تقرير البنك الدولي – أثر الاستثمار

د. خير أبو صعيليك

شهد المنتدى الاقتصادي الأردني ضمن فعاليات الصالون الاقتصادي إطلاق تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان (المرصد الاقتصادي وتعظيم الأثر التنموي للاستثمار العام) والذي قدم فيه أحدث التطورات والسياسات الاقتصادية الرئيسة على مدى العام الماضي، كما عرض تقييما للآثار المترتبة على الاقتصاد الأردني نتيجة التطورات العالمية.
‏يشير التقرير إلى ان النمو الاقتصادي خلال النصف الأول من عام 2022 فاق التوقعات مدعوما بانتعاش قوي في السياحة والصادرات، ومع ذلك كان حجم النمو في مؤشرات سوق العمل طفيفا، وبالتوازي فقد ارتفع عجز الحساب الجاري إلى اعلى مستوى منذ العام 2012 نتيجة لارتفاع واردات الطاقة والحبوب.
‏أما التضخم فقد ارتفع إلى مستوى قياسي هو الأعلى منذ عام 2018 إلا أن التقرير يشير بوضوح إلى أن هذا التضخم ما يزال محدودا مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة.
‏التقرير عرض نسبة مشاركة الشباب المتدنية في سوق العمل وكذلك مشاركة المرأة والتي بلغت قرابة 34 %، ولكن التقرير لم يراع أبعاد سوق العمل غير الرسمي أو ما يسمى به اقتصاد الظل والذي في ظني وتقديري يستوعب جزءا من العمالة، مما يستلزم من الحكومة اتخاذ إجراءات جادة لإغراء اصحاب العمل والعاملين في اقتصاد الظل للتوجه نحو الاقتصاد الرسمي.
يتعرض التقرير ايضا الى العجز المالي للحكومة (باستثناء المنح) والذي شهد تراجعا طفيفا مقارنة مع العام 2021 حيث إن ارتفاع الانفاق امتص أثر التحسن في الإيرادات المتحققة نتيجة توسيع القاعدة الضربية ليبلغ العجز المالي شاملا المنح 3.7 % من الناتج المحلي. وهنا لا بد من الاشارة الى الانتعاش الكبير في السفر والسياحة والذي ادى إلى دعم حساب الخدمات، لكن تحويلات العاملين بالخارج ظلت مستقرة. فقد نمت إيرادات السفر بما يقرب من 240 ٪ (على أساس سنوي) خلال النصف الأول من عام 2022، لتصل إلى ما يقرب من 2.2 مليار دولار، وجاءت الزيادة مدفوعة بشكل أساسي بالسياح الوافدين من الدول العربية وكذلك المغتربين الأردنيين. في المقابل، جاء تعافي السياحة غير العربية ضعيفا.
وبالنظر الى الاصلاحات المالية التي تتبعها المالية العامة فقد رجح التقرير ان يشتد الضغط على الدين العام بسبب الوضع المالي لبعض مؤسسات القطاع العام كشركات المياه والكهرباء الخاسرة، وبالنظر الى إشادة التقرير بالسياسة النقدية للبنك المركزي والتي وصفها بالمتشددة نتيجة متابعة رفع سعر الفائدة تبعا لقرارات الفيدرالي الاميركي الا انه لم يخف قلقه من امكانية انطواء هذه الاجراءات على آثار اقتصادية كلية ومالية مهمة.
الجزء المهم من التقرير عرض لتعظيم الأثر الإنمائي للاستثمار العام، حيث اتخذ الإنفاق الاستثماري مسارا تنازليا خلال العقدين الماضيين نظرا لاعتماده على المنح الخارجية في ظل محدودية المساحة المالية في الموازنة العامة، وبقي الانفاق الراسمالي يعاني من ضعف التنفيذ مقارنة بمخصصات الموازنة.
وخلص التقرير الى جملة من التوصيات بهدف تعظيم الأثر الإنمائي للاستثمار العام ومنها اختيار المشروع المبني على رؤية وطنية وفقا للآلية شفافة مستندة الى البيانات، وأن تكون تكلفة المشروع ضمن الإمكانات المالية للدولة وتهيئة مجال للتنافس العادل في نظام المشتريات.
هذا التقرير المهم الصادر عن مؤسسة دولية معتبرة ليس للاطلاع والحفظ بل يفترض ان يستخدم كأداة تغذية راجعة وبما يخدم السياسات الاقتصادية الثلاث المالية والنقدية والاستثمارية.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق