هل خسر الأردن؟

سميح المعايطة

كثافة التفاصيل والمتغيرات في أزمات مثل الأزمة السورية تجعل معايير الفوز والخسارة تختلط في بعض مراحل الأزمة، ومنها قصة الأردن مع الأزمة السورية.
مع بداية الأزمة وسنواتها الأولى كان البعض يصف الموقف الأردني بالرمادي، وقتها كان كل معسكر يريد الأردن معه، معسكر الساعين لإسقاط الدولة السورية ومعسكر الداعمين لنظام بشار الأسد، وتعرض الأردن إلى ضغوط مختلفة سياسية وإعلامية واقتصادية والهدف أن يتخذ موقفا شرسا ضد النظام السوري وأن يجعل من حدوده منطقة معسكرات للمعارضة السورية بل واستباحة الأرض السورية لكن الأردن حينها كان منحازا لمصالحه وأمنه واستقراره ووحدة سورية ومنع تشرذمها أو تحولها إلى مناطق نفوذ لقوى الإرهاب والتطرف.
وبعد أن عادت معظم أرض سورية للدولة لم ينتظر الأردن كثيرا في إعادة بل تقوية الاتصال مع الحكومة السورية تحقيقا لمصالح الطرفين الاقتصادية والسياسية والأمنية، ولأن الأردن يريد سورية مستقرة تحكمها دولة قوية، ومع ذلك بقيت الأخطار تأتينا من هناك عبر مليشيات طائفية ومن معها من جهات سورية في حرب المخدرات التي لم تتوقف بعد.
الأردن أول من فتح الأبواب سياسيا واقتصاديا وأمنيا مع سورية وقت أن كانت دول عديدة ترفض التفكير بهذا، والأردن أول من سعى لإعادة سورية إلى العالم والعرب رغم وجود عوائق عديدة واشتراطات دولية، لكن الرؤية الأردنية كانت موجودة حتى وإن لم تخدمها الظروف للتحقق وما يزال الأردن يسعى في هذا الاتجاه.
واليوم وبعد أن تغيرت بعض معطيات الإقليم وأعادت دول عديدة علاقاتها مع دمشق أو تكاد، وبعد أن توسعت دائرة القبول للنظام السوري عربيا فإن ما كان يسعى إليه الأردن قد تحقق جزئيا بانتظار اكتمال عملية تأهيل سورية لتعود للمجتمع الدولي وهو ما يسعى إليه الأردن.
ميزان الربح الأردني مع كل خطوة تعود فيها سورية إلى محيطها العربي والمجتمع الدولي، والأردن رابح إن تماسكت سورية وعاد أهلها المهجرون إليها وفي هذا مصلحة مباشرة للأردن، وميزان الربح الأردني يكون مع تحسن اقتصاد سورية وتخفيف الأعباء عن شعبها وتنشيط التبادل التجاري مع الأردن بل وعودة تجارة الترانزيت مع دول جوار سورية.
ليس مهما من أي باب تعود سورية، فرؤية الأردن أن تكون العودة وأن تعود سورية قادرة على حماية حدودها ووقف حرب المخدرات، وأن تعود سيادتها عل كل أرضها.
الخسارة الأردنية الحقيقية عندما يتجمد الوضع في سورية دون تحسن، وعندما تبقى سورية معزولة عن العرب والعالم، وعندما يبقى المهجرون من سورية خارج بلادهم ومنها الأردن الذي يتحمل أعباء كبيرة جدا، أو أن تبقى بعض أرض سورية قاعدة لتنظيمات الإرهاب أو التطرف أو ساحة لمليشيات طائفية تستهدف الأردن ومحيطه بالمخدرات، ولهذا فكل جهد يفتح نوافذ سورية على العرب والعالم هو جوهر الرؤية الأردنية وسعيه خلال السنوات الأخيرة.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق