مسؤولية الأحزاب عن الأنشطة الطلابية

د. ليث نصراوين

أصدر مجلس الوزراء في نهاية العام الماضي نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي رقم (68) لسنة 2022، وذلك بالاستناد إلى قانون الأحزاب السياسية الجديد رقم (7) لسنة 2022 الذي ينص في المادة (20) منه على أنه «يحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب السياسي ممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم، على أن يصدر نظاما خاصا ينظم هذه الأنشطة».

وعلى الرغم من صدورة الإرادة الملكية السامية بالموافقة على هذا النظام ونشره في الجريدة الرسمية مطلع شهر كانون أول الماضي، إلا أنه سيدخل حيز النفاذ منتصف العام الحالي، بعد مرور مائة وثمانين يوما من تاريخ النشر.

وتتمثل أسباب تأخير بدء سريان النظام الجديد في ارتباطه الوثيق بالمدة الزمنية التي حددها قانون الأحزاب السياسية لعام 2022 للأحزاب القائمة والمسجلة قبل نفاذه لتوفيق أوضاعها، وذلك خلال سنة واحدة من تاريخ نفاذه. فهذه الفترة الزمنية ستنتهي في منتصف شهر أيار القادم، ليبدأ بعدها بأيام معدودة العمل بالنظام الجديد، بحيث تكون مؤسسات التعليم العالي قد أنهت تحضيراتها الإدارية والفنية لتمكين الطلبة من ممارسة الأنشطة الحزبية داخل الحرم الجامعي.

إن الغاية الأساسية من إصدار النظام الجديد هي تنظيم ممارسة الطلبة الحزبيين المنتظمين في الدراسة في مؤسسات التعليم العالي لأنشطة حزبية تتعلق بالتوعية والتثقيف الحزبي، والتعريف بالعملية الانتخابية، وعقد الندوات والمناظرات السياسية فيها. فهذا التشريع المستحدث يخاطب فقط الطلبة المنتسبين إلى الأحزاب السياسية الذين هم على مقاعد الدراسة الجامعية، بحيث يتيح لهم فرصة التقدم بطلب إلى عمادة شؤون الطلبة لتنظيم فعالية حزبية ضمن شروط وضوابط محددة تهدف إلى الحفاظ على سلامة منشآت مؤسسة التعليم العالي ومرافقها، وحسن سير العملية التعليمية فيها، وعدم القيام بأي فعل يعيق عملها.

ويبقى التساؤل الأبرز حول نطاق مسؤولية الحزب السياسي عن الأنشطة الجامعية التي سيقوم الطلبة الجامعيون الأعضاء فيه بتنظيمها في مؤسسات التعليم العالي، والتي ستكون فرصة للتعريف بهذا الحزب السياسي واستقطاب أعضاء جدد له.

إن نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية قد جاء بحكم تشريعي إيجابي في المادة (5/و) منه يتمثل بضرورة أن يرفق الطلبة الحزبيون مع الطلب المقدم منهم إلى عمادة شؤون الطلبة لعقد النشاط الحزبي موافقة أمين عام الحزب السياسي على إقامة النشاط. فهذا الارتباط الذي اشترطه النظام الجديد بين الحزب السياسي والنشاط الطلابي الحزبي من شأنه أن يرتب مسؤولية قانونية على الحزب عما سيدور في النشاط الطلابي من أحداث ومجريات. فأي مخالفة للتشريعات النافذة أو للنظام العام والآداب من قبل الطلبة الحزبيين أثناء عقد النشاط، سيكون الحزب السياسي ممثلا بقياداته العليا مسؤولين عنها وفق أحكام القانون.

إن اشتراط موافقة الأمين العام للحزب السياسي على عقد الفعالية الطلابية تستلزم بالضرورة أن يتحقق الأمين العام من أسماء الطلبة الجامعيين الأعضاء في الحزب الذين يرغبون بتنظيم نشاط حزبي في مؤسستهم التعليمية، وماهية النشاط الحزبي المراد تنظيمه والغاية منه، والبرنامج المقترح للنشاط وأسماء المتحدثين الرئيسيين فيه. فمخالفة الطلبة الحزبيين لأحكام القانون ستنسحب حكما على الحزب السياسي الذي وافق أمينه العام على عقد الفعالية الطلابية، وسيترتب عليها مسؤولية تأديبية على الطلبة الجامعيين وجزائية إن اقتضى الأمر، بالإضافة إلى تعريض الحزب نفسه للجزاءات المقررة في قانون الأحزاب، والتي قد تصل إلى الحل بقرار قضائي قطعي من محكمة البداية المختصة.

وتجدر الإشارة إلى أن نفاذ أحكام النظام الجديد بحاجة إلى مجموعة من القرارات التي سيصدرها مجلس التعليم العالي تتمثل أهمها بوضع نموذج معتمد لكي يقوم الطلبة الحزبيين باعتماده وتقديمه لمؤسسات التعليم العالي لعقد الأنشطة الطلابية، وذلك عملا بأحكام المادة (5) من النظام. كما يتعين على مجلس التعليم العالي إصدار التعليمات الخاصة بتنفيذ أحكام النظام، وأهمها تلك المتعلقة بتحديد الأمكنة والأوقات التي سيسمح للطلبة الحزبيين بعقد أنشطتهم الطلابية، وذلك عملا بأحكام المادة (4/أ) من النظام الجديد.





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق