فلسطين : إصدارات فكرية ووطنية بالربع الأول من عام 2023

اختتمت فلسطين، بالصامدين فوق ترابها وشتاتها العام 2022، وبدأت العام 2023 بإصدار وإطلاق العديد من الإصدارات القيّمة فكرياً ووطنياً، مراكمةً إبداعاً ثقافياً فلسطينياً لم يتوقف في البحث عن الهوية، والظروف، والحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، منذ عام نكبة 1948، ونكسة 1967، وما بينهما، وما تلاهما من مجازر وتشرد وأحداث مفصلية.

ووفقا لبيان صحفي صادر عن اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)، ضمن التقرير الثقافي الدوري للدول الأعضاء في الاتحاد، وأعدت التقرير وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، فإنه من أهم تلك الإصدارات، كتاب: “حيفا في الذاكرة الشفوية: أحياء وبيوت وناس” لروضة غنايم، الصادر عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” ضمن “سلسلة ذاكرة فلسطين”.

ويتتبّع العمل تاريخ خمسة أحياء في مدينة حيفا؛ هي: العتيقة، والكولونية الألمانية، وعبّاس، ووادي النسناس، ووادي الصليب، من خلال روايات ذاتية لأفراد سكنوا هذه الأحياء، يسردون فيها يومياتهم وتاريخ عائلاتهم؛ إذ تجمع هذه المرويات سير الناس وسيرة المدينة وفلسطين عامّة، إضافة إلى صور من ألبوماتهم الشخصية، تمثّل انعكاساً للتطوّرات التي طرأت عليها منذ نهاية الفترة العثمانية إلى اليوم.

ويرصد الكتاب التغيرات العديدة بعيدة المدى التي مرت بها المدينة، خلال الفترة الممتدة من القرن التاسع عشر إلى عام 1948؛ حيث تحولت في مدة زمنية قصيرة نسبيا من قرية صيّادي سمك إلى مدينة صناعية متطورة، ومركز تجاري مزدهر في المنطقة.

كما صدر عن “سلسلة ذاكرة فلسطين” في “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” كتاب “مخيم تل الزعتر: وقائع المجزرة المنسيّة” لأستاذ فقه اللغة والباحث الفلسطيني محمد داود العلي.

ويوثق الكتاب الحوادث التي قادت إلى مجزرة تل الزعتر في آب/ أغسطس 1976، في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية، حرب السنتين، محاولاً تأريخ المجزرة بأبعادها السياسية والعسكرية والإنسانية، ومسلطاً الضوء على السياقات القانونية والاجتماعية والاقتصادية للّاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء في لبنان.

ويقدّم خلفية تاريخية عن العلاقات السورية – اللبنانية – الفلسطينية وتحولاتها خلال الفترة التي يغطيها. ويعرض الوضع الإنساني لـ30 ألف نسمة في المخيم والأحياء القريبة منه، في جسر الباشا والنبعة والكرنتينا، وحُوصر مخيم تل الزعتر (13 ألف مدني)، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وقتها، وشُرّد من بقي من سكانه إثر مجزرة دموية لم تُوثَّق وقائعها بالكامل.

ويشير الكتاب إلى أن حصار تل الزعتر واقتلاعه مرّ بأربع مراحل: حصار تمويني مطلع عام 1976 استمر سبعة أشهر، تلاه هجوم عسكري مُحكَم من الجهات الأربع لمدة 52 يوما.

أما “أوراق السجن: من أروقة الكنيست إلى سجون الاحتلال” لباسل غطاس، عن “سلسلة ذاكرة فلسطين” في “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، يروي فيها غطّاس يومياته في سجون إسرائيلية عدة، تنقّل بينها خلال فترة 23 شهرًا، إثر اتهامه واعتقاله على خلفية قضية تهريب هواتف نقّالة للأسرى الفلسطينيين، ويتناول تفاصيل حياتهم، وقضاياهم السياسية، والإنسانية، في مختلف جوانبها.

كما صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، من (سلسلة ذاكرة فلسطين)، كتاب مصطفى العبّاسي طبريا العربية تحت الحكم البريطاني 1918-1948: دراسة اجتماعية وسياسية. يتألف الكتاب من 520 صفحة، ويشتمل على قائمة ببليوغرافية وفهرس عام، ويتناول تاريخ مدينة طبريا على امتداد نحو مئتي عام، وذلك منذ بداية نهضتها الحديثة أوائل القرن الثامن عشر، وحتى أحداث نكبة عام 1948.

وصدر حديثاً، عن “المؤسسة العربية للدراسات والنشر”، كتاب “تأمّلات في الفيلم الفلسطيني” للكاتب الفلسطيني سليم البيك. يتناول العمل مواضيع الهوية والحكاية والشخصية والنكبة من خلال دراسة السينما الفلسطينية.

وعن “المؤسسة العربية للدراسات والنشر” في بيروت، صدر كتاب “هاني الحسن صوت الحضور الأنيق والنوء العاصف” للكاتب والدبلوماسي الفلسطيني حسان البلعاوي.

وأطلق مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، كتاب “الصهيونية.. إسرائيل ومناهضة السامية”، للباحث خلدون البرغوثي.

وصدر عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” كتاب “القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة”، من تأليف الباحث الفلسطيني أحمد جميل عزم وآخرين، وتحرير آيات حمدان.

ويضيء العمل الفترة الممتدّة منذ احتلال القدس في حزيران/ يونيو 1967، حيث عملت “إسرائيل” على تهويد المدينة عمرانياً وديموغرافياً، مستندةً إلى منظومة قانونية وإدارية ترسّخ هذا التوجّه السياسي، حيث فتّتت النسيج الحضري والاجتماعي والاقتصادي المقدسي، بعزل الشطر الشرقي للمدينة عن باقي الضفة الغربية، معتمدةً بناء المستعمرات وجدار الفصل العنصري.

وعن “المؤسسة العربية للدراسات والنشر”، صدر حديثاً كتاب “دروب غير مطروقة في فلسطين: مقتطفات من رحلات القنصل البريطاني جيمس فن في القدس في فلسطين وشرقي الأردن، 1846 – 1859″، بترجمة جمال أبو غيدا وتقديم جوني منصور.

ويتضمّن الكتاب نصوصاً تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر ولا يمكن فصلها عن السياسة البريطانية العامّة نحو الإمبراطورية العثمانية آنذاك، حيث لا يقتصر دور القنصل البريطاني على صفته التمثيلية، بل إنه يقوم بجمع المعلومات والأخبار والتفاصيل الجغرافية والتاريخية والأثرية وتقديمها إلى سلطات بلاده.

كما صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب “كاميرا فلسطين: التصوير الفوتوغرافي وتاريخ فلسطين المهمش”. وهو من تأليف: عصام نصار، واسطيفان شيحا، وسليم تماري، ويتناول استكشافا نقديا للمؤرخ المقدسي واصف جوهرية (1972 -1904)، وألبوماته السبعة للتصوير الفوتوغرافي، بعنوان “تاريخ فلسطين المصور”، ويمثل قراءة لرواية الصور التسعمئة لجوهرية في البيئة الثقافية والسياسية الثرية لفلسطين العثمانية وفلسطين تحت الانتداب.

فيما صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب “المغيبات: النساء والمدن الفلسطينية حتى سنة 1948” من تأليف منار حسن، وترجمة علاء حليحل، و”يُعنى هذا الكتاب بالمدن الفلسطينية التي كانت ثم غُيبت. يُشكل الكتاب مشروعاً لإعادة استحضار المدينة الفلسطينية من الأساسات وحتى السقف.

وفي ظل غياب الأرشيفات، فإن السبيل إلى فعل ذلك مرّ عبر القطع الأثرية، والأغراض، والقصص المأثورة، والسيّر الذاتية، واللقاءات التي أُجريت مع أشخاص عاشوا في المدينة الفلسطينية قبل سنة 1948، وكلهم بطبيعة الحال فوق جيل السبعين”.

وينقسم الكتاب إلى أربعة فصول رئيسة وهي: “الخطاب الجندري في المدينة الفلسطينية”، و”النهضة النسائية في الحيز الحضري”، و”النساء في حيزي الترفيه والثقافة”، و”ظواهر من الحيز الاقتصادي”.

كما صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، كتاب “كنيسة المهد في بيت لحم أقدم كنائس فلسطين: دراسة في العمارة والفنون والتاريخ والتراث”، لأستاذ التاريخ والآثار في جامعة بيرزيت، نظمي الجعبة، ويعد هذا الكتاب الأول باللغة العربية الذي يتناول مجمل تاريخ الكنيسة، الروحي والمعماري والفني، ويتتبع مختلف المراحل التي مرت بها، مثلما يقدم وصفاً تفصيلياً لزخارفها ومعانيها، ويرافق أعمال الترميم الأخيرة التي كان المؤلف أحد المشرفين عليها.

وعن دار “جسور”، صدر حديثاً كتاب “الحاوي في الحكاوي” للإعلامي والكاتب الفلسطيني عارف أحمد الحجاوي. يضمّ الكتاب العديد من القصص التي قرأها المؤلّف أو سمعها خلال عمله في الإعلام لأكثر من أربعة عقود.

فيما صدر عن “مركز دراسات الوحدة العربية” كتاب “الاقتصاد الصهيوني الغاصب والاقتصاد الفلسطيني الأسير” للباحث أحمد السيد النجار، ويتضمّن بيانات شاملة وتحليلاً عِلمياً لتطوّر الاقتصادين الفلسطيني والصهيوني حتى عام 2022.

وصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب “العولمة والعبرنة في المشهد اللغوي العربي الفلسطيني في إسرائيل”، من تأليف محمد أمارة.

كما صدر، عن دار نشر غارنية، في العاصمة الفرنسية باريس: “كتابة التاريخ تقتل، مجزرة صبرا وشاتيلا في الأدب والفن”، للباحثة الفرنسية ساندرا بارير.

تناول الكتاب الظروف التاريخية لمجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، ووضعتها في سياق أوسع يتخطى الحرب في لبنان، ويستهدف إلغاء الوجود الفلسطيني منذ النكبة.

كما أطلقت وصدرت، كتب: “العقلية الصهيونية ولاهوت الإبادة”، للأسير القابع في سجن “هداريم” قتيبة بن مسلم، “رجل يشبهني” الياس خوري، “قناع بلون السماء” للأسير باسم خندقجي، ديوان “عرائش الحزن” للشاعر الكرمي نصوح بدران، “أشباه وأشباح”، لأنور حامد، “حارس الضحية” لعثمان حسين، “معجم الآلام”، للشاعر علي أبو عجمية، “العمارة الجبليّة في فلسطين بين واقع الصّيانة وآفاق التّرميم، بلدة السّموع أنموذجاً” لثورة حوامدة.

أما فيما يتعلق بالجوائز والتكريمات، فقد أعلنت مؤسسة محمود درويش، فوز الشاعرة والمترجمة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي، والموسيقار والفنان اللبناني مارسيل خليفة، والمترجمة والأكاديمية الإيطالية إيزابيلا كاميرا دي أفليتو، بجائزة محمود درويش للإبداع في دورة عام 2023؛ الجيوسي فازت عن فئة المبدع الفلسطيني، بينما خليفة عن فئة المبدع العربي، وأفليتو عن فئة المبدع العالمي.

وفي روسيا، فاز الفنان الفلسطيني طالب الدويك، بالميدالية الذهبية لجائزة الفن التشكيلي التي تحمل اسم الفنان الروسي “نيكولاي إيفانوفيتش كريلوف”.

كما فاز الكاتب محمود جودة بجائزة أفضل نص مسرحي عن مسرحية “الشاطئ الآخر”، في مهرجان ليالي مسرح الصحراء الدولية بولاية أدرار في جمهورية الجزائر.

وفاز الروائي الفلسطيني حسن حميد، بجائزة نجيب محفوظ في مصر والعالم العربي عن أفضل رواية عربية عن روايته “ناغوغي الصغير”، الصادرة عن وزارة الثقافة الفلسطينية العام 2021.

وبخصوص الفعاليات؛ كان الحدث الثقافي الأبرز في فلسطين تنظيم فعاليات المؤتمر السنوي لمركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، “تاريخ وآثار فلسطين – مراجعة نقدية”، والذي عقد لمدة يومين في مدينة رام الله، بمشاركة 35 باحثا، يمثلون عددا كبيرا من المؤسسات والجامعات الفلسطينية.

وجاء هذا المؤتمر في إطار مشروع كتابة تاريخ فلسطين، لعرض نتائج الأبحاث حول تاريخ فلسطين من بداية العصر الحجري حتى الوقت الحاضر، وهو مشروع بحثي علمي متعدد الأبعاد وقاطع للتخصصات ينطلق من تعميق الدور المحلي المغيب في كتابة تاريخ فلسطين.

بدورها، أطلقت وزارة الثقافة الفلسطينية فعاليات يوم الثقافة الوطنية في 13 آذار، بإقامة 20 فعالية ثقافية في الضفة وغزة وعكا ومخيم نهر البارد، واختيار الموسيقار المقدسي حسين نازك، شخصية العام الثقافية لدوره في تكريسِ الأغنيةِ الثوريةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ على مدارِ عقود.

كما أقيمت في عمان أعمال مؤتمر “غسان كنفاني للرواية العربية” تحت عنوان “فلسطين في الرواية العربية”، الذي ترعاه وزارة الثقافة الفلسطينية، بالتعاون مع نظيرتها الأردنية.

وفيما يتعلق بالأدباء والمثقفين الفلسطينيين الذين رحلوا في بداية عام 2023؛ فقد رحل المؤرخ والكاتب جهاد صالح المولود في قرية دير دبوان شرق مدينة رام الله عام 1948، وتلقى تعليمه فيها، والتحق في صفوف الثورة الفلسطينية، ومنظمة التحرير عام 1968، وترأس تحرير مجلة الثورة، وجريدة التعميم عام 1983، وشغل موقع مدير عام الشؤون الثقافية في وزارة الإعلام الفلسطينية، وهيئة التوجيه السياسي والوطني منذ عام 1998، ورئيس تحرير مجلة الزاوية الثقافية التي صدرت في رام الله عام 2002.

وكان صدر له العديد من المؤلفات في الصحف الفلسطينية والعربية، وترجمت أعماله إلى عدد من اللغات الأجنبية، ونال عديد الجوائز الفلسطينية والعربية.

كما رحل أستاذ علم الاجتماع والباحث إيليا زريق (84 عاماً)، أحد أبرز المفكرين والأكاديميين في العالم العربي، ومن أهم رواد علم الاجتماع العرب والفلسطينيين.

وولد إيليا زريق سنة 1939 في مدينة عكا ودرس في جامعة سيمون فريزر في كندا (الماجستير)، وحاز شهادة الدكتوراه من جامعة اسكس في بريطانيا.

وتمحورت دراسات زريق، حول تاريخ الاستعمار الصهيوني في فلسطين وسوسيولوجيا المجتمعات الاستيطانية الكولونيالية وأنماط المراقبة، وعمل سابقاً أستاذاً في “معهد الدوحة للدراسات العليا” وباحثاً زائراً في “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” في الدوحة، كما شغل منصب أستاذ علم الاجتماع في جامعة كوينز في أونتاريا (كندا).

وفي غزة، رحل الصحفي والأديب موسى أبو كرش، في مدينة غزة –ولد في مخيم الشاطئ عام 1955- والذي عمل مدير تحرير في جريدة الحياة الجديدة، وكتب العديد من الأعمال الأدبية التي عبرت عن الواقع الفلسطينيّ. وللراحل مجموعة قصصية “هيلا هوب” التي صدرت عام 2016.

كما رحل الفنان التشكيلي الفلسطيني أحمد أبو الكاس، المولود في عام 1956 في الشجاعية بقطاع غزة، من مؤسسي جامعة الأقصى التي عمل فيها محاضرا في كلية الفنون، حصل على شهادة البكالوريوس في الفن والتربية من جامعة حلوان بجمهورية مصر العربية عام 1981، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة وعلوم الفنون الجميلة من أذربيجان عام 1999، كما حصل على ماجستير تصميم جرافيك من مدرسة الفنون بولاية بنسلفانيا الأميركية 1990.

ورحل كذلك الفنان المقدسي عماد سمارة، (67 عاما) أحد مؤسسي المسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي”، من أبرز المؤسسين للعمل المسرحي في مدينة القدس ومن الفاعلين في الحقل الثقافي.

ورحلت الشاعرة والمناضلة مي صايغ، المولودة في غزة عام 1941، شاركت في تأسيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وكانت أمين عام الاتحاد حتى عام 1985، وكان صدر للراحلة عدة دواوين، منها: “إكليل الشوك”، “قصائد منقوشة على سلسلة الأشرفيّة”، “قصائد حب لاسم مطارد”، “عن الدموع والفرح الآتي”.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق