رئيس الأعيان يدعو دول “جنوب – جنوب” لتجاوز خلافاتها وتعزيز تضامنها

هلا أخبار – قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، إن العالم يواجه تحديات اقتصادية وصراعات سياسية، أدت إلى قتل وتشريد ونزوح مئات الآلاف، وارتفاع نسب الفقر والبطالة، وانتشار تجارة السلاح والمخدرات على حساب قضايا التنمية.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها اليوم، في المؤتمر البرلماني للتعاون بين دول “جنوب – جنوب” الذي يناقش دور البرلمانات الوطنية والاتحادات البرلمانية الجهوية والقارية في إفريقيا والعالم العربي ومنطقة أمريكا اللاتينية، في تعزيز الشراكات الاستراتيجية، وتحقيق التكامل والاندماج والتنمية المشتركة، والذي بدأت اعماله اليوم في العاصمة المغربية الرباط، برعاية جلالة الملك محمد السادس وبدعوة من مجلس المستشارين في المملكة المغربية، ومنتدى الحوار البرلماني للتعاون “جنوب – جنوب” ورابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، وبحضور السفيرة الأردنية لدى المغرب جمانه غنيمات.

وبين أن الأزمات الأخيرة منذ جائحة كورونا، دفعت حوالي 169 مليون شخص في العالم إلى خط الفقر، كما أنه ووفق البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة، كان هناك أكثر من 736 مليون شخص في عام 2015 يعيشون تحت خط الفقر الدولي، وعشرة بالمئة من سكان العالم ما قبل جائحة كورونا يعيشون في فقر مدقع، ويكافحون من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية، مثل التعليم والصحة ومياه الشرب.

وأضاف أن “هذه الأرقام المخيفة لنسب الفقر والجوع، لم تدفع المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لتحمل المسؤولية والسعي الجاد لوقف مختلف الصراعات والنزاعات، بل على العكس فإنه وفي ظل هذا الفشل ازدادت الصراعات، وازداد معها بيع أسلحة التدمير والقتل، حيث يشير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إلى أن نسبة مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة عالمية بلغت 596 مليار دولار بنهاية عام 2022″، مشيرا إلى أنه لو استخدمت المبالع التي تنفق على هذه التجارة السوداء، في قضايا التنمية ومواجهة الاحتباس الحراري والتغير المناخي لكان عالم اليوم مختلفا وخاليا من الجوع والصراعات.

وأكد أن العديد من دول العالم تناست عن قصد وسابق إصرار الحقيقة الساطعة التي تؤكد أنه؛ عندما يحل السلام والأمن وتنعم الشعوب بالحرية والاستقلال عند ذلك فقط نستطيع التغلب على الصراعات والتحديات، وتترسخ حينها قيم العدالة الاجتماعية والحريات العامة، ومبادئ سيادة القانون، ويتمكن عالمنا من تجاوز مشكلات التغير المناخي والتنمية المستدامة.

وأضاف أنه “عندما يحل السلام، تتعزز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية، وتتقلص فجوات الفقر والبطالة، وفجوة المعرفة والتكنولوجيا بين الدول والشعوب، الأمر الذي يمكننا من بناء مجتمع إنساني خال من الدمار والعنف والفقر والجوع”.

وأشار إلى أن آخر الصراعات والأزمات التي يعيشها عالمنا اليوم، هي حرب الإبادة الجماعية والعدوان الغاشم، الذي تشنه دولة الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، هذا العدوان الذي تسبب في قتل الآلاف من الأطفال والنساء، وسقطت فيه القيم الإنسانية والأخلاقية، ومبادئ حقوق الإنسان، والحريات العامة، بعد أن أصبح عالمنا يكيل بمكيالين، وترك دولة الاحتلال الإسرائيلي، دولة خارجة على القانون، تضرب بعرض الحائط كافة القرارات والمواثيق الدولية، والقانون الدولي الإنساني.

وبين أن بلدان “جنوب – جنوب” وفي ظل محاولات السيطرة والهيمنة، التي تسعى دولا شتى فرضها عليها، يجب أن تدرك بأن الطريق نحو معالجة التحديات التي تواجهها يتطلب منها تجاوز خلافاتها وتعزيز تضامنها، والبناء على القواسم الثقافية والحضارية والقيم المشتركة التي تجمعها، وأن تسعى إلى زيادة التعاون المشترك بينها وبمختلف المجالات.

وقال إن البرلمانيين والبرلمانات ومجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة مطالبة بتفعيل دورها وبناء جسور التعاون على مختلف المستويات، والعمل على تعزيز الشراكات الاستراتيجية بمختلف القطاعات، وتحقيق التكامل والتنمية المستدامة بين دول “جنوب – جنوب”.

ودعا إلى ضرورة تفعيل الدبلوماسية البرلمانية لتجاوز الخلافات، والبحث عن حلول لمختلف التحديات التي تواجه هذه الدول، والعمل مع الحكومات لجهة بناء علاقات بين دول “جنوب – جنوب”، علاقات تكون قائمة على الاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة، والسعي أيضا إلى بناء التكتلات الاقتصادية والسياسية بين هذه الدول لمواجهة سياسات الاستقطاب والهمينة، مبينا بذات الوقت أن هذا الأمر يتطلب تعزيز روابط التعاون بين دول “جنوب – جنوب” والعمل المشترك بين المؤسسات التشريعية، فهذا الأمر يعد خيارا استراتيجيا للتنمية المستدامة، وأداة أساسية لتمتين المصالح الاقتصادية والاندماج مع الاقتصاد العالمي.

وقال إن التعاون بين بلدان “جنوب – جنوب”، يشكل أيضا ركيزة أساسية وأحد أهم وسائل التعاون لمساعدة الدول النامية على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية وتحقيق التنمية، خاصة إذا أدركنا أن غالبية دول “جنوب – جنوب” تتمتع بإمكانات كبيرة مالية وبشرية وثروات طبيعية تمكنها من النمو والازدهار وتوفير الفرص الحقيقية للتنمية المستدامة.

وطالب بضرورة وضع خارطة طريق وأهداف واضحة وعملية تعيد التعاون بين دول “جنوب – جنوب” إلى المسار الصحيح وبما يمكنها من النهوض بمختلف المجالات من خلال بناء شراكة استراتيجية اقتصادية واستثمارية وتجارية، مؤكدا اهمية أن تعمل خارطة الطريق على تتجاوز الاختلاف في المواقف السياسية، الأمر الذي من شأنه أن ينهض باقتصادياتها ويحقق طموحاتها ويمهد الطريق نحو التكامل بمختلف المجالات، وداعيا إلى أخذ العبرة من دول الاتحاد الاوروبي التي استطاعت بناء وحدة اقتصادية حفاظا على مصالحها، لذلك يجب أن يكتسب موضوع مواجهة التحديات المشتركة أهمية قصوى من قبل المجالس البرلمانية والشورية.

وأكد أهمية تطوير مختلف آليات التعاون الثنائية والمشتركة بين دول “جنوب – جنوب”، للوقوف على نقاط القوة والضعف في علاقاتها البينية وإنشاء مؤسسات عمل فاعلة، إضافة إلى دعم مختلف المبادرات المتعلقة بتفعيل التعاون، ومواجهة التحديات المرتبطة بالمتغيرات الجيوسياسية العالمية التي ساهم في تناميها مؤخرا تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

وخلال جلسات العمل للمؤتمر ترأس الفايز بحضور رؤساء المجالس البرلمانية ومجالس الشورى والروابط البرلمانية جلسة العمل الأولى للمؤتمر وعنوانها “تعزيز الحوار السياسي والأمن الاقليميي في إفريقيا والعالم العربي ومنطقة أمريكيا اللاتينية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار”.

ويناقش المؤتمر على مدى يومين عددا من القضايا والموضوعات المتعلقة بتعزيز الحوار السياسي والأمن الاقليمي في إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية من أجل تحقيق السلام والازدهار، إضافة إلى قضايا التحول الاقتصادي والتكامل الإقليميين والتنمية المشتركة وأهمية السياسات المرتبطة بتعزيز الشراكات الاستراتيجية وتشجيع الاستثمار والتكنولوجيا والقدرات التنافسية وموضوعات متعلقة بالتنمية المستدامة والطاقة والمياه.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق