في ظلال الاستقلال

عصام قضماني

هذه مناسبة عظيمة تستحق الاحتفال لأن الأردن حافظ على استقلاله في وسط مضطرب.

العقدان الأخيران كانا غاية في الصعوبة فقد هبت أعاصير كثيرة اقتلعت كثيرا من الأشجار التي كنا نظن أنها راسخة، شجرة الأردن ذات جذور صلبة امتزج فيها شعب مؤمن مع نظام متسامح في تشابك صاغته معاني العروبة والإيمان بالأمة وهي إن كانت هذه الأمة في حالة ضعف وشتات لكنها تبقى أنك استكملت لها عناصر النهوض وستنهض. وإن كانت تبدو خاملة.

يحتفل الأردن بالاستقلال وعينه على فلسطين البوصلة التي تواجه آخر أشكال الاستعمار والاحتلال، الذي تجمع في أبشع صوره ليظهر أوقح وجها على مر التاريخ، وإن كان الأردن يفرح في مناسبة استقلاله إلا أنه فرح بطعم المرارة لأن ما يقوم به الاحتلال الصهيوني من مذابح دانها العالم أجمع تجرعنا طعم المرارة والألم وسيبقى طعمها ينقص من فرحنا إلى أن يأذن الله.

يمر الاستقلال الأردني والعالم يتغير، فإسرائيل التي تتباهى بإجماع العالم حولها تعاني عزلة لم تشهدها منذ 75 عاما وتعاني نقمة لم تواجهها منذ أصبحت كيانا فرضه الاستعمار بينما كان يغادر بلادنا.

هل انقشع الزيف؟ لا زالت الطريق طويلة كي يستقر العالم على زيف هذا الكيان ومرارة الخديعة التي لفت العالم بتزوير التاريخ.

مر الأردن بفترات صعبة كثيرة، ومر أيضًا بفترات راحة ورفاه لكن بالمقاييس كانت المصاعب والأزمات أكثر عددًا وأطول أمدًا، وصعوبتها تكمن في أنها مستوردة ومفروضة لكن ظل للاستقلال قيمته المتجددة، والاحتفال به يعيد إلى الأذهان معاني السيادة والدول تتخذ منه مناسبة للإنتاج والسعي للازدهار وتوطين الثروة وتحقيق الازدهار والمنعة لما كان يفعله الاستعمار بسلب السيادة ونهب الثروات ونشر التخلف والضعف والهوان.

منذ الاستقلال والأردن يواجه تحديات متعددة تجاوز معظمها بالتناقض معها، فتجاوز حدوده الجغرافية المعقدة بالانفتاح على العالم وواجه موارده المادية المحدودة بقواه البشرية وكان الانفتاح والتحرر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحل.

انتقال الأردن من إدارة الازمات التي فرضت عليه كطريقة للنجاة من كل التحديات التي مرت على مدى العقود السابقة إلى التخطيط قصير وبعيد الأمد أو بمعنى آخر من الدفاع إلى الهجوم في ظل منافسة محمومة على مستوى المنطقة والعالم المتغير والتعامل مع أحداث وتقلبات ومفاجآت في بيئة لا تخضع للتوقعات.

الأردن بلد صغير وفتي وفق مقاييس أعمار الدول الحديثة لكنه يستيقظ كل يوم على أزمات معظمها مستورد بعضها يعرقل نموه لكن كلها تزيده صلابة ومنعه وخبرة.

دول كثيرة وكبيرة في المنطقة اهتزت فقدت سيادتها الوطنية وبعضها فقد ما هو أكثر وأغلى من الثروات فقد السيادة والقرار.

ودول في طريقها لأن تفقد الهيمنة والتفوق بعد أن خسرت معركة الأخلاق التي روجتها بفضل التضليل وسرقة الآمال والأحلام.

انظروا إلى وضع إسرائيل في عالم اليوم!!.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق