تنمية المحافظات.. من جديد

سميح المعايطة

منذ أن تولى الملك سلطاته الدستورية كانت تنمية المحافظات بندا مهما في تفكيره وبرامجه، وكانت هنالك مسارات لتحويل هذا الاهتمام إلى واقع، وكان هناك نجاح في تحقيق بعض الخطوات والمشاريع وخاصة ما يتعلق منها بالاستثمارات والتنمية المحلية والبنية التحتية، وكانت فكرة صندوق تنمية المحافظات التي كانت مهمة كفكرة لكنها للأسف انتقلت من حكومة إلى أخرى وتحولت في نهاية المطاف إلى صندوق في وزارة.
وحتى فكرة اللامركزية أو مجالس المحافظات التي تم طرحها أول مرة لكنها واجهت تشكيكا سياسيا في غير مكانه، ثم عادت عبر قانون مجالس المحافظات فإن المقصود كان وما زال أن يكون مجلس المحافظة الممثل لأهل المحافظة هم أصحاب القرار التنموي والخدماتي لمحافظتهم، لكن الفكرة عندما تحولت إلى واقع كانت شيئا مختلفا مثل أفكار أخرى مهمة ضاع جوهرها عند التطبيق وإنتاج التشريع.
وبعيدا عن تقييم ما كان من إدارة الحكومات لهذا الملف، وما تم إنجازه، وكيف كان موقع هذا الأمر في برنامج واهتمامات كل حكومة، فإن ملف تنمية المحافظات ما زال من الملفات التي تستحق أن يتم إعادة إنتاجها بشكل يخدم المحافظات، ونتحدث هنا عن الخدمات والبنية التحتية والأهم التنمية الاقتصادية التي تخفف نسب الفقر والبطالة في المحافظات، وتخفف من كون معظم محافظاتنا اليوم طاردة لأبنائها لعدم توفر فرص العمل فيها.
تنمية المحافظات هي المقياس الأهم في رفع مستوى أداء الدولة اقتصاديا وخدماتيا، لأن هذه المحافظات هي الأهم في خريطة السياحة الأردنية، وهي الأهم في الخريطة الزراعية أي الإنتاج الزراعي وارتباطه بالأمن الغذائي الذي يحظى باهتمام الملك.
والمحافظات عنوان سياسي ووطني مهم، وقد أثبتت الأحداث والمراحل الصعبة والقلقة خلال أكثر من 15 عاما أن المحافظات فيها مخزون وطني وسياسي مهم، وأن التنمية في هذا الجزء من الدولة الأردنية مهم أيضا للأمن السياسي للدولة، ومهم أيضا لنجاح مسار التحديث السياسي الذي نشهد بداياته، فالمحافظات تاريخيا هو المنتج الأهم للقيادات والعمل الحزبي في الأحزاب الأردنية وحتى في بعض القوى السياسية والفصائل ذات الارتباطات الأخرى.
ولعل ما ساهم في إضعاف ملف تنمية المحافظات تراجع أشكال التواصل الحقيقي بين الحكومات والمحافظات، فهناك حكومات جاءت ورحلت ولم تقترب من المحافظات وأبنائها، وهنالك حكومات كان تركيزها في عمان، وحكومات اعتقدت أن تنمية المحافظات هي الحديث عن أهمية المحافظات دون أن تترجم الحديث إلى برنامج عمل.
مهم جدا ولكل مسارات عمل الدولة أن تعود تنمية المحافظات إلى رأس أولويات الدولة، وأن يكون لدى كل حكومة برنامج حقيقي في هذا المجال، بما في ذلك إعادة الروح لفكرة مجالس المحافظات التي لم تترك لمسة في تنمية المحافظات ليس بسبب المجالس بل بسبب التشريع والصلاحيات والتمويل.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق