خذلان أميركي جديد

سميح المعايطة

خذلان أميركا لحلفائها في المنطقة العربية يتكرر بين حين وآخر، والقصة ليست مفاجئة فأميركا تبحث عن مصالحها وأولوياتها، لكن حتى تلك المصالح فهي في مستويات وأولويات يغيب العرب عن أهميتها أحيانا كثيرة.
العدوان الصهيوني على غزة محطة جديدة من محطات الخذلان الأميركي لحلفائها في الإقليم، ولم يكن متوقعا ألا تكون أميركا منحازة لإسرائيل لأن هذا الأمر من حقائق الكون وليس فقط من بديهيات السياسة الأميركية، لكن حالة الذوبان لأميركا في العدوان العسكري الإسرائيلي والمشروع السياسي لهذا العدوان وصلابة التأييد السياسي والتفويض الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل كان مختلفا عن كل ما سبق، وخاصة من إدارة بايدن التي كانت تظهر تباينات مع نتنياهو إلى ما قبل العدوان بأسابيع.
وحتى الدول العربية التي تختلف مع حماس ولديها تباينات سياسية معها، فإن استمرار العدوان لهذه الأشهر الطويلة بكل خسائره البشرية والقتل والموت والنزوح الداخلي والجوع ونقص الإمدادات المعيشية يشكل ضررا لها سياسيا وإنسانيا، كما أن استمرار العدوان كما تسعى له إسرائيل سيذهب بالقضية الفلسطينية إلى تصفية وكل الأذى سيلحق بالشعب الفلسطيني الذي يقدم الشهداء والجرحى ويتعرض لأوضاع إنسانية خطيرة، إضافة إلى آثار هذا العدوان على استقرار المنطقة اقتصاديا وسياسيا. كذلك فإن الدول التي تؤمن بالسلام وتدعمه فإنها اليوم الأكثر تضررا مما يجري في غزة، فمصر والأردن والسلطة الفلسطينية تتعامل مع خطر التهجير الذي لا تخفي إسرائيل نواياها ولا خطواتها العملية في إتمامه في غزة وأيضا خطره في الضفة الغربية، وهما دولتان من الدول الأقرب إلى واشنطن بل وهناك شراكات في ملفات كبرى في الإقليم مثل الإرهاب والتطرف وملفات مهمة أخرى.
في ذاكرة حلفاء أميركا ما جرى في فترة ما يسمى الربيع العربي حيث ذهبت الإدارة الأميركية إلى تفاهمات كان ضحيتها بعض الأنظمة السياسية الأقرب لواشنطن، إضافة إلى التعامل الأميركي مع إيران الذي كان متخما بالتهديدات منذ مجيء الخميني وحتى اليوم لكن كل سياسات واشنطن كانت بوابة إيجابية لإيران لتوسيع نفوذها في المنطقة وفق الخريطة التي نراها اليوم والتي يدفع ثمنها الدول وشعوب عربية.
ليست حالة مفاجئة مكانة إسرائيل لدى أميركا، لكن سياسة واشنطن فيما يتعلق بالعدوان على غزة فلم يكن في معادلتها إلا إسرائيل دون مراعاة مصالح حلفائها في الإقليم الذين يشعر بعضهم بالخذلان مرة أخرى من واشنطن…






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق