تحفيز الاستهلاك.. كيف؟
عصام قضماني
من المتوقع في ظل ظروف عدم اليقين أن يرتفع حجم الادخار ويتراجع الاستهلاك لكن لا يتوفر لدى كاتب هذا العمود إحصائية تدل على تحقق هذه الفرضية.
الأرجح أن الادخار أقل من التوقعات، فما يحققه القطاع الخاص من فوائض تسحبه الخزينة لسداد التزاماتها التي تظهر، في العجز في الموازنة.
حتى وقت قريب كان حجم الاستهلاك الخاص والعام يعادل 105% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن هذه النسب تغيرت وستتغير سلبا كلما امتدت حالة عدم اليقين وأكثر من ذلك فإن الأثر السلبي سيمتد ليشمل حوالات المغتربين الذين سيتاثرون بحالة عدم اليقين.
إن حصل وتحققت هذه الفرضيات كيف يمكن تغطية الفجوة من تناقص الموارد المالية الخارجية، حوالات المغتربين الأردنيين، وحصيلة المنح العربية والأجنبية، فضلا عن تراجع الدخل السياحي والتدفقات الاستثمارية الداخلية والخارجية.
حفز الاستهلاك المحلي لزيادة تداول السيولة في السوق وعودتها حسب الدورة التقليدية إلى الخزينة على شكل ضرائب تبدو من الحلول شريطة ضبط إيقاع التضخم في حالة ارتفاع الطلب.
تحفيز الطلب المحلي لا يتم فقط عن طريق استهلاك المواد الغذائية والسلع وغيرها فهناك الطلب على السياحة والعقار وغيرها وهناك الطلب على السلع المعمرة وغير المعمرة.
من جهة هناك من يرى أن في الاستهلاك الكثيف بما لا تسمح به الموارد الذاتية، سيعمق الفجوة طالما أن تمويل هذه الفجوة يأتي دائما عبر وضع سلة الضرائب تحت النظر.
يقول وزير المالية أن توحيد النسب الجمركية وتخفيضها بين العقبة وباقي المناطق أغلق الباب أمام التهريب والتهرب وفي ذات الوقت ساعد على زيادة الإيرادات.. لماذا لا يتم عكس هذا النموذج على ضريبة غير مباشرة مثل ضريبة المبيعات.
كنت اقترحت في مقالة سابقة أن العملية تستحق التحويل واقترحت أن يتم تنفيذها لمدة سنة أو سنتين مشروطة بالنتائج ولا بأس أن يتفهم الرأي العام هذه العملية كتجربة يجري الرجوع عنها إن لم تحقق النتائج الركوة وهي زيادة الاستهلاك ما يعني زيادة الإيرادات.
سبق لوزارة المالية أن وضعت على الطاولة مقترح تخفيض سقف ضريبة المبيعات من 16% إلى 12% بكلفة قد تصل إلى 750 مليون دينار سنوياً، يتم تعويضها بإلغاء الإعفاءات، ورفع النسب المخفضة التي تتمتع بها حالياً بعض السلع والنشاطات وعن طريق زيادة الاستهلاك ما يعني زيادة الإيرادات.
ما دمنا نقول إن ضريبة المبيعات غير عادلة لناحية توحيد عبئها على كل الشرائح دون تمييز.
إذا كانت وزارة المالية تريد زيادة حصيلة ضريبة المبيعات، فعليها أن تعيد النظر في الإعفاءات والتخفيضات لإلغاء غير اللازم منها، وتوحيد النسبة عند 12% أو 10% لتشمل جميع السلع والخدمات دون استثناء.
السقف الحالي لضريبة المبيعات مرتفع بدون شك، ومن يقول إن السوق الأردنية استوعبته فهو مخطئ لأن هذه النسبة مقبولة على مضض وطالما أنها تحد من الاستهلاك،
كلما سعت الخزينة لزيادة الإيرادات المحلية وتخفيض العجز في الموازنة العامة، تعيد النظر في الإعفاءات والنسب المتدنية برفعها لكنها لم تجرب أن تفعل العكس، فتعيد النظر بالنسب المرتفعة التي تكبل الطلب وتحد من الاستهلاك بحجة أن السوق استوعبها وبحجة عدم المخاطرة بالإيرادات.
في حالات تباطؤ النمو أو تراجع الطلب ليس صحيحا أن التخفيض الضريبي لا يتحول إلى أرباح بل إنه ينعكس بتخفيض الأسعار على المستهلك وإلا بما نفسر الإقبال الكثيف على السلع في حالات التنزيلات وفي أيام الجمع السوداء كما يقال.