الشيعة العرب.. أين المشكلة؟
سميح المعايطة
كلما ذهبت الأحداث في منطقتنا إلى تصعيد وخاصة ما يتعلق منها بإيران نحتاج أن نقف على الموقف والنظرة لجزء من بعض الشعوب العربية وهم الشيعة العرب الذين كانوا موجودين في مجتمعاتهم منذ عقود وقرون، وهم جزء من دولهم ومسيرتها، بل إن بعضنا لم يكن يعلم أو يتحدث عن أي تقسيم طائفي في بعض مجتمعاتنا العربية بين سني وشيعي قبل أن تدخل إيران بمشروعها الفارسي على تفاصيل هذه الدول.
ليست المشكلة أن يكون هناك شيعة في بعض الدول العربية حيث تتنوع بين الأديان والطوائف والقوميات والمذاهب، لكن المشكلة الكبرى فيمن يترك ولاءه لوطنه وأمته ويتحول إلى جزء من اتباع أئمة إيران وجنديا في مشروعها الفارسي في الإقليم.
والمشكلة الكبرى فيما يسمى في إيران بولاية الفقيه أي أن مرشد الثورة الإيرانية هو المرجع في كل الأمور وهو صاحب الأمر والنهي وأوامره هي النافذة على الشيعي الذي يؤمن بها وحده فلا وطن ولا قيادة وطنه ولا أي مرجعية أخرى إلا للولي الفقيه، وهذه المرجعية تنتقل ميدانيا إلى مؤسسات إيران الخاصة ببلادنا العربية وهي الحرس الثوري.
وما فعلته إيران منذ بداية الثمانينيات أنها عملت على تجنيد فئات من الشيعة العرب لمشروعها عبر إنشاء ميليشيات وتنظيمات في الدول التي فيها شيعة عرب، بل إن أول معركة طاحنة عسكريا خاضها حزب الله اللبناني في بداية الثمانينيات كانت ضد حركة أمل الشيعية، لأن إيران كانت تريد أن يكون حزب الله المؤمن بولاية الفقيه هو ممثل شيعة لبنان، وكانت الخطوة الأولى ضرب حركة أمل التي كانت أقرب إلى العلمانية وتيارا وطنيا لبنانيا، ثم اختفى الإمام موسى الصدر وهو محسوب على حركة أمل ولم يعرف مصيره حتى الآن، وبعدها أصبح حزب الله هو الأقوى واستسلمت حركة أمل للواقع الجديد واحتفظت برئاسة مجلس النواب اللبناني.
وحتى في عهد صدام حسين في العراق فقد كان هناك أحزاب عراقية تؤمن بولاية الفقيه وموالية لإيران وكان جزء كبير من قادتها في إيران لاجئين هناك وكان أعضاؤه يقاتلون ضمن صفوف الجيش الإيراني ضد بلادهم العراق لأنهم يؤمنون بولاية الفقيه التي تجعل مرشد الثورة هو المرجع وصاحب الأمر.
وذات القصة تكررت في ساحة اليمن حيث لم تكن قصة الشيعة حاضرة في ملف اليمن إلى أن بدأت مع قصة الحوثيين الذين كانوا جزءا من أهل اليمن لكنهم تحولوا بفعل الاستغلال الفارسي للطائفية إلى حالة موالية لإيران وجزء من مشروعها الإقليمي.
أما الدول التي فيها شيعة ولم تستطع إيران وضع قدم لها فيها، فالشيعة جزء من مجتمعهم، بل إن بعض الدول مثل لبنان والعراق فيها جزء من شيعتها يؤمنون بدولتهم الوطنية ولم يتحولوا إلى جزء من أدوات المشروع الفارسي في الإقليم.
في مجتمعاتنا العربية أديان وطوائف وقوميات لكنها إن بقيت ضمن إطار دولتها الوطنية فإن أي مشكلات تكون محدودة، لكن إن تحولت إلى جزء من مشروع خارجي فإنها تصبح أداة إضعاف لدولها وتتحول إلى أحجار في مشروع الخارج الذي اختطفها.
إيران ومنذ جاء نظامها الحالي استعملت أمرين أولا الطائفية وقضية فلسطين والهدف خدمة المشروع الفارسي لهذا فهي اليوم تستغل كل أزمة في أي دولة عربية لتدخلها وتصنع لها نفوذا، ورغم كل العقود من العداء الإعلامي لإسرائيل وأميركا فإنها لم تطلق رصاصة من جندي إيراني نحو أميركا ولا إسرائيل بل تستعمل أتباعها العرب والهدف زيادة مساحة النفوذ والأوراق التي تملكها للمشروع الفارسي الذي كان في عهد الشاه واستمر في عهد ثورة الخميني لكن بأدوات جديدة.