للقناة 12 مفادة بأن زعيم حزب “شاس” يضغط من أجل تعيينه رئيس وزراء بديل في محادثات جارية مع رئيس نتانياهو. وقال التقرير إن نتانياهو ودرعي يريدان “وضع خطة” قبل استقالة درعي رسميا.

ولتعيين درعي في منصب رئيس الوزراء البديل، سيتطلب من الحكومة تمرير اقتراح بحجب الثقة عن نفسها وتشكيل حكومة جديدة لتقاسم السلطة.

ومع ذلك، نظرا لأن المحكمة العليا لم تحكم مطلقا في إمكانية تعيين مُدان في هذا المنصب، فمن المرجح أن تُعرض المسألة على القضاة، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

وقال شيترن إن من ضمن الحلول الأخرى للخروج من هذا المأزق بالنسبة لنتانياهو، التفكير في سن قوانين جديدة في الكنيست على اعتبار أن رئيس الوزراء نفسه قد يحتاجها مستقبلا، وفقا للمحلل الإسرائيلي.

ويحاكم نتنياهو نفسه أمام المحكمة المركزية في القدس بتهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهي تهم ينفيها.

وجاءت هذه العاصفة السياسية في إسرائيل في وقت واجهت فيه الحكومة الجديدة معارضة شعبية بعد تظاهرات حاشدة الأسبوع الماضي من المتوقع أن تتجدد في عطلة نهاية الأسبوع الحالي.

ومساء السبت، خرجت مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة في شوارع تل أبيب تهدف “للديمقراطية” وترفض الإصلاحات القضائية التي أعلن عنها وزير العدل الجديد.

ويسعى وزير العدل في الحكومة الجديدة إلى منح الكنيست مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة. ويتم اختيار القضاة في إسرائيل من قبل لجنة مشتركة من القضاة والمحامين والنواب وبإشراف وزارة العدل. ومن بين مقترحات الوزير أيضا “بند الاستثناء” الذي يتيح لنواب الكنيست، بأغلبية بسيطة، إلغاء قرار صادر عن المحكمة العليا.

“وسيلة تأثير”

وتقول الحكومة وأنصارها إنها ستقويها – من خلال منح سلطة أكبر للأحزاب التي تمثل أغلبية الناخبين.

وقال المحلل السياسي الإسرائيلي، روني شالوم، إن اليسار يحاول السيطرة على البلاد من خلال السلطات القضائية عقب فشله في الانتخابات على اعتبار أنه يملك قوة في تلك السلطة، وفق تعبيره.

وأضاف أن المظاهرات التي خرجت ضد الحكومة الجديدة تقودها جهات سبق وأن خرجت ضد نتانياهو خلال فترة سابقة.

وأوضح شالوم أن الهدف من التظاهرات هو “أن تحافظ الأحزاب اليسارية على قوتها بعد خسارة الانتخابات بفارق 300 ألف صوت لصالح اليمين”.

وتابع: “في آخر المطاف، ستغير الحكومة الجديدة القوانين ومسؤوليات السلطة القضائية ودرعي سوف يعود للساحة السياسية”.

في المقابل، حذر قادة المعارضة من أن الإصلاح في النظام سيضر بالعملية الديمقراطية التي تعرفها البلاد منذ تأسيسها عام 1948.

وقال شتيرن إن نتنياهو “يريد أن يغير الطابع الديمقراطي من خلال رفع القيود الموجودة على من أدينو في المحكمة لتولي المناصب العامة على اعتبار أن كثير من شركائه (في الحكومة) مدانون”.

ومع ذلك، يستبعد شتيرن التوجه لانتخابات تشريعية جديدة ستكون هي السادسة في 4 أعوام. وتابع: “حزب شاس معني بأن تستمر هذه الحكومة لأنها الأفضل بالنسبة له بعد سيطرة شبه كاملة”.

وأصبح “شاس”، وهو حزب ذو شعبية بين اليهود الشرقيين المتدينين من الطبقة العاملة، ثاني أكبر الأحزاب في الائتلاف اليميني الحكومي بـ 11 مقعدا، مما منحه ميزان القوى في الكنيست.

قبل القرار كان حزب “شاس” يهدد بانهيار الحكومة حال إصدار المحكمة العليا لحكم يقضي بإبعاد درعي عن منصبه الوزاري.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية، يعقوب ميرغي، وهو من حزب “شاس”، في وقت سابق الأربعاء، إنه في حال قررت المحكمة العليا إلغاء تعيين رئيس حزبه أرييه درعي، وزيرا، فإن “نتنياهو يعلم أنه لن تكون هناك حكومة”.

لكن شتيرن يرى أن هذه “التهديدات مجرد وسيلة للتأثير على نتانياهو لإجراء مفاوضات مع حزب شاس للتعويض عن إقالة درعي”

الحرة






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق